«عن رائحة الشمس».. فانتازيا روائية ترسم ملامح الحياة

غالبًا ما تشوب روايات الفانتازيا فى الوطن العربى ملامح الروايات أو الأفلام الأمريكية وهو الأمر الجلى الذى لا يخفى على المتابعين لهذا النوع من الأدب.. وعلى عكس المعتاد كانت رواية «عن رائحة الشمس» للكاتب والمصور الفوتوغرافى محمد ناجى عبد الله - كنت من المحظوظين الذين أتيح لهم قراءة هذه الرواية قبل طباعتها- والتى تميزت بخصوصية شديدة، فبين ملامح الرواية والتى ترسم وشكل باختصار دائرة الحياة والبحث عن الذات داخلها رحلة لونية لا تخلو من الموسيقى يظهر فيها بوضح فكر الفنان المصور والعازف وطبيب الأسنان أيضا محمد ناجى عبد الله.
تحملنا الرواية فى رحلة مضنية فى محاولة لاكتشاف المجهول، مجهول لونى يقوم بالبحث عنه «آسن» بطل الرواية.. رحلة معرفية فى محاولة للوصول إلى الكمال الإنسانى الذى يظهر فيه الإنسان فى كامل قوته و فى منتهى هشاشته فى آن واحد.
حينما نتحدث عن كاتب روائى متعدد المواهب نجد أنفسنا أمام نص يحمل مفردات وموسيقى مختلفة عن المألوف وهو ما حرص عليه الكاتب فى رواياته السابقة أيضا.
الوطن الاغتراب المكانى والزمانى والرموز التى تذخر بها الرواية يأتى بها الكاتب من مرجعيات ثقافية مختلفة، فهناك البحيرة المقدسة، الرمان، المحرقة، النهر، الحوت، الجبل وغيرها، تحمل دلالات فلسفية من التراث الفرعونى الرومانى الإغريقى الأندلسى الإسلامى والقبطى.
الرحلة التى يخوضها «آسن» من لحظة ميلاده إلى نهايته غير المتوقعة تشير إلى التخبط الإنسانى فى مراحل حياته، فى رحلة من الشك إلى اللا يقين، بلا حقيقة مطلقة ولا ألوان ثابتة.
وهنا لابد من الإشارة إلى «شمس» البطلة الوحيدة فى الرواية طور فى رحلة البحث نرى فيه تحيز كامل لهذه الأنثى الرائعة وهى سبب استمرار الحياة.
ما أبهرنى شخصيًا هو الجانب التشريحى الدقيق فى الرواية الذى ظهر فيه بوضوح ملامح الكاتب الروائى طبيب الأسنان، هذا الجانب الذى ظل مصاحبًا لنا فى كامل الرواية مع اختلاف فصولها.
الرواية مزيج بين الكتابة، التصوير، الرسم، العزف والجراحة، وهى المجالات التى يحترفها الكاتب الذى أقام عدة معارض للرسم والتصوير ومارس العزف فى الأوبرا.
رواية «عن رائحة الشمس» ربما تتصالح معها أو تكون شديد الخصومة لكنك فى النهاية لن يمكنك إلا الإقرار بأنها رواية أصلية متفردة لكاتب شاب موهوب يستطيع تطويع مواهبه العديدة بشتى الطرق.