أكد الخبير التنموي د. نادر فرجاني رئيس تحرير «تقرير التنمية العربي» أن مصر تمر الآن بمنعطف «تاريخي» أعاد لتلك الكلمة هيبتها بعد أن ضاعت في المنطقة العربية وشدد علي أهمية أن تكون المناصب في مصر بالانتخاب الحر المباشر في رعاية القضاء المستقل سواء انتخابات رئاسية أو محليات، متطرقا في حديثه معنا إلي تقييمه لأداء شباب الثورة الذي قال إنهم يواجهون ضغوطا هائلة من المجلس الانتقالي للبلاد لمحاولة اسكاتهم عن فعلهم الثوري، مؤكدا أن هناك عديد من البلدان في المنطقة والعالم يسعي إلي اجهاض الثورة في مصر، لأن ليس في صحالها أن تكتمل، وهناك عديد من القضايا الأخري التي تحدث فيها معنا د.فرجاني عبر الحوار التالي: كيف تري الواقع المصري بعد ثورة 25 يناير؟ مصر تعيش في مفترق طرق تاريخي بعد أن أهدرت مكانتها في المجتمعات العربية، وبدا يتضح أن السلطة الانتقالية ليست بالضرورة حامية للثورة، ومفترق الطريق الحالي ينفتح علي مخاطر كبري يمكن أن يؤدي إلي محاولات لاجهاض الثورة في حين لن يستطيع أحد اجهاض الثورة لأن الشعب المصري بعد ثورة 25 يناير أصبح أكثر وعيا بمستقبله. ما تعليقك علي إعادة تفعيل قانون الطوارئ عقب أحداث «السفارة الاسرائيلية»؟ هذه حجة المسئول الأول عن أحداث السفارة الاسرائيلية هو تقاعس السلطة الانتقالية عن تطهير البلاد من بقايا النظام السابق الذي قامت الثورة بإسقاطه وهؤلاء البلطجية المستأجرون ربما من بقايا جهاز أمن الدولة السابق وهم الذين هاجموا مقرات وزارة الداخلية، ودفع لهم الأثرياء من بقايا الحزب «اللا وطني» هذا التقاعس أدي إلي اشاعة حالة من الفوضي التي قد تؤدي إلي وقيعة بين الجيش والشعب. ما الطريقة المثلي للتعامل مع إسرائيل في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد؟ الطريقة المثلي أن تتصرف مصر كدولة لها كرامة، تحافظ علي كرامتها وكرامة مواطنيها، وللأسف فإن السلطة الانتقالية مازالت تطبق السياسة الخارجية التي اتبعها النظام المخلوع في المحيط الاقليمي حيث كان النظام حريصا علي العلاقات المصرية الاسرائيلية في حين أن إسرائيل لم تبادلهم هذا الود ولم يستمع أحد لرئيس الوزراء عندما قال، إن اتفاقية كامب ديفيد ليست مقدسة» ولاتوجد اتفاقية في الكون مقدسة وإسرائيل من جانبها استدعت السفير المصري لديها وعنفته علي هذا التصريح في حين أن المجلس العسكري وحكومته لم يقوما باستدعاء السفير المصري من إسرائيل أو حتي باستدعاء السفير الإسرائيلي بالقاهرة لتعنيفه علي مقتل ستة من أبناء مصر الأبرار، هذا ما أعطي الفرصة لرئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان لكي يعطي مصر درسا بليغا في كيفية حفاظ الدولة علي كرامتها وهذا هو سر الاستقبال الشعبي الحافل الذي لاقاه «أردوغان» في مصر لأن الشعب المصري يتعطش إلي زعامة حقيقية، فتعطشهم هذا وجد في أردوغان هدفا ملائما، والحقيقة الرجل يستحق. ما ملامح العقد الاجتماعي الذي تحتاجه مصر بعد ثورة 25 يناير؟ هذا العقد الاجتماعي لابد أن يتضمن الاحترام الكامل لحقوق الانسان ولجميع البشر علي أرض مصر، ثم احتراما لجميع الحقوق السياسية للمواطنين كافة، بغض النظر عن الجنس أو الدين، أضف إلي ذلك حاجة مصر إلي تنظيم اجتماعي يضمن عدم تكرار الآثام التي تركها نظام الحكم الساقط، مثل الفقر وتزايد الفوارق الاجتماعية، وإهمال الرعاية الصحية، والحق في سكن يليق بالانسان، ويكمل: هذا كله نظام حكم ديمقراطي سليم يقوم علي العناصر الآتية: أن يكون شغل المناصب بالانتخاب الحر المباشر، ليس منصب رئيس الجمهورية فقط ولكن المجالس المحلية والمحافظين وقيام مجالس تشريعية ونقابية بالانتخاب الحر المباشر، يحميها قضاء مستقل تمام الاستقلال وكل هذا يضمن النزاهة الوطنية ويمنع تكرار المستوي البالغ من الانحطاط الذي شهدناه طوال حكم النظام السابق. هل تخشي سيطرة فصيل سياسي معين علي الانتخابات القادمة؟ بكل تأكيد لست مع اقصاء أي فصيل سياسي أيا كان، وجزء من نجاح ثورة يناير هو ضمان الحقوق للجميع علي قدم المساواة، كما أشرت ولقد تمتعت التيارات الاسلامية المتشددة في ظل السلطة الانتقالية الحالية بفرصة أكثر مما تستحق في منظور تاريخها السياسي في حين أن بعضهم انتهي بمراجعات وأحكام تؤيد النظام السابق ولم يشاركوا في فعاليات الاحتجاج الشعبي ضد النظام السابق، ولكن المجلس العسكري قدم التيارات الاسلامية باعتبارها طليعة وصفوة المجتمع الجديد وصرح لسبعة أحزاب بالمخالفة للقانون حيث سمح لها بالتأسيس علي أساس ديني والدليل أن هذه التيارات أطلقت تصريحات تنذر بشر مستطير في مجال احترام الحقوق المدنية السياسية للنساء وغير المسلمين فالخوف أن هذه التيارات تتبع نظام الاسلام المتشدد الذي يمكن أن يجهض الحقوق المدنية السياسية للنساء ولغير المسلمين، ومن الممكن أن يكون لها أغلبية في المجالس التشريعية المنتخبة في ظل الاوضاع القائمة، وخطورة ذلك أن المجلس القادم سيكون منوطا به وضع الدستور الجديد والخشية كل الخشية أن تتسلل إلي الدستور الجديد بعض توجهات هذا التيار الاسلامي المتشدد بما يضر بفرصة حكومة ديمقراطية سليمة وهذا يمكن أن يؤدي إلي نكسة مؤقتة في نيل غايات ثورة الحرية والعدل للجميع علي أرض مصر. كيف تقيم أداء شباب الثورة الآن؟ شباب الثورة في أزمة حقيقية والأزمة ليست فقط داخلية ولكنها نتيجة لضغوط هائلة يخضعون لها من السلطة الانتقالية، ويبدو أن محاكمة الطاغية المخلوع هي آخر تنازل سيسمح به للثورة، وبدأت بعدها في إجهاض كل محاولات الفعل الاحتجاجي سواء بالتظاهر أو الاعتصامات وعقاب من يقدم علي مثل هذه الافعال بتحويله إلي الاحكام العسكرية كما تم تجريم بث الشائعات وهذا أسوأ المراحل في الارهاب بقانون الطوارئ وهو التجريم غير المباشر للتعبير عن حرية الرأي وكأن المجلس يحرم حرية التعبير التي أقرها في إعلانه الدستوري في مارس الماضي وهو تكميم الأفواه، والاحتجاجات والمظاهرات هما الوسيلتان الوحيدتان لمساءلة المجلس العسكري والحكومة ويفترض أن هذا الاعلان يقر الحقوق الاساسية للمصريين. ومن جانب أخر انتزع المجلس العسكري جميع سلطات رئيس الجمهورية حيث أصدر المجلس الاعلان الدستوري بدون استشارة شعبه، كما أضاف إليها سلطة التشريع ووضع نفسه محل الحاكم المطلق. ومقولة إن المجلس يدير ولا يحكم أكذوبة لأن المجلس العسكري يملك سلطات التشريع والتنفيذ، والمجلس بذلك يهدر الحقوق التي أقرها في إعلانه الدستوري وإذا استمر منع التظاهر أو الاعتصام سوف يقوم الشعب المصري بثورة شعبية عارمة إذا أدار السلطة الانتقالية بشكل غير مرض للشعب أو إذا أدي هذا الاداء غير المرضي إلي ظهور قوة سياسية تختطف الثورة وتجهضها. كيف تنظر إلي التمويل الخارجي الآتي إلي الحركات السياسية؟ هذا غير مستغرب لأن السلطة أقرت الاعتماد علي المال القادم من الخارج وهناك قوي إقليمية وعالمية لا يسرها علي الاطلاق أن تنجح ثورة مصر نجاحا كاملا وستحاول اختطاف هذه الثورة ومحاولة اجهاضها، وعقلية الاعتماد علي الخارج تأسست في النظام السابق ومازالت مستمرة وهناك قوي اقليمية وعالمية تبحث عن تيارات داخلية يمكن أن تساعدها في تحقيق أهدافها في مقاومة نجاح الثورة. كيف تري التعاون المصري التركي وتأثيره علي إسرائيل؟ لن يكون هناك تأثير ضخم علي إسرائيل مابقيت مصر ضعيفة وسيظل تأثير هذا التعاون هامشيا طالما أن مصر لم تسترد عافيتها، الدور المصري حاليا هش وضعيف ومتردد. من الشخص الذي ترشحه لرئاسة مصر؟ السؤال أكاديمي لأن بعض الذين كنت أقدرهم قبل الترشح للرئاسة فقدوا مصداقيتهم بعد ترشحهم للرئاسة ولا أريد الدخول في التفاصيل ولا أحد أعلن برنامجه حتي الآن وهم يتبارون في القفشات الإعلامية ولكن لايوجد برنامج لأي منهم حتي الآن.