هشام طلعت مصطفى: عائد الاستثمار العقارى الأعلى في مصر.. وسعر المتر في الرحاب ارتفع من 900 جنيه إلى 90 ألفًا للمتر    الجيش الإسرائيلي يشن غارات على مناطق بالحدود السورية اللبنانية    بيسيرو عن مشاركة زيزو في مباريات الزمالك المقبلة: مش قراري    الاتحاد السلوفينى يطلب جراديشار من الأهلى خلال فترة كأس العالم للأندية    هل تقدم كولر بشكوى ضد الأهلي في «فيفا»؟ وكيل المدرب يحسم الجدل    المشدد 10 سنوات لمحاسب أنهى حياة زوجته ب22 طعنة في العجوزة    تكييف صحراوي ينهي حياة طفل صعقا بالكهرباء في «دراو» بأسوان    رومانسية رنا رئيس وزوجها فى أحدث صور من حفل زفافها    الدفاع الروسية: إسقاط تسع مسيرات أوكرانية في أجواء مقاطعتي بيلجورود وكورسك    سفير مصر فى رام الله يلتقى بأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية    جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 في القاهرة لطلاب الابتدائية    هل بدأ الصيف؟ بيان الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة (عودة ارتفاع درجات الحرارة)    قتلت جوزها بسبب علاقة مع أخوه.. قرار من الجنايات في جريمة "الدم والخيانة" بالجيزة    البابا تواضروس: مصر تعتبر القضية الفلسطينية من أهم أولوياتها    ليلى علوي تقدم واجب العزاء في المنتج الراحل وليد مصطفى    بمباركة أمريكية.. ما دور واشنطن في الضربة الإسرائيلية الأخيرة على الحوثيين؟    "ابدأ حلمك" يواصل تدريباته فى قنا بورش الأداء والتعبير الحركى    محمد عشوب يكشف سبب طلاق سعاد حسنى و علي بدرخان (فيديو)    هل ارتداء القفازات كفاية؟.. في يومها العالمي 5 خرافات عن غسل اليدين    تصعيد عسكري في غزة وسط انهيار إنساني... آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة    شولتز: ألمانيا ستواصل دعمها لأوكرانيا بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين    وزير الرياضة يهنئ المصارعة بعد حصد 62 ميدالية في البطولة الأفريقية    التصريح بدفن جثتين طفلتين شقيقتين انهار عليهما جدار بقنا    «حتى أفراد عائلته».. 5 أشياء لا يجب على الشخص أن يخبر بها الآخرين عن شريكه    أسرار حب الأبنودى للسوايسة    المغرب وموريتانيا يبحثان ترسيخ أسس التعاون جنوب-جنوب ومواجهة التحديات التنموية    محافظ سوهاج: مستشفى المراغة المركزي الجديد الأكبر على مستوى المحافظة بتكلفة 1.2 مليار جنيه    جامعة العريش تستقبل وفد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية    أسعار النفط تتراجع 2.51%.. وبرنت يسجل أقل من 60 دولاراً للبرميل    عاد من الاعتزال ليصنع المعجزات.. كيف انتشل رانييري روما من الهبوط؟    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    زراعة الشيوخ توصي بسرعة تعديل قانون التعاونيات الزراعية    خوفا من الإلحاد.. ندوة حول «البناء الفكري وتصحيح المفاهيم» بحضور قيادات القليوبية    الرئيس عبد الفتاح السيسي يصل مقر بطولة العالم العسكرية للفروسية رقم 25 بالعاصمة الإدارية "بث مباشر"    "الجزار": انطلاق أعمال قافلة طبية مجانية لأهالي منطقة المقطم.. صور    وفاة نجم "طيور الظلام" الفنان نعيم عيسى بعد صراع مع المرض    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني| صور    سفيرة الاتحاد الأوروبي ومدير مكتب الأمم المتحدة للسكان يشيدا باستراتيجية مصر لدعم الصحة والسكان    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    وضع السم في الكشري.. إحالة متهم بقتل سائق وسرقته في الإسكندرية للمفتي    «هكتبلك كل حاجة عشان الولاد».. السجن 10 سنوات لمتهم بإنهاء حياة زوجته ب22 طعنة    وصلت لحد تضليل الناخبين الأمريكيين باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي.. «التصدي للشائعات» تناقش مراجعة وتنفيذ خطط الرصد    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    "قومي حقوق الإنسان" ينظّم دورتين تدريبيتين للجهاز الإداري في كفر الشيخ    مستشفى قنا العام تنجح في تنفيذ قسطرة مخية لمسنة    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    إعلام إسرائيلى: الحكومة تقرر عدم تشكيل لجنة تحقيق فى أحداث 7 أكتوبر    لمتابعة استعدادات الصيف.. رئيس شركة مياه مطروح يتفقد عددا من المشروعات    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    محمود ناجي حكما لمواجهة الزمالك والبنك الأهلي في الدوري    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الزغاريد فى طوابير الناخبين.. أو عودة الغناء إلى حناجر البسطاء !
نشر في أكتوبر يوم 08 - 06 - 2014

الشعب المصرى مازال محتفظا بوصفه بأنه شعب (ابن نكتة)، ذلك الوصف الذى تأكد ثباته فينا بظهور (فوكهاتية الفيس بوك)، ولكن المكمل للوصف أننا أيضا شعب مغن.. نغنى وقت الفرح ونغنى وقت الحزن.. منتصرين ومهزومين، ونغنى وقت الراحة وفى ذروة الشقا.. أو هكذا كنا.. كنا نغنى فى الغيطان على وقع خطوات الثور المتحرك فى الساقية وصوت أزيز ترس الساقية يتابعنا وقت رى المحصول.
ونغنى ويد الواحد فينا تضرب عود القمح بالمنجل لحصاده ويغنى الجمال أثناء سيره بجوار الجمل الذى يحمل متاعًا له أو لغيره على وقع خطواته وخطوات الجمل، وكنا نغنى على طبلية الفواعلية ساعة بناء المساكن..
وأنا شخصيًا وقد أتاحت ظروف عمل والدى فى الريف النائى لى أن أعيش غناء أهلنا فى كل أوقاته.. ولا يغيب عن ذهنى أغانينا أطفالا وصبية وبنات فوق أسطح منازل قريتنا فى وقت (بعرمة) الكشك.. مناسبة كنت أعشقها وانتظر موعدها الذى يحل بعد حصاد القمح وتحديدًا فى يوليو من كل عام.
فى ذاكرتى وذاكرة كثيرين من أبناء جيلى مئات من هذه الأغانى التى كنا بها نفرح ونحزن ونعرق ونحب.. وأيضا نتخاصم ونتصالح.
.. حتى كان اليوم الذى خرج علينا من قال (الغناء حرام) فأسكت شعبا عاش آلاف السنين يغنى، كما يقهر المعتدى القاصد اغتصاب بلده أو حريته..
فى السطور التالية أحكى للقراء من الأجيال الجديدة عن (مناخ غنائى عشناه).. أحكى عن زمن كان أميز ما فيه تنوعنا الثقافى ومعه تنوع فى أشكال الغناء (ما عاد له وجود اليوم).
أبدأ بالحكى عن الطقطوقة.. وهى أغنية خفيفة لا يعتنى ملحنها بتلحينها وكلماتها باللغة العامية وإيقاعها على ميزان البسيط (2/4) يلحن مذهبها من المقام الأساسى للأغنية، وتلحن الأدوار التالية (كل دور بلحن مختلف) قريب من اللحن الأساسى وكل دور يبدأ بلزمة موسيقية ملائم لحنها اللحن الأساسى والمذهب يتكرر بعد كل دور..
ومن الأشكال الغنائية التى تطابق الطقطوقة الأغانى الجماهيرية التى يحفظها الناس من المغنى ويرددونها فى أوقات الحظ.. الاختلاف الوحيد بين الطقطوقة والأغنية فى موضوع الكلمات. الموسيقار الكبير سليم الحلو الذى ننقل عنه هنا من مؤلفه الفريد (الموسيقى النظرية) الذى كان أول مؤلف عربى يبسط الموسيقى والغناء لتكون فى متناول استيعاب تلاميذ المدارس الابتدائية.. سليم الحلو يذكر فى مؤلفه المذكور أن (الطقطوقة) كانت فى الماضى من غناء النسوة قبل أن تتحول ليتغنى بها الرجال والنساء معا فى أيام تالية.. الأغنية الجماهيرية أو فى وصف تانى (الأغنية الشعبية) ملمح مهم فى ثقافات كل شعوب العالم.
... وعلى عكس الأغنية الشعبية والطقطوقة يأتى (النشيد) الذى هو عمل موسيقى غنائى له لحن خاص ولون خاص ولأغانيه كلمات من الشعر المنظوم (فى أحيان يكون شعرا فصيحا) وفى أحيان يكون شعرا مكتوبا بالعامية، لكنه شعر ملتزم بقواعد العروض (الأوزان الشعرية المألوفة عن العرب) وله قافية تختم كل بيت من بيوت الشعر فى النشيد.. وغنائيا يؤدى النشيد مغنى فردى، وكذلك مغنون جماعة، وميزان النشيط الموسيقى أيضا الوحدة البسيطة (2/4)، لكنه بسرعة توازى سرعة الخطوة العسكرية وإن كان يمكن توقيع النشيد على موازين أخرى من الموازين صغيرة العدد (4/4، 3/4).. أما لحن النشيد فيأتى فى مقامات خاصة (هى نفسها المقامات المستخدمة فى تلحين المارش) أما مقام النشيد فيخضع للإحساس الذى تحمله كلمات النشيد، إذا كان حماسيا كان المقام حماس (عجم.. رست.. جهار كاه)، وإن كان للكلمات إحساس آخر اختير لها مقام يناسبها سواء كان راقصا أو حزينا.
لحن النشيد يكون من المقام الذى يبدأ به النشيد ثم ينتقل الموسيقى لعمل لحن آخر فى وسط النشيد للتحلية، وهو لحن من (الملائم) للمقام الأساسى للنشيد، ثم يكون الارتكاز فى النهاية على قرار المقام أو جوابه حسب معانى كلمات النشيد.. والعادة المتبعة فى تلحين النشيد تقليل اللوازم الموسيقية ولا تزيد المقدمة الموسيقية للنشيد على 8 مازورات.
ومن الأشكال الغنائية فى الموسيقى العربية المنولوج أو اللحن الحر.. الديالوج هو كما المنولوج لكنه مختلف فى أن المنولوج أغنية لفرد أما الديالوج فهو محاورة غنائية بين اثنين من المغنين وتصحبه آلات وتكون كلماته فى أوقات شعر فصيح أو عامى وفى أوقات زجل.. أما التريالوج فيكون الغناء فيه محاورة بين أكثر من اثنين يقومون بإلقائه بالتناوب مع متابعة من العزف.
المنولوج والديالوج والتريالوج غناء مأخوذ عن الغرب ليس له أصل فى الموسيقى والغناء العربى.. نفس القول ينطبق على الأوبرا أو الأوبريت الذى هو عبارة عن رواية بها شخوص وحدث درامى يجرى تمثيلها بالغناء.. الفرق بين الأوبرا والأوبريت أن الأوبرا تمثيلية كلها غنائية، أما الأوبريت فيتخلل الغناء مساحات من الكلام.
... أما أرقى أنواع الغناء العربى فهو غناء القصيدة.. وفيها على المغنى أن يُحسن اختيار الشعر المكتوبة به الأغنية، وكذلك على الملحن التفنن فى توقيعها... القصيدة تكون شعرًا منظومًا على بحور الشعر العربى والميزان الموقعة به غنائيا هو ميزان الوحدة المتوسطة أو ما يسميه أهل الموسيقى (البلانش).. وأحيانا تكون على ميزان (المصمودى الصغير أو الكبير).. وفى أحيانا يلقى المغنى القصيدة ارتجالا دون توقيعها على ميزان موسيقى محدد مثلها مثل الموال.
... وعلى ذكر الموال أو (المواليا) يقال إن أول من غنى الموال كانت جارية للخليفة جعفر البرمكى، والموال يُغنى باللهجة العامية الدارجة ويمتاز نظمه بتمكن مؤلف كلماته من اللعب باللفظ، حيث يحتوى الموال ضمن ما يحتوى من ألاعيب كلامية على الجناس والتورية فى القوافى المنتهية بها أبياته الغنائية.
وللموال أشكال منها الموال (المربع) أو الرباعى وهو الذى تتكون غنائيته من 4 أبيات لها قافية واحدة.. وهناك الموال الخماسى المكونة غنائيته من خمسة أبيات.. البيت الأول والثانى والثالث والخامس بقافية واحدة، والبيت الرابع بقافية مختلفة، وهناك أيضا الموال المسبع، وهو موال مكون من 7 أبيات وهو الموال المعتاد سماعه عندنا فى مصر.
... من حيث الموضوع (موضوع كلمات الموال) هناك موال أخضر وموال أحمر ويختص الموال الأحمر بغناء المواضيع التى فيها حزن ومآس.. وتنفرد الموسيقى العربية دون غيرها من موسيقات العالم بالموال، وبغنى (يا ليل يا عين).. وهو نوع من الغناء يظهر فيه المغنى براعته فى تلاعبه بالإنشاد مما يكون برهانًا على أن هذا المغنى بارع وكفء فنيا ومتمكن فى ارتجال الألحان تمامًا، كما يفعل العازف فى التقاسيم.
... ومن ألوان الغناء عندنا (أغانى الذكر) و(أغانى الموالد) وهى أغان خاصة بجماعة المتصوفة وفى أغانى الذكر يكون هناك مغن منشد أو مداح ومعه آخرون للرد عليه، وهى لون غنائى يحتوى على كثير من التعدد فى الأصوات مثل (الأصوات الأرضى).. (صوت الذكيرة فى تكرار لفظ الجلالة (الله) أو (لا إله إلا الله).
.. ومن أغانينا أيضا (أغانى الحجاج) وهى غناء غالبا لا يصاحبه عزف آلات (غنائيات كنا نودع بها الذاهب إلى أرض الحجاز منا ونستقبله بها).. وهناك أيضا فى غناء أهلنا (أغانى الرثاء) أو الأغانى المعروفة باللهجة المصرية الدارجة (الندب).. وهى عبارة عن مواويل تُقال بشكل جماعى مع الدق على الدفوف ويشارك أحيانا فيها بالضرب على الكف.
... وفى غناء المصريين أغان للجنازة، حيث كانت العادة أن يتقدم الجنازة بعض المنشدين يغنون أغان توحد الله وتصلى على النبى.. ولهذه أنواع: فيها يقول المنشد ويرد عليه آخرون وفى نوع الإنشاد جماعى.
... نصل إلى الآذان (النداء للصلاة الذى ينطلق من مآذن المساجد فى كل وقت صلاة). سليم الحلو (وهو كما نعرف موسيقى لبنانى يقول فى كتابه الذى ذكرنا أننا ننقل عنه) أن الآذان بحسب اعتقاد بعض كبار الموسيقيين المصريين لحنه تدرج من لحن قديم بسيط.. وأن اللحن الذى نسمع به الآذان فى مصر يسير فى مقام الرست، والرست كما يقول الحلو يعتبر السلم الطبيعى والأساس للموسيقى العربية.
وفى لحن جملتى (حى على الصلاة، وحى على الفلاح) تحليات موسيقية، ومعظم مقاطع لحن الآذان ترتكز على خامس درجة صوتية فى مستقر المقام (مقام النو) وهو درجة مهمة للحن الرست، ويقف المقطع قبل الأخير (الله أكبر، الله أكبر) فى الآذان على مقام (السيكا)، وهى من المقامات الأساسية فى الموسيقى العربية فى سلم الرست أيضا.
.. وينقل الحلو عن محمود حافظ أن الآذان فى مصر له طريقتان.. الأولى (طريقة الآذان الليثى) وهو آذان يكون فيه المؤذن أميل إلى الإلقاء، وهذا الآذان شائع فى ريف مصر، الثانية الآذان السلطانى، وهى طريقة فى الآذان للصلاة انتقلت إلى مصر مع مجىء الحكم العثمانى إليها، والآذان السلطانى هو ما ذكرنا تحليله الموسيقى فى بداية كلامنا عن الآذان فى مصر، مقاطعه تأتى بلحن على مقام الرست.
...
...
... السر الذى أعاد إلى ذهنى صورة أيام كنا فيها شعبا يغنى، كان منظر المصريين وزغاري د المجتمعين فى طوابير التصويت على اختيار رئيس مصر. أول مهامه وأهمها فى تقديرى إعادة مصر إلينا.. وإعادة (الغناء) إلى حناجر بسطاء هذا الوطن بجد).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.