سعر سبيكة الذهب اليوم الجمعة بعد الارتفاع الكبير.. «بكام سبائك ال5 جرام؟»    عاجل| سعر الدولار اليوم الجمعة 23 مايو 2025 بعد قرار خفض الفائدة    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 23 مايو بسوق العبور للجملة    منتدى القطاع الخاص بالجزائر يشهد توقيع 26 اتفاقية بمبلغ 3.6 مليار دولار    الحرس الثوري الإيراني يتوعد إسرائيل: أي تصرف «متهور» سيقابله رد مدمر    تظاهرة في تل أبيب احتجاجًا على تعيين رئيس جديد للشاباك: «نتنياهو فقط عقله»    القنوات الناقلة مباشر ل مباراة الأهلي ضد وادي دجلة في نهائي كأس مصر للكرة النسائية    شوبير الأب والابن الأفضل في تقييم إكرامي.. والحضري يتفوق على الشناوي (فيديو)    هالة صدقي تحتفل بحرية المخرج عمر زهران وتؤكد ثقتها بنزاهته وسط استمرار نظر القضية    القبض على عاطل وسيدة لقيامهما بسرقة شخص أجنبي بحلوان    القصة الكاملة لجدل انفصال مسلم ويارا تامر بعد ساعات من زفافهما (تفاصيل)    4 حالات وفاة و9 مصابين في انقلاب ميكروباص بالمنيا    "س. ج" كل ما تود معرفته عن مدارس السيمي انترناشونال في مصر؟    "دكتور زكي نجيب محمود وتجديد الفكر العربي" على طاولة الأعلى للثقافة    في يومه العالمي.. احتفالية بعنوان «شاي وكاريكاتير» بمكتبة مصر العامة بالدقي    «التنسيق الحضاري» يطلق حفل تدشين تطبيق «ذاكرة المدينة» للهواتف الذكية    مصر ضمن أكثر 10 دول حول العالم استهدافًا بالهجمات الرقمية    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    جيش الاحتلال يعلن اعتراض صاروخ أٌطلق من اليمن    ذهبت للمذاكرة.. السجن 4 سنوات لمتهم اعتدى على ابنة جاره في الإسكندرية    بسمة وهبة لمها الصغير: مينفعش الأمور الأسرية توصل لأقسام الشرطة    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    شيخ الأزهر يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    صبحي يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة ويؤكد: الشباب محور رؤيتنا للتنمية    تكريم سكرتير عام محافظة قنا تقديراً لمسيرته المهنية بعد بلوغه سن التقاعد    لجنة التقنيات بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تعقد اجتماعها الأول    سقوط مروجي المواد المخدرة في قبضة مباحث الخانكة    مراجعة مادة العلوم لغات للصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني (فيديو)    كنيسة بالسويس تساهم في مشروع صكوك الأضاحي (صور)    مصرع 4 أشخاص وإصابة آخر في تصادم سيارتي نقل على طريق إدفو مرسى علم    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    وكيله: لامين يامال سيجدد عقده مع برشلونة    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة «كريت» اليونانية (بؤرة الزلازل)    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. النيران تلتهم عشرات السيارات والمنازل بكاليفورنيا جراء تحطم طائرة.. نتنياهو يتحدى القضاء ويعين رئيسا جديدا للشاباك.. بوتين يعلن منطقة عازلة مع أوكرانيا    دينا فؤاد: مفيش خصوصيات بيني وبين بنتي.. بتدعمني وتفهم في الناس أكتر مني    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 23 مايو 2025    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين    الكشف عن موقف تشابي ألونسو من رحيل مودريتش عن ريال مدريد    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    صراع ناري بين أبوقير للأسمدة وكهرباء الإسماعيلية على آخر بطاقات الصعود للممتاز    وزير الشباب ومحافظ الدقهلية يفتتحان المرحلة الأولى من نادي المنصورة الجديد بجمصة    فلسطين.. 4 شهداء وعشرات المفقودين إثر قصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري    تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    قباء.. أول مسجد بني في الإسلام    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سيرة الرواية المحرمة».. صفحات من تاريخ «أولاد حارتنا»
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 04 - 09 - 2018

(ليست «أولاد حارتنا» مجرد رواية يطرح فيها نجيب محفوظ أسئلته حول العدل والحرية، إنها حكايتنا مع السلطة، كل سلطة، حكاية مجتمعنا نفسه وشوقه للتفكير خارج الصناديق الضيقة.. بدت الرواية على مدى أكثر من نصف قرن كنزا سياسيا، تتصارع عليه كل القوى السياسية، والدينية وتحاول توظيفها لمصلحتها الخاصة، ورمزا لمعارك ثقافية وسياسية واجتماعية، تتخذ شكل جديدا، وشملت ساسة، ورجال دين، وأدباء، وقتلة، ومؤسسات، وتبلغ ذروتها بمحاولة اغتيال نجيب محفوظ على يد شاب لم يقرأ حرفا باستثناء فتاوى شيوخه).. كانت تلك تقديمة الكاتب الصحفي محمد شعير في مستهل كتابه «أولاد حارتنا.. سيرة الرواية المحرمة» الصادر مؤخرا عن دار العين للنشر، وقد جاء الكتاب في أكثر من 300 صفحة من القطع الصغير وقد صمم غلاف الكتاب الفنان أحمد اللباد.
عبر رحلة بحث وسط مئات الوثائق والدوريات يأخذنا «شُعير» عبر الزمن بأسلوب الفلاش باك آخذا في وصف المناخ الاجتماعي والسياسي المسيطر على الأجواء حول العالم وفي مصر خصوصا في نهاية خمسينيات وبداية ستينيات القرن الماضي فمن واقعة سطو على بيت الشاعر أحمد شوقى قام بها لص مجهول، ومظاهرات حاشدة في العراق ضد الرئيس العراقي الأسبق عبد الكريم قاسم وخطاب الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر الذي ألقاه في «رشيد» ضمن الاحتفال بذكرى انتصارات المدينة على الجيش البريطانى 1807 وتركيزه في خطابه على تصفية الإقطاع وتوزيع الاراضي الزراعية على الفلاحين، في حين كان الوضع على الصعيد الدولى يشيد بأول زيارة لزعيم سوفيتى الى الولايات المتحدة الأمريكية ووصول أول صاروخ روسي إلى القمر مدشنا بذلك عصرا جديدا من العلم والمعرفة وغيرها من الأحداث السياسية والاجتماعية، وصولا إلى التنويه المنشور في الصفحة الأولى من جريدة الأهرام معلنا عن نشر أول حلقة من رواية أديبنا العالمى نجيب محفوظ الجديدة في حينها «أولاد حارتنا»، والتى مهدت له الصحيفة أيضا فيما يشبه حملة دعائية.
■ لا حياء فى الأدب
في بداية كتابه يتنقل «شعير» بين صفحات الدوريات والمجلات راصدا رحلة «أولاد حارتنا» في الصحافة وبدايات تداول اسم الرواية المنتظرة لنجيب محفوظ، راصدا الحفاوة والمتابعة التى لاقها لافتا إلى أن الاهتمام الإعلامى الحاصل حينها لم يكن منصبا على الرواية الجديدة بل على عودة محفوظ اللى الكتابة من جديد بعد توقف طويل أعلن خلاله أكثر من مرة اعتزاله الأدب تعددت خلاله مبرراته لهذا الصمت أو التوقف الذي دام طيلة خمس سنوات أسماها «سنوات اليأس» أو «سنوات الجفاف» (1952- 1957) بعد أن كان «محفوظ» قد أنهى روايته «الثلاثية» ورفض ناشره عبد الحميد جودة السحار نشرها لحجمها الكبير وهو ما قاله محفوظ للغيطاني «أذكر الفترة التى تلت رفض السحار لنشرها بأسى، كانت صدمة فظيعة، بل إهانة، خاصة عندما قال لي لحظة رؤيتها: إيه الداهية دي؟!»، سليمان فياض حكى الواقعة بطريقة أخرى: «قال محفوظ للسحار: ألريد أن أكتب رواية عن مصر، استحسن السحار الفكرة وراهن محفوظ أنه سيكتب هو أيضا عن مصر.. فاتفقا أن يلتقيا بعد سنة .. أيهما يستطيع أن ينتهى أولا.. السحار انتهى قبل الموعد المحدد ودفع روايته للنشر، بينما عطل رواية محفوظ» وأن إحساس محفوظ بالصدمة من خديعة السحار دفعته للتوقف عن الكتابة علاوة على تزوجه عام 1954 فأصبح فجأة مسئولا عن والدته وزوجته وشقيته التى توفي زوجها وترك لها أبناء فكان لابد من إيجاد مصدر دخل اضافي فكانت السينما هي ملاذه.. فمضت فترة الصمت «الروائي» والتوقف عن كتابة الرواية حتى جاءته فكرة رواية «أولاد حارتنا» عام 1957 لتحيي في داخله الأديب الذي ظن أنه مات.
■ عبد الناصر يسأل.. و رسالة غاضبة
يرصد «شُعير» في إيجاز كيف وصلت رواية «أولاد حارتنا» إلى جريدة الأهرام حيث نشرت هناك مسلسلة في حلقات يومية وكيف أثارت الرواية ضجيجا بالغا خاصة مع نشر الحلقة السابعة عشر بدأ بشكاوى ومطالبات للأزهر بالتحرك لوقف نشر الباقي منها وهو ما وصل بدوره إلى عبد الناصر الذي سأل هيكل بدوره مرتين عن حكاية الرواية ثم قبل استكمال نشرها، ولفت المؤلف إلى استشعار هيكل مبكر ما سيجره نشر الرواية من تداعيات كان من بينها هجوم عنيف على الرواية طال في جانب منه «الأهرام» كان بدوره أحد الدوافع التى حدت ب إلى أن يكتب بعد أسبوع م بدأ نشر «أولاد حارتنا» مقالا قصيرا بعنوان «حرية التعبير» كان أشبه ببداية «هجوم مضاد» أظهر فيه دفاعا حارا عن حرية الأدباء والكتاب كما أتاح بعدها مساحات لمقالات القراء تتحدث عن مشكلات المجتمع وتنقد النظام بلطف ودون عدونية.
كما رصد المؤلف بداية المشكلات التى صاحب نشر رواية «أولاد حارتنا» ومن ضمنها أشياء معلنة وأخرى غير معروفة جرت في الكواليس جاء بعضها على لسان محفوظ نفسه ظهر خلالها قيام بعض الأدباء بتحريض الأزهر ضد محفوظ باعتبار أن الرواية تتضمن كفرا صريحا وأن بعض الشخصيات الموجودة فقي الرواية ترمز للأنبياء.
وقد لفت «شُعير» إلى أن عريضة الاتهامات التى وجهها محفوظ ليست دقيقة فيما يتعلق: ب أين، ومن، ومتى بدأ الهجوم؟، كما أشار إلى أن جريدة «الجمهورية» لم تهاجم الرواية - على عكس ماحكى محفوظ – بل إن يوسف السباعى كان من أوائل المدافعين عنه عندما نشر مقالا في يومياته في الصحيفة بعنوان «نجيب محفوظ ولوم القراء» وأن «السباعى» لم يكن في نيته – كما قال – أن يعلق على رسالة القارئ المنشورة في مجلة «المصور» لولا أنه سمع «أن بعض الجهات ترى وقف نشر القصة فشعر أن المسألة أكثر من مجرد رسالة قارئ وأن تفكيرنا يجب أن يكون أوسع وصدورنا يجب أن تكون أكثر رحابة».
■ زنزانة الأسلوب الرمزى و تربية المواطن
يشير المؤلف إلى يوم 25 ديسمبر 1959 وهو اليوم ذاته الذي يوافق ندوة محفوظ الأسبوعية في «كازينو الأوبرا» والذي شهد نقاشا ساخنا حول رواية «أولاد حارتنا» وكشف فيه محفوظ لأول مرة عن وجهة نظره الكاملة في الرواية حين قال أنه يريد الكشف عن الهدف الأساسي للبشرية، وهو البحث حول سر الكون، وحتى تستطيع البشرية الكشف عن هذا السر تحتاج إلى التفرغ له والاستعداد وهي لن تتمكن من هذا إلا بعد القضاء على استغلال الأغنياء للفقراء والصراع بين الناس من أجل قمة العيش.. وكشف المؤلف عن استمرار محفظ في الدفاع عن روايته في حوارات ولقاءات صحفية وكذلك استمرار اهتمام الوسط الثقافى والصحفي بها، وأن الجدل لم يتوقف تقريبا طوال سنوات الستينيات ولم يتوقف محفوظ عن الإدلاء برأيه بين الحين والآخر.. ورصد المؤلف كيف كانت الرواية جزءًا من معركة أكد فى ذلك الوقت، معركة السلطة للهيمنة على المجتمع دينيا وسياسيا وثقافيا وكيف جرت وقائع المعركة وسط صدام قديم بين الإسلاميين الجدد والعلمانيين غير الشيوعيين، فخاض الأخيرون الذين سيصبحون لاحقا مفكري يسار النظام، معارك متواصلة ضد رجال الدين ومطالباتهم بنوع من الحصانة والقداسة لهم ولمهنتهم.
وسط أجواء هذا الصراع بدت «أولاد حارتنا» كنزا سياسيا تتصارع عليه كل القوى السياسية وتحاول توظيفها لمصلحتها الخاصة، صراع على المكشوف ، تحالف بين الشيوخ والقوى السياسية اليمينية داخل السلطة الناصرية ذاتها.
■ لست فيلسوفا والبحث عن المخطوط
يشير المؤلف إلى أن الاهتمام بأزمة الرواية لم يقتصر على مصر وحدها، بل إن الاهتمام انتقل عربيا عبر مراسلي المجلات العربية المقيمين في مصر وتعددت خلالها لقاءاته الصحفية وحواراته حول الرواية وفكرتها المثيرة للجدل.
كما أشار المؤلف إلى تساؤل أول مترجم لرواية «أولاد حارتنا» إلى الانجليزية «فيليب ستيوارت»: أين يمكن أن نجد مخطوطة الرواية؟، وكيف أن الترجمة الانجليزية لها قد تكون هي النص الوحيد المكتمل للرواية بعد مقارنتها بالنصين المنشورين عن «دار الآداب» والأخر المنشور في الأهرام فضلا عن مراجعة محفوظ له بنفسه ومساعدته في الترجمة.
ويبقى الكتاب حافلا بين طياته بالعديد من المحطات في سيرة ومسيرة الرواية الأعظم لمؤلفها نجيب محفوظ وترصد الكثير من الأسرار بلغة تمزج بين السرد بتقنيات السينما التسجيلية وباعتبارها وسيلة لقراءة آليات وتفكير المجتمع المصري في حينها وباعتبار ملابسات أحداثها مرآة لواقعنا الراهن من خلال رصد وتتبع الأحداث التاريخية وتأثيراتها على المجتمع، كما يتضمن الكتاب في نهايته ملحقا وثائقيا يضم عددا من التقارير والتقيقات والرسائل الكاشفة لمجريات الكثير من الأحداث التى طالت «أولاد حارتنا» ومؤلفها نجيب محفوظ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.