رغم تراجع الحكومة الفرنسية عن قرار زيادة الضرائب على الوقود، وتعليق العمل به لستة أشهر فقط، عقب احتجاجات عنيفة ضربت العاصمة الفرنسية «باريس»، إلا أن حدة المصادمات ارتفعت بين قوات الأمن الفرنسية وأنصار حركة «السترات الصفراء» مرة أخرى، مما دفع السلطات إلى نشر مدرعات للمرة الأولى فى العاصمة منذ سنوات، فى وقت ارتفع فيه عدد الجرحى والموقوفين من المتظاهرين الذين رفعوا سقف مطالبهم لإقالة الرئيس إيمانويل ماكرون. وفى محاولة للسيطرة على الأوضاع تم إغلاق برج إيفل، ومتحفى اللوفر وأورسى، ومركز بومبيدو، والمتاجر الكبرى ومسرح الأوبرا، كما ألغي عدد من مباريات كرة القدم، وقام أصحاب المتاجر بحماية واجهات محلاتهم، وفرضت قيود على حركة السير، وأغلق عدد من محطات المترو، بينما تم تحويل مسار العديد من الحافلات. واستمرارًا لموجة التصعيد أعلنت نقابة الشرطة الفرنسية الجمعة الماضية عن دخولها فى إضراب مفتوح بداية من السبت، تزامنًا مع الإضراب الذى أعلنت عنه حركة «السترات الصفراء»، التى نفذت احتجاجات منذ 17 نوفمبر الماضى، وصرح نقيب الشرطة ألكساندر لانغولا لوكالة «نوفوستى» الروسية، بأن أفراد الشرطة لن ينضموا إلى الاحتجاجات التى تنظمها «السترات الصفراء» لكنهم يريدون تقديم الدعم لهم. وأضاف لانغولا: «الدولة تتعامل مع معظم أفراد الشرطة كالحيوانات، إن ساعات العمل طويلة جدًا دون انقطاع، قد يرسلون فى غيابنا أشخاصًا ليست لديهم كفاءة فى التعامل مع المحتجين»، متابعًا: «سنسير فى الاحتجاجات رافعين يافطاتنا بهدف التعبير عن دعمنا للمطالبات بزيادة القوة الشرائية لدى المواطنين، ولأى شرطى يستجيب للإضراب عن العمل الحق فى الانضمام إلى زملائه أثناء الاحتجاجات». ونشرت قوات الأمن الفرنسية، مدرعات فى محيط قوس النصر، فى محاولة لإبعاد المتظاهرين الذين يخرجون إلى الشوارع للأسبوع الرابع على التوالى، لكن هذه الخطوة لم تنجح فى الحد من الاحتجاجات التى عادت مرة أخرى، ليرد الأمن بقنابل الغاز المسيل للدموع.. فيما أصيب نحو 10 متظاهرين من السترات الصفراء، بعد اشتباك مع الشرطة الفرنسية، كما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين قرب القصر الرئاسى، ووقعت صدامات قرب جادة الشانزليزيه وسط باريس بين قوات مكافحة الشغب الفرنسية والمحتجين، كما اعتقلت الشرطة الفرنسية أكثر من 500 شخص من «السترات الصفراء» حسب ما أعلنته وزارة الداخلية الفرنسية، فيما تعالت هتافات من المحتجين تطالب الرئيس ماكرون بالاستقالة، واصفين إياه ب«الديكتاتور». وأعلنت السلطات الفرنسية التعبئة العامة، كما نشرت 89 ألف شرطى وعنصر درك وآليات مصفحة لتفكيك الحواجز فى جميع أنحاء فرنسا لتفادى تكرار حوادث الأسبوع الماضى من مواجهات تحت قوس النصر وحواجز مشتعلة فى الأحياء الراقية وأعمال نهب. كذلك وصف المدير العام للدرك الوطنى، ريشار ليزورى، التدابير التى اعتمدت السبت، بأنها «غير مسبوقة»، فيما قال وزير الداخلية، كريستوف كاستانير: «إن كل شىء يوحى بأن عناصر متشددة ستحاول التحرك»، ومن جانبها أكدت الحكومة الفرنسية أن قوات الأمن ستكون أكثر قدرة على الحركة للتجاوب «بشكل أكثر فاعلية مع استراتيجية المشاغبين القاضية بالتفرق والتحرك، لأن كل المؤشرات تفيد بأن عناصر راديكالية ستحاول التعبئة».