«مواويل مسروقة».. تراثنا الشعبى بروح صوفية

فى مجموعته القصصية الصادرة مؤخرا عن بتانة للنشر» بعنوان «مواويل مسروقة » يقدم المطرب والموسيقى « أحمد الطويلة » نفسه إلى قرائه فى آخر صفحات كتابه قائلا: « أحمد الطويلة مغن محسوب على جيل الثمانينيات والتسعينيات، صاحب تجربة غنائية فيما يختص بالهم العام، صاحب أول فرقة صوفية غنائية مصرية بعيدا عن الموالد، تعلم فى الكُتَّاب كيف يضاجع اللغة، ويدين بالفضل كل الفضل لأبيه».. هذا التقديم هو بداية تدعوك لتبدأ فى القراءة من جديد فى ضوء ما عرفته عن الكاتب.
يقدم الطويلة » فى «مواويل مسروقة» تجربة متفردة فى الكتابة القصصية، فهى مجموعة من القصص القصيرة التى هى أقرب للقصيدة النثرية.
نكتشف منذ أول سطر أننا أمام كاتب يمتلك معجمه الخاص وأنه صاحب تركيبة لغوية متفردة لا تخلو من الموسيقى، التناص القرآنى، الشعر الصوفى ، فى خليط ممتزج مع التراث الشعبى بمفرداته ، يرسم بها صورا زاخرة بالحياة والحركة.
ينتقل الكاتب بين ربوع مصر وشوارعها وحواريها فى انحياز ملحوظ للبسطاء والمهمشين ويُبرز ما فى حياتهم وبساطتها من جمال ونقاء وشقاء.
«العجوز فى مخلاة خضراء - المخبول وطينته المختلفة - زينب وثوب الحداد - 20371 ونتيجة الثانوية العامة - أنا والشيخ – بهجة» فى كل قصة منها يكشف لنا الكاتب عن ملمح من تراثنا الشعبى الموغل فى عمق التاريخ والذى على مر السنين، نجده انصهر فى بوتقة واحدة بالثقافة القبطية والإسلامية لينتج لنا هذا المزيج المميز للإنسان المصرى نتاج كل هذه الثقافات.
يستهل الكاتب بعض قصصه بجملة جامعة لخلاصة القول فيها من أمثلة «وعلى قد العشق بتكون البلايا ، أنا صببنا الماء القبلة الأولى جحيم إن تعذر ماؤها .. فبعيدا عن الموالد كان أحمد الطويلة يغنى المدح والشعر الصوفى ولم يخل غناؤه من الأغانى الاجتماعية الهادفة، كان يغنى ضد التيار السائد حينها.. وفى كتابه مواويل مسروقة يؤكد لنا أنه أبدا لم يتوقف عن الغناء فنصوصه تصدح منها الموسيقى.
وأخيرا، من وجهة نظرى أجد الميزة الأبرز فى هذا الكتاب هى مهارة الحكى التى يفقدها أغلب الكتاب والروائيين مع احتراف الكتابة، فحكايات الطويلة ببساطة حكيها وسلاسة لغتها هى مواويل تسرق القلوب لتشاركها الغناء.