وسط مئات القطع الأثرية التى يحتويها متحف الوادى الجديد سواء فى العرض أو المخزن،هناك مجموعة رائعة من التوابيت التى تزينها نقوش ورسومات تروى قصصا مختلفة من التاريخ. وخلال زيارتنا للمتحف،رصدت “روز اليوسف” تابوتا خشبيا من خشب الجميز العصر المتأخر»525 – 333 ق.م»،وهو ذو هيئة أدمية،بداخله مومياء فى حالة سيئة من الحفظ للمدعو بادى باستت وعليه رسوم ومناظر تمثل محكمة أوزوريس وبعض أفراد عائلة المتوفى فى رحاب الألهة. و«بادى باستت» هو وزير مصر العليا خلال عصر الأسرة ال 26 وكبير مشرفى الزوجة الإلهية،وقد تم عمل العديد من الدراسات على ألقاب «بادى باستت» وقد تبين أنه من ضمن أحفاد «باباسا» والتى تقع مقبرته شرق العساسايف بالأقصر وتحمل رقم TT 279. أما أوزوريس فهو إله البعث والحساب وهو رئيس محكمة الموتى عند قدماء المصريين،وحسب الأسطورة المصرية، قتله أخوه الشرير ست، رمز الشر حيث قام بعمل احتفالية عرض فيها تابوت رائع، قام الحاضرون بالنوم فيه لكنه لم يكن مناسبا إلا لأوزوريس. ومن ثم ألقاه ست فى نهر النيل وقطع أوصاله ورمى بها إلى أنحاء متفرقة من وادى النيل،وبكت أيزيس وأختها عليه كثيرا وبدأت رحلتها بحثا عن أشلاء زوجها،وفى كل مكان وجدت فيه جزءا من جسده بنى المصريون المعابد، مثل معبد أبيدوس الذى يؤرخ لهذه الحادثة وموقع المعبد أقيم فى العاصمة الأولى لمصر القديمة (أبيدوس). حيث وجدت رأس أوزوريس وفى رسومات المعبد الذى أقامه الملك سيتى الأول أبو رمسيس الثانى الشهير تشرح التصويرات الجدارية ما قامت به إيزيس من تجميع لجسد أوزوريس ومن ثم عملية المجامعة بينهما لتحمل ابنهما الإله حورس الذى يتصدى لأخذ ثأر أبيه من عمه وبسبب انتصاره على الموت وهب أوزوريس الحياة الأبدية والألوهية على العالم الثاني. وتوجد فى كتاب الموتى عادة صورة لأوزوريس جالسا على عرش فى الآخرة وإلى خلفه تستند إليه أختاه إيزيس ونيفتيس، وأمامه أبناء ابنه حورس الأربعة الصغار يساعدوه فى حساب الميت، وكان تصور المصرى القديم أن حورس سوف يأتى بالميت بعد نجاحه فى اختبار الميزان ويقدمه إلى أوزوريس، ويُعطى ملبسا جميلا ويدخل الحديقة «الجنة». وقبل ذلك لا بد من أن تتم عملية وزن أعمال الميت فى الدنيا عن طريق وضع قلبه فى إحدى كفتى الميزان وتوضع فى كفة الميزان الأخرى ريشة معات، رمز «العدالة واللأخلاق السوية «،فإذا كانت الريشة أثقل من قلب الميت، فمعنى ذلك أن الميت كان طيبا فى حياته وعلى خلق كريم فيأخذ ملبسا جميلا ويدخل حديقة «الجنة» ليعيش فيها راضيا سعيدا. وأما إذا ثقل قلب الميت عن وزن الريشة فمعناه أنه كان فى حياته جبارا عصيا،عندئذ يُلقى بالقلب وبالميت إلى حيوان خرافى يكون واقفا بجوار الميزان - اسمه عمعموت: رأسه رأس أسد وجسمه جسم فرس النهر وذيله ذيل تمساح - فيلتهمه هذا الحيوان على التو وتكون تلك هى نهايته الأبدية. إذا كان صادق القول نزيه العبارة، ولا يشوب قلبه أى كذب أو خداع، فإنه يتوازن تماما مع ريشة العدالة. وإذا كان الأمر عكس ذلك، فإن زيادة وزن قلبه هذا، تعبر عن ثقل ذنوبه وآثامه. وفى نهاية الأمر، إذا رجحت كفة الذنوب على تلك الخاصة بالعدالة، فهو، يقع فى هذه الحال فريسة سائغة «للكاسرة»: وتبدو عادة، فى هيئة أسد له رأس تمساح، ومؤخرة فرس النهر؛ وسرعان ما تنقض على المتوفى لتلتهمه، وتقضى عليه تماما.. أما إذا كان هذا الأخير، قد توخى الصدق فى اعترافاته هذه، فهو يعد من «المبرئين المرضى عنهم». وحينئذ، يفتح له أوزوريس أبواب جنته على مصراعيها.