أعلى عائد من البنك الأهلي لمدة 3 سنوات    أسعار اللحوم اليوم الجمعة 9 مايو 2025    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    رئيس مصلحة الضرائب: رفع نحو 1.5 مليار وثيقة إلكترونية على منظومة الفاتورة الإلكترونية حتى الآن    وزير الري يؤكد سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ دعما للمستثمرين    بمشاركة السيسي.. الرؤساء يضعون الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول بحديقة الكسندروفسكي بموسكو    «الصحة» تُطلق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد والجهاز الهضمي    الصحة تطلق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد والجهاز الهضمي باستخدام تكنولوجيا التطبيب عن بعد    ميرتس يدعم اقتراح ترامب بعقد هدنة في أوكرانيا    محمد صلاح يحصد جائزة "لاعب الموسم" من رابطة الكتاب 22 مايو    الأرجنتيني الأول من 5 سنوات.. ماك أليستر لاعب شهر إبريل في الدوري الإنجليزي    بسبب حادث سير.. تغيير في طاقم تحكيم مباراة الزمالك وسيراميكا    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    تواجد صلاح ومرموش.. أفضل 11 لاعبا للجولة 36 من فانتازي الدوري الإنجليزي    ضبط 371 قضية مخدرات و180 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    وزيرة البيئة: التمويل وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا عوامل مُمكّنة وحاسمة للعمل المناخي    حماس تهنئ بابا الفاتيكان الجديد وتوجه رسالة له    سقوط شبكة دولية لغسل 50 مليون جنيه من تجارة المخدرات بمدينة نصر    سنن النبي وقت صلاة الجمعة.. 5 آداب يكشف عنها الأزهر للفتوى    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    خلافات عميقة وتهميش متبادل.. العلاقة بين ترامب ونتنياهو إلى أين؟    بوتين: روسيا ستبقى قوة عالمية غير قابلة للهزيمة    5 حالات اختناق بمنزل وحادث اعتداء على سوداني بالجيزة    مروان موسى ل«أجمد 7» ألبومى الجديد 23 أغنية..ويعبر عن حياتي بعد فقدان والدتي    حفيدة الشيخ محمد رفعت: جدى كان شخص زاهد يميل للبسطاء ومحب للقرآن الكريم    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني للطلبة المصريين في الخارج غدا    إنفانتينو يستعد لزيارة السعودية خلال جولة ترامب    جدول امتحانات خامسة ابتدائي الترم الثاني 2025 بالقليوبية «المواد المضافة للمجموع»    اقتحام مستشفى حُميّات أسوان بسلاح أبيض يكشف انهيار المنظومة الصحية في زمن السيسي    طريقة عمل العجة المقلية، أكلة شعبية لذيذة وسريعة التحضير    «دمياط للصحة النفسية» تطلق مرحلة تطوير استثنائية    أسعار الدولار أمام الجنيه المصري.. اليوم الجمعة 9 مايو 2025    جوميز: مواجهة الوحدة هي مباراة الموسم    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9- 5- 2025 والقنوات الناقلة    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    أحمد داش: الجيل الجديد بياخد فرص حقيقية.. وده تطور طبيعي في الفن    زعيم كوريا الشمالية يشرف على تجارب لأنظمة صواريخ باليستية قصيرة المدى    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    منح الدكتوراه الفخرية للنائب العام من جامعة المنصورة تقديرًا لإسهاماته في دعم العدالة    تفاصيل لقاء الفنان العالمي مينا مسعود ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    الجثمان مفقود.. غرق شاب في ترعة بالإسكندرية    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    وسائل إعلام إسرائيلية: ترامب يقترب من إعلان "صفقة شاملة" لإنهاء الحرب في غزة    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    البابا تواضروس يعود إلى أرض الوطن بعد زيارة رعوية استمرت أسبوعين    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.نادر فرجانى: محمد على بنى مصر ومبارك هادمها
نشر في الوفد يوم 03 - 09 - 2011

أكد الدكتور «نادر الفرجاني» خبير التنمية البشرية العربية أن موازنة مصر مازالت تحمل أشكالاً كثيرة من الإنفاق السفيه
في شكل الصناديق الخاصة التي كان يطلق عليها بالمصاريف السرية للمسئولين السابقين دون محاسبة أو مراقبة.. وأن الإصلاح الاقتصادي في عصر مبارك كان خدعة كبري لتشكيل عصابي فاسد ومتكامل للنهب المنظم لموارد الدولة وأصولها.. بعد ما أسس «مبارك» نظامه علي تزاوج السلطة بالمال معتقداً أن هذا سيكون في صالح استمرار نظامه.. الذي وصفه بأنه هادم مصر الحديثة.. وطالب بإعادة تقييم المعاهدات الدولية التي أبرمتها مصر في ظل نظام حكم فاسد، بل وفساده يقارب الخيانة العظمي للبلاد، محذراً من تغول التيار الإسلامي المتشدد خاصة بعد حمايته من السلطة الانتقالية.. خاصة أنها قد تعيد العلاقة المتفجرة بين السلطة الانتقالية والتيارات الإسلامية كما حدث بينهما في يوليو 2591.
كيف تري المشهد المصري الآن؟
- مرت 6 شهور علي ثورة 52 يناير، والمؤكد توجد إنجازات رائعة، لكن المشهد الآن ينفتح علي بدائل بعضها مبشر وبعضها خطير، لأنها لحظة تقتضي أكثر من أي وقت مضي الحرص علي تحقيق غايات الثورة واكتمالها، لضمان إقامة البناء القانوني للدولة ومؤسساتها التي تضمن تحقيق الحرية والكرامة والعدالة لكل مواطني مصر.. وهي لحظة لاستمرار الفعل الثوري لأن السلطة الانتقالية الحاكمة المتمثلة في المجلس الأعلي للقوات المسلحة وحكومته لأني لا أراها حكومة ثورة لأنها لا تستجيب لمطالب الثورة إلا تحت ضغط.. ولولا الموجة الثانية من الثورة في 8/7 ما كانت الحكومة اتخذت بعض الإجراءات الجريئة أو حتي تطرقت إليها.
أي البدائل الخطيرة تقصد؟
- تتمثل في حرص السلطة الانتقالية علي عدم تطهير أرجاء المجتمع المصري من بقايا النظام الذي قامت الثورة بإسقاطه سواء في الحكومة أو الاقتصاد أو المجتمع ككل بما في ذلك الإعلام.. وجانب آخر من الخطورة هي احتمال تحالف قوي بين السلطة الحاكمة بمعناها المجلس الأعلي وحكومته وبين التيارات الإسلامية المتشددة والذي يمكن أن يؤدي إلي إجهاض جزئي لغايات الثورة.. وعلي سبيل المثال إذا حدث هذا التحالف سيتمخض عن دستور ينتقص من حقوق بعض فئات المواطنين مثل النساء والأقباط، وهذا وجه الخطورة الشديدة ويجب التنبيه إليه والحرص علي عدم حدوثه.
هل توجد شواهد علي ذلك؟
- بالطبع الشواهد قائمة فمثلاً نجد المتحدث باسم الجماعة الإسلامية يتحدث باسم المجلس العسكري، ورغم أن عدداً كبيراً من القوي السياسية التي شاركت في الثورة توافقت علي بعض المبادئ الإسلامية الحاكمة لمبادئ الدستور فأصبحت كل التيارات الإسلامية ترفضها رفضاً مطلقاً وهذا لا يعني أن هذا التيار يظن أنه سيكون له الغلبة في البرلمان المنتخب وأنه سيضع الدستور كما يحلو له.. لأن هذا التيار بكل أطيافه المختلفة سواء إخوان أو سلفيين يحضوا علي إقامة دولة دينية وليس كما يقال دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية ولكنها دولة دينية تطبق الشريعة الإسلامية بحذافيرها أي بأشكالها وليس بمقاصدها.. وهذا لأنه هناك نوع من الاصطفاف غير العقلاني بين التيارات الدينية وبين السلطة الانتقالية ويظهر هذا في أي خلاف ينشأ بين القوي الوطنية وبين المجلس العسكري مع أنه أمر طبيعي طالما المجلس العسكري تصدي لوظيفة الحكم.
كيف والمجلس الأعلي للقوات المسلحة يدير ولا يحكم؟
- لا.. هذه فكرة خاطئة لأن المجلس العسكري يدير ويحكم والإعلان الدستوري الذي أصدره يتضمن أن لديه كل السلطات التنفيذية لرئيس الجمهورية، بالإضافة إلي كل السلطات التشريعية المطلقة بدون أي رقابة أو مساءلة.. وهذا الاصطفاف بين المجلس العسكري والتيار الديني خطر علي الديمقراطية الحقيقية التي قامت من أجلها ثورة يناير.
كيف تري أحداث العباسية المؤسفة؟
- مع أني أفضل انتظار لجان تقصي الحقائق، خاصة اللجنة التابعة للمجلس القومي لحقوق الإنسان.. إلا أن مجمل المعلومات المتاحة تؤكد أنها إعادة علي نطاق مصغر لموقعة «الجمل» وأغلب الظن أن عناصر تدين بالولاء إن لم تكن بالتمويل والتخطيط لفلول الحزب (اللاوطني) الساقط المنحل، وبعض فئات من جهاز أمن الدولة الذي مازال قائماً برغم تغيير الاسم والشكل إلا أنه مازال يعمل وهذا التحالف الشرير أسفر عن أحداث العباسية ولكن المأساة هذه المرة يبدو أنه كان هناك رعاية من أجهزة تابعة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة ممثلة في أجهزة الأمن المركزي التابع لوزارة الداخلية للإيقاع بالمتظاهرين تحت وطأة البلطجية المستأجرين.
بعض هذه الأحداث هل أساءت للعلاقة بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة وبين الثوار؟
- بالتأكيد فالعلاقة توترت، وزاد من توترها الهجوم المجاني من بعض قيادة المجلس العسكري إلي بعض فصائل الحركة التي شاركت في الثورة بدون أي دليل ولو كان لديهم دليل كان يجب أن يقدم للقضاء ولكن أن تكال الاتهامات جزافاً فهذا غير مقبول وتوجد أسباب أخري للتوتر منها تباطؤ المجلس العسكري وحكومته في إنجاز الإجراءات التي تؤدي إلي الحرص علي اكتمال الثورة.. وكأن هناك نية لتوتير العلاقة عمداً وهذا غير مطلوب وغير مفيد.
كيف وقد استجاب المجلس الأعلي إلي التغيير الوزاري الأخير؟
- ما حدث هو نصف ما كان يجب أن يحدث والحق أنه تم التخلص من بعض الوجوه الفاسدة التي كانت تنتمي إلي النظام السابق، ومع هذا، العناصر التي أضيفت إلي الوزارة ليست عناصر ثورية ومن الممكن أن نتوقع أن تتكامل في حس ثوري حقيقي سريع يؤدي إلي الحرص علي الثورة وضمان تحقيقها.
مثل من؟
- مثل الدكتور «حازم الببلاوي» وهو صديقي وأحبه حباً كبيراً وأشهد له بأنه اقتصادي ليبرالي محترم ولكن يجب أن نفهم أنه طوال (03) سنة لم يكتب كلمة نقد واحدة ضد النظام السابق، ولا ضد سياساته الاقتصادية الحقيرة، و«الببلاوي» هو وجه كان يمكن أن يكون وزير مالية أو رئيس وزراء في ظل نظام «مبارك» ولكن كل التقدير لشخص «الببلاوي» وعلمه.
كل القرارات الآن يتم الاعتراض عليها؟
- ما حدث هو نصف إنجاز ونتمني أن يتم التعويض عنه بقرارات جريئة يجري تنفيذها، ولا نريد قرارات بمثابة فرقعات لا يجري تنفيذها بالكامل علي أرض الواقع.. ثم إن المجلس العسكري وحكومته لا يتخذان قرارات جذرية إلا بضغط من الشارع.
قلت إن المجلس العسكري يحكم ويدير.. فهل لديه النية لتسليم السلطة؟
- المجلس يريد تسليم السلطة ولكن هناك احتمالاً كبيراً بأن تكون بدون قطع الصلة مع المؤسسة العسكرية، بمعني أن يكون الرئيس القادم من المؤسسة العسكرية وأشتم هذا من التصميم المتكرر علي أن تبقي السلطات التنفيذية لرئيس الجمهورية سلطات مطلقة أن يعين نائباً له ورئيس الوزراء والوزراء ويعفيهم أيضاً، والدلالة علي ذلك إعلانهم عن استطلاع رأي قام به المجلس العسكري علي «الفيس بوك» وزج به بعنصرين لم يعلنا عن ترشيحهما للرئاسة «عمر سليمان» و«أحمد شفيق» ثم تلا ذلك استطلاع مشبوه آخر قامت به جهة ما تسمي نفسها جمعية مصر لحقوق الإنسان.
وما علاقة المجلس العسكري بهذه الجمعية؟
- نشر في «الأهرام» أن هذه الجمعية وأشخاصها لا مرجعية علمية لهم قامت باستطلاع رأي انتهي إلي أن «عمر سليمان» و«شفيق» علي رأس قائمة المرشحين بعدهما «عمرو موسي» وأعلنت النتائج في حضور محافظ الجيزة وشخص آخر له صفة رسمية. وأشارت إلي أن هذا الاستطلاع نموذج ممثل للرئاسة(!!) إذا هناك حالة من تهيئة الأجواء لمرشح رئاسي في استطلاع المجلس العسكري، وهذا محاولة لجس النبض أو بالون اختبار للمرشح العسكري.
لكن الكتلة التصويتية قد ترفضه وترشح مرشحاً مدنياً؟
- لست متأكد في ضوء هذا التوافق بين السلطة الانتقالية والتيارات الإسلامية ولا أعتقد أنهم سيرفضون، بل أتصور أنه ربما يكون جزءاً من الاتفاق فيما بينهما.
وهل من الممكن أن تكرر «الإخوان المسلمون» ما حدث معها في يوليو 25 وتنضم إلي الجانب العسكري؟
- إذا حدث هذا فنحن في سبيلنا إلي إعادة العلاقة المتفجرة بين المؤسسة العسكرية والتيارات الإسلامية كما حدث في يوليو 2591.. لأن هذا مزيج قابل للانفجار وأعتقد أنه يوجد اتفاق ولم تكن النية خالصة!!
هل تخلت «الإخوان المسلمون» عن د. البرادعي عندما قال لا للتعديلات الدستورية بعدما وقعوا علي المطالب السبعة؟
- ليس للإخوان من موقف ثابت بل متغير بشكل زئبقي وقالوا: إنهم لن يرشحوا أحداً لرئاسة الجمهورية والآن نري (6) أو (7) مرشحين من التيار الإسلامي وكلهم يتنافسون ويدعون أن لديهم أصوات الإخوان لكن ربما في وقت ما أن هؤلاء المرشحين سيتنازلون لصالح مرشح عسكري وهذه أحد المسارات المحتملة ولهذا تخلو عن «البرادعي» وهم لا يهتمون بمصالحهم السياسية ويرونها في المجلس التشريعي بوضع دستور يحقق لهم ما يرونه في مستقبلهم السياسي.
هل هذا التحليل الذي تراه هو الناتج النهائي لثورة يناير؟
- لا ولكن ما تحقق في نصف عام هو نصف ثورة مع نجاح مبدئي مبهر ولكنها لم تكتمل لأن المأساة هي وجود قوي داخلية وخارجية تعمل بدأب علي إجهاض الثورة من بينها دولة عربية مثل النظام الليبي الحالي ومازال «القذافي» حتي الآن يدافع عن «مبارك». والقوي الداخلية متمثلة في فلول الحزب الوطني ونظام «مبارك».
ما شكل الدستور الذي تستحقه مصر بعد ثورة يناير، وما المدة التي يمكن الانتهاء من إعداده فيها؟
- يصاغ الدستور في خلال أسابيع لكن إذا خلصت النوايا لأنه يوجد في الحركة الوطنية منذ 01 - 51 سنة ولدينا مجموعة عناصر عليها توافق وطني من الممكن أن نصنع منها دستوراً قصيراً محكماً، ولا نريده دستوراً ضخماً مليئاً بالتناقضات.. والمشكلة الحالية ليست في مضمون الدستور، بل فيمن يقوم بوضعه وهل سيكون لديه أجندة خاصة به ويحاول أن يحقق به أغراضاً سياسية له أم لا؟!
أي نظام رئاسي أفضل يحقق تنمية اقتصادية؟
- علي المستوي الشخصي أفضل النظام البرلماني الكامل ولكن يوجد توافق أن النظام المختلط بين النظام الرئاسي والبرلماني الأفضل لمصر.. وهذه الأسباب أنانية بحتة لأن كل مرشحي الرئاسة يريدون النظام الرئاسي وأيضاً المجلس العسكري ليكون فيه الرئيس مستبداً مطلقاً.. ويرفضون النظام الرئاسي البرلماني الذي يجمع بين مزايا النظامين، أملاً في وقت ما أن يكون لدينا نظام برلماني كامل، الرئيس فيه يرأس الدولة ولا يحكم، وهذا يؤدي إلي إشاعة جو من الحرية والحكم الديمقراطي السليم والذي يساعد علي قيام تنمية إنسانية بشكل أفضل.
وكيف تتم التنمية ويوجد عجز دائم في الموازنة العامة للدولة؟
- هذا العجز هو عجز ظاهري تسبب فيه نظام الحكم السابق، والتنظيم السياسي والاقتصادي الذي كان موجوداً، وموارد مصر كانت تنهب ويساء استخدامها أولاً بأول حتي هذه اللحظة، مازالت موازنة مصر تحمل أشكالاً كثيرة من الإنفاق البذخي والترفي في دوائر الحكم وهذا إنفاق سفيه تحت ما يسمي بالصناديق الخاصة التي كانت تجهز للمسئولين السابقين وكانوا يغترفوا منها كيفما شاءوا وبدون حساب أو مراقبة.
التي كان يطلق عليها بالمصاريف السرية؟
- نعم ولا أحد يعلم بالضبط ماذا تحوي هذه الصناديق ولكن التقديرات أنها بالمليارات وهذا مرتع خصب لإساءة السلطة والفساد وأحد أسباب إشاعة الفقر في مصر.. ولو صلح النظام الاقتصادي ستكفي موارد مصر بإقامة تنمية شاملة مع أني لا أفضل التركيز علي الجانب المالي وما أسميته بالرأسمالية المنفلتة وهو جزء مغلوط، فالسياسيات المناسبة يمكن أن تفعل فعلها في ظل ندرة الموارد المالية، ولكن الوفرة المالية لا تحقق تنمية في ظل نظام سياسي سيئ.
وكيفية حدوث التنمية في ظل عدم وجود حد أدني للأجور؟
- لابد من وجود دولة قوية تحرص علي عدم وقوع المواطن في الفقر، وهذا يتطلب سياسات مالية بإنشاء حالة من الإصلاح الضريبي الذي يساعد علي زيادة الموارد، وحالة من ترشيد الإنفاق العام وتخصيصه بحيث يضمن ألا يقع غالبية المصريين تحت خط الفقر.. لأن الأسر لا تستطيع التنمية بمفردها.
الإصلاح الضريبي يبدأ بفرض ضرائب تصاعدية وترفضها حكومة الثورة.. مثل حكومات «مبارك»؟
- هذا صحيح ولكن توجد أشكال عديدة من الأخذ بالضرائب التصاعدية علي الدخل أو علي الزيادة في الثروة.. وهذا موجود في كل الدول الرأسمالية، ولكن في ظل وزارة «شرف» ووزير المالية السابق «سمير رضوان» تمت محاولة خجولة لوضع ضريبة تافهة علي الأرباح الرأسمالية في البورصة، فهاج رجال الأعمال وسحبتها الحكومة فوراً.
وماذا عن ترتيب مصر في التنمية البشرية؟
- الترتيب لا قيمة له بمعناه الرقمي لأن الترتيب الموجود في التقرير العالمي للتنمية البشرية يضع مصر في ترتيب متدنٍ، لأنه لا يأخذ في الاعتبار بعض المؤشرات الحقيقية لقيمة الإنسان في المجتمع والتمتع بحكم ديمقراطي، وإذا أخذنا هذا في الاعتبار بعد ثورة يناير موقف مصر ارتفع ارتفاعاً رائعاً بعد القهر الخانق والبطش البوليسي في نظام «مبارك».
ما عوامل تحقيق التنمية البشرية والاقتصادية والفكرية؟
- توجد أربعة عوامل رئيسية بدايتها الحكم الديمقراطي السليم ثم دخول عصر المعرفة من أوسع أبوابه لأن المجتمعات تقاس بمدي اكتساب المعرفة ولا تقاس بقيمة الأموال أو الموارد الطبيعية ولا حتي الناتج القومي فلا قيمة لمن يستهلك المعرفة.. ثالثاً إصلاح مجتمعي شامل يضمن محاربة جميع أشكال الفساد، خاصة فيمن يتولي الشأن العام.. ويعمل علي نهوض المرأة وتمتعها بجميع حقوقها ثم إقامة نسق فعال للمجتمع العربي بمفهوم حواري واسع ومفهوم اقتصادي ضيق، لإنشاء ما يسمي بمنطقة المواطنة العربية ويكون لكل مواطن عربي جميع الحقوق كاملة في كل الدول العربية، لأن الدول العربية سواء كانت كبيرة الحجم السكاني مثل مصر أو غنية مثل السعودية لن تنهض بمفردها لأن كل دولة عربية ليست إلا «قزم» في المعترك العالمي بكل المقاييس.
هل الحكومة الحالية لها دور في هذا الشأن؟
- لا أعتقد لأنها حكومة انتقالية تتولي مهام محددة في هذه المرحلة نتمني لها النجاح فيها وسيكون لديها 4 شهور متبقية وليس لديها فسحة من الوقت ولا الإمكانيات أن تتبني تصورًا استراتيجياً لنهضة حقيقية في مصر وهذا نأمله في الدولة القادمة إذا تم تأسيسها علي أساس قانوني سليم.
هل كان يوجد برامج تنمية في العهد السابق؟
- لم توجد برامج تنمية في عهد مبارك بل كان هناك برامج للنهب النظم والفاجر لإمكانات الدولة، وليس فقط للدخل بل النهب كان يطال أصول الدولة والثروة تنهب بما يسمي الإصلاح الاقتصادي وهو كان عبارة عن خدعة كبري بدون غرض نهائي إلا تمكين فئة قليلة تحيط بالمتسلط الأكبر الرئيسي المخلوع وتضمن تزاوج الثروة بالسلطة كأساس لاستمرار النظام الفاسد المستبد وكل ما تم من إصلاح هو كذب لأنه كان لتحقيق مصالحهم الخاصة. فاغتنوا غناء فاحش وجرفوا البلد وهربوا ما نهبوه لخارج البلاد.. بينما الغالبية الساحقة من الشعب يتعرض للفقر والتهميش في المجالين السياسي والاقتصادي.. والإصلاح كان خدعة وغطاء لتشكيل عصابي فاسد ومتكامل الأركان ينهب الدولة والشعب نهباً منظماً وفاجراً.
ماذا ستذكر في كشف حساب عصر مبارك؟
- أنا نشرت مقارنة بين «محمد علي باشا» وبين «محمد حسني مبارك» لأن «محمد علي» أسس لأسرة ملكية في مصر و«حسني مبارك» كان في سبيله لتأسيس أسرة ملكية في مصر بعد سنوات طويلة من ثورة يوليو 2591 التي ألغت الملكية.. فإذا اتفقنا علي أن «محمد علي» في خلال حكمه أنه باني مصر الحديثة.. سنجد في المقابلة أن «مبارك» هادم مصر الحديثة، لأن نظامه الفاسد المستبد هدم مصر بجميع أركانها السياسية والاقتصادية والثقافية لأن مصر في بداية حكمه كانت رائدة وقائدة في الإقليم العربي وانتهت إلي أن أصبحت تابعة ومستجدة.. وهذا هو التفسير المنطقي لتدهور مصر في المنطقة طوال فترة حكمه.
في هذه اللحظة التاريخية مصر رايحة علي فين؟
- ليس هناك من مقصد واحد رائع ونبيل ولن يتحقق إلا إذا استمر المصريون في النضال من أجله، وهو أن تصبح مصر رائدة ناهضة مستقلة شعبها سيبدأ في بلده، ويحكم نفسه حكماً ديمقراطياً سليماً ويؤسس لبداية نهضة إنسانية في مصر وفي الوطن العربي.. وهذا هو البديل الخير أو سكة السلامة كما يقال في الحدوتة الشعبية.. لكن أيضاً توجد سكة الندامة.. وهو أن يتراخي الفعل الثوري وتعاني القوي الثورية من الكسل والخمول فينقض علي الثورة تحالف يؤسس للحكم التسلطي مرة أخري ولو بتجميل شكلي، فينتقص من الحقوق والحريات الأساسية لبعض المصريين علي الأقل.
كيفية التعامل مع أمراض المجتمع من فقر وجهل ليس اقتصادياً بل سياسياً أيضاً؟
- بحكم ديمقراطي، واكتساب المعرفة وتكامل حضاري عربي يشكل بدايات القضاء علي الجهل والفقر والمرض في المنطقة العربية.. وعلينا أن نتذكر أن الدول العربية تملك موارد مالية ضخمة مع أني لا أري ضرورة التركيز علي المال.. لكن نستطيع أن نقضي علي الفقر في العالم كله وليس في المنطقة العربية، ولكن الموارد تهدر، ويساء استخدامها.. وكان من الممكن أن قيمة صفقة أسلحة واحدة أبرمتها السعودية وهي صفقة «اليمامة» كانت كافية لأن تقضي علي البطالة في المنطقة العربية.. خاصة لو أخذنا في الاعتبار ليس قيمة الصفقة فقط، بل قيمة الفساد الذي تضمنته الصفقة(!!).
وكيف السبيل لذلك وقد فشلنا في إقامة سوق عربية مشتركة؟
- هذا في الماضي والآن توجد ميزة كبري خاصة بعد نجاح ثورتي تونس ومصر، خاصة إذا نجحت ثورتا ليبيا واليمن وبعدها سوريا.. سنجد ولأول مرة منذ (7) قرون فرصة لقيام نهضة إنسانية في عموم الوطن العربي أساسها الحرية.. وهذه فرصة تاريخية يجب ألا نهدرها، ورأس الحربة في هذه الفرصة هي مصر بما لها من دور رائد أو ما نطلق عليه قوة الاقتراح علي المنطقة.. وإذا كانت تونس لها الفضل في بداية هذا المد التحرري العظيم، لكن في النهاية مآل هذا المد سيتوقف علي مدي نجاح ما يحدث في مصر، ومن ثم ما يحدث في مصر ليس شأناً مصرياً ولكنه شأن عربي بل عالمي في الحقيقة.
تجربة محمد علي تم إجهاضها بعد 04 عاماً من بدايتها فهل القوي الخارجية ستترك مصر تنطلق لآفاق أرحب؟
- لن تتركها بل هي تعمل علي إجهاض الثورة منذ بدايتها بل يوجد في مصر طابور خامس، ولهذا لابد من اليقظة الثورية واستمرار الفعل الثوري القوي للضغط علي السلطة الانتقالية لضمان تحقيق أهداف الثورة.
هل تعول علي منظمات المجتمع المدني بشكلها الحالي أي إصلاح مع توضيح أن مسألة التمويل جزء من هذه الأموال ذهب لمؤسسات أجنبية تعمل في مصر بموافقة السلطات المصرية، ولكن مع الدستور القادم والقوانين المكملة يجب أن تتيح لهذه المنظمات حرية التمويل بمعني إنشاء منظمات المجتمع المدني والسياسي (الأحزاب) بمجرد الإخطار، وليس بتدخل الإدارة وبضمان حرية نشاطها في ظل القانون والقضاء المستقل.. فحينها سأعول كثيراً علي منظمات المجتمع المدني الجديد الذي سينشأ وفق هذه الظروف لأنه سيكون حيوياً وفعالاً ولكنها الآن بها كثير من العيوب التي يمنع أن يكون دعامة أساسية في التحرك نحو مصر التي نريدها.
كيف تري قانون الأحزاب الجديد؟
- للأسف هي جزء من أخطاء المجلس العسكري وكانت في المراسيم التي أصدرها وهي للعجب تعاند الرأي العام المصري، حتي ما توافق عليه المجتمعون في تنظيم الحياة السياسية لوجود أعباء مالية غير مبررة علي تكوين الأحزاب الجديدة مثلاً، وبالرغم من أن هذا انتقد انتقاداً شديداً، ولكن عندما استجاب المجلس تم الاستجابة بخطأ أكبر، وقال إن السلطة عليها تمويل نشاطها أو قيامها وهذا خطأ لأنه من الأفضل كان من البداية الاتفاق علي إصدار مرسوم يطلق حرية تكوين الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني بمجرد الإخطار دون تحمل أعباء مالية ضخمة.
وماذا عن قانون مباشرة الحياة السياسية؟
- أيضاً هذا المرسوم أصدره المجلس العسكري الخاص بالحياة السياسية والانتخابات وتضمن عيوباً قاتلة ولا معني لها إلا الحرص علي استمرار نمط الحياة السياسية الفاسدة التي كانت موجودة في عصر «مبارك» المخلوع.. فلم يتعرض القانون علي الإطلاق للقيود التي يجب أن تفرض علي دور رأس المال في الانتخابات، وإصراره علي دور قوي لنمط انتخابي فردي يكرس العصبية والقبلية واستخدام المال والبلطجة.. وهذا معناه أن السلطة الانتقالية تبدو غير حريصة علي اكتمال الثورة وتحقيق غايتها.
هل هذا يقلقك؟
- الذي يقلقني هو تغول التيار الإسلامي المتشدد وحمايته من قبل السلطة الانتقالية.. لأن هذا هو الخطر الأكبر علي المستقبل.
هل العلاقة بين مصر وإسرائيل في حاجة إلي إعادة تقييم خاصة بعد مغازلة مرشحي الرئاسة للكيان الصهيوني؟
- بالتأكيد في إعادة تقييم خاصة في ظل وجود السلطة الانتقالية وجميع مرشحي الرئاسة يتبارون في إظهار احترام مصر لتعهداتها الدولية والهدف الحقيقي هو طمأنة إسرائيل وأمريكا.. لكن احترام التعهدات الدولية يعني أيضاً احترام منظومة حقوق الإنسان.. فلماذا لا يحترمونها ويقدمون المدنيين إلي القضاء العسكري؟!.. ولكن علاقة مصر بإسرائيل لا ينبغي أن يتخذ فيها قرارات حالية، لأننا نفهم حرص السلطة الانتقالية علي طمأنة القوي الخارجية في المرحلة الحالية.. لكني ضد الموقف الانتهازي لغالبية مرشحي الرئاسة تجاه إسرائيل وأمريكا، فلماذا يطمئنونهما ولا يشعرونهما بالقلق؟! فلا أحد يتصور قيام ثورة مبهرة عظيمة في مصر وتظل الالتزامات الإقليمية والدولية التي أبرمت في ظل نظام حكم فاسد، ومستبد، ويقارب الخيانة بدون أي مراجعات لها.
إذًا توجد أولوية مهمة للمطالبة بتعمير سيناء؟
- القيمة الاستراتيجية والوطنية لتعمير سيناء تجب كل شيء، وأؤكد عدم تعمير سيناء كان أمراً إسرائيلياً لنظام «مبارك» فإسرائيل لا تريد تعمير سيناء لتصبح منطقة مأهولة بالسكان لأن هذا معناه انتفاء الخطر الإسرائيلي من اكتساح الجبهة الشرقية لمصر.. وأعطي الأولوية الوطنية والإنسانية والاستراتيجية التي لا تعلوها أولوية أخري لتعمير سيناء بجهود ومشاركة أهلها في حكم ديمقراطي سليم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.