بقلم: علاء الأسوانى أعتقد أن رؤية مبارك في القفص هي لحظة بالغة الأهمية. فهي لحظة عظيمة في التاريخ المصري بل تاريخ المنطقة بأسره. بل تعد محاكمة مبارك هي نقطة تحول، فمن الآن وصاعدا لن يكون الرئيس القادم أبا للشعب أو رمزا للبلاد. فالرئيس القادم سيكون موظفاً حكومياً يعمل لصالح الشعب وعندما يرتكب خطأ أو جريمة سيقدم للعدالة. خلال الثورة، للمرة الأولي، عرفت معني "الشعب" لقد قمت بكتابة هذه الكلمة مرات عديدة في رواياتي ولكن للمرة الأولي أعرف معناها. فشعرت أننا مليونا شخص يبدو حقا وكأنهم أفراد من أسرة واحدة. واجهت الموت قرابة ثلاث مرات ولم أكن في ذلك الاستثناء الوحيد بل واجه قرابة 20 مليون شخص ممن شاركوا في الثورة نفس الخطر وهو تعرضهم للقتل. استخدم النظام السابق في المظاهرات القناصة فشخص قد يكون يقف إلي جوارك ويتحدث إليك وفجأة بعد أربع أو خمس دقائق تسمع صوتاً والشخص الذي كان يتحدث إليك يتعرض لرصاصة في رأسه وتجده فارق الحياة؛ لذا فالموت أصبح شيئا يمكن التعايش معه وهو ما يعد تجربة غريبة جدا.فالموت لم يعد فكرة ولكن الناس لم تجر ولم تهرب حتي عندما بدأ القناصة في تصويب الطلقات ولم لا؟ في الثورة الحقيقة يصبح الشعب عنصراً من الثورة أكثر من مجرد أفراد ينتابهم الخوف علي سلامتهم الشخصية. ولم يعد المزاج العام السائد في القاهرة الآن هو التفاؤل كما كان عليه الحال في الحادي عشر من فبراير الماضي عندما تنحي مبارك عن الحكم. لكي أكون عادلا الناس لا تزال متفائلة بل يعتقدون أن المستقبل قد بدا في مصر فالجميع يتحدث عن هذا. ولكن الناس تشعر بالقلق لأنه بعد مرور ستة أشهر علي الثورة لا يزالون لا يرون التغيرات التي كانوا يعتقدون أنها ستحدث. فالثورة أجبرت مبارك علي التنحي عن الحكم ولكن نحن تساورنا الشكوك حول أداء المجلس العسكري.فالمجلس العسكري من المفترض أن يستجيب لمطالب الثورة وحتي الآن لم تستجب فيما عدا محاكمة مبارك ولكن الثوار لديهم مطالب أخري علي سبيل المثال إقصاء الضباط الفاسدين والقضاة الذين أشرفوا علي الانتخابات وتغير النائب العام الذي عمل تحت حكم مبارك لسنوات ووقف محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية. فيجب علينا الضغط علي المجلس العسكري وهو بالضبط ما نفعله. ونحن لا ننسي أن هناك ثورة مضادة في مصر فهناك عناصر من النظام السابق هي من تقوم بجميع أنواع الاضطرابات. فالثورة المضادة تضع ضغوطا علي المواطن العادي فهناك بلطجية في جميع أنحاء البلاد يتم استخدامهم لترويع المواطنين وهو ما سيدفع الناس للقول إنهم لم يعدوا يشعرون بالأمن بسبب الثورة ومادامت مصر غير آمنة فلن يأتي السائحون لزيارتها. فيجب علي المجلس العسكري إقصاء كل الضباط الذين ينتمون لنظام مبارك لأننا نريد الشعور بالأمان. ولكن الثورة ليست السبب بعدم الشعور بالأمان، فالمجلس العسكري لم يتخذ القرارات الصحيحة لحماية الثورة. كما أننا الآن لدينا مشكلة أخري لأن الإسلاميين باتوا متحالفين مع المجلس العسكري، فهم يدعمون المجلس العسكري دعما مطلقا ويهاجمون أي شخص ينتقد المجلس وبهذا يتقرب الإسلاميون للسلطة أكثر وأكثر لذا فهو موقف انتهازي للغاية. فهم لا يهتمون بأي شيء سوي وجودهم في السلطة بل يهتم الإسلاميون بهذا أكثر من اهتمامهم بما تريد الثورة. وبعد مرور ستة أشهر فلا تزال تعاني من الثورة المضادة التي تصنع القلائل والاضطرابات للمصريين وترفض شرطة مبارك حماية المصريين. ولا يزال لديك أزمة الاقتصاد المصري لذا فالناس لا تشعر بالتفاؤل ولا بالأمن كما كانت توقعاتهم عقب تنحي مبارك عن الحكم.والآن فإنه من الأهمية بمكان أن نفسر للناس ماذا يحدث والعمل علي الحفاظ علي وحدة جميع القوي الثورية. فالثورة التي بلا قائد كانت جيدة جدا قبل تنحي مبارك ولأن الثورة كانت بلا قائد فلم يستطع نظام مبارك السيطرة عليها.ولكن بعد تنحي مبارك نحن في حاجة إلي قيادة فنحن نحاول تنظيم شيء ما - وفد أو حكومة للثورة - ولكن ليس شخصاً واحداً، فنحن لا نطلب بطلاً لأننا نؤمن بأن البطل الحقيقي هو الشعب المصري. نقلاً عن نيوزويك الأمريكية ترجمة: مى فهيم