يعتبر الشيخ محمد جبريل من أشهر قارئي القرآن في الوقت الحاضر الذين اكتسبوا جماهيرية شعبية ، وهو ما يظهر بوضوح في ليلة القدر التي يحييها الشيخ جبريل في جامع عمرو بن العاص حيث يحتشد الآلاف لأداء الصلاة وراءه. وكان من الملاحظ في الفترة الأخيرة اختفاء الشيخ جبريل عن الظهور الإعلامي، كما انه بالرغم من صوته العذب إلا أنه لم يسمع الجمهور صوته عبر إذاعة القرآن الكريم، وفي الوقت نفسه وجهته له عدة انتقادات من قبل حينما كان يحاول التصدي للفتوي في بعض البرامج التي كان يظهر بها في التليفزيون المصري والفضائيات، وغير ذلك من الأمور التي استطاعت روزاليوسف أن تواجه بها الشيخ جبريل ليتعرف عليها القاريء من خلال الحوار التالي: بداية يري البعض أنك تحيد في بعض الأوقات عن كونك قاريء قرآن إلي مجال الفتوي، وإبداء الرأي الشرعي في قضايا بعينها، مع أن الإفتاء له متخصصون، فما تعليقك علي هذا؟ ربما لا يعرف الكثيرون أنني من خريجي كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، فأنا أزهري منذ الصغر وحتي تخرجي في الجامعة، وخريج هذه الكلية بالذات هو الذي يحق له الفتوي دون غيره لأنه يدرس الفقه وأصوله، والفقه المقارن وغير ذلك من المواد الشرعية والقانونية، كما أنه بجانب كل ذلك فمعي بحمد الله كتاب الله، وأول العلم هو القرآن الكريم، فعالم بلا قرآن عامل بلا هوية. ومع أن الله أكرمني بالقرآن والعلم معا فإني لا أصدر نفسي للفتوي.. بل إني أحاول أن أجنب نفسي ذلك ، ومع هذا إذا سألت وأنا اعلم الحكم فإني أجيب، فلا شيء يمنعني من ذلك ما دام معي الدليل علي هذه الفتوي. روتين إذاعة القرآن الكريم لماذا لم توجه صوتك إلي الناس عبر إذاعة القرآن الكريم؟ - السؤال عن موضوع الإذاعة مللت منه، ومن المفترض أن يوجه السؤال إلي الإعلام في بلادنا، فلست شخصية مجهولة لا يعرفها الإعلام، وأنا أسال سؤالا وأريد جوابا يرضي الله عز وجل، وهو: هل نحن نحترم المواهب ونقدمها للناس، ونحتضنها؟، فهذا أمر يحتاج إلي وقفة وصدق، وحب الخير لكل صاحب موهبة في كل مجال. إن الإعلام يعرف تماما إمكانياتي وموهبتي ولقد أذاع أكثر من مرة صلاة التراويح والفجر علي الهواء مباشرة، كما أن رئيس إذاعة القرآن الكريم السابق أصدر قرارا بأن أقوم بتسجيل مصحفا مرتلا للإذاعة، وذلك كهدية مني ، وبدأت بالتسجيل بالفعل، ولكن عندما جاء رئيس جديد للإذاعة قالوا إننا نحتاج إلي موافقة جديدة ، وبالروتين لم يتم شيء ، ولا يليق أن أقف علي الأبواب لأطلب تكملة التسجيل. فللأسف إن ما يحدث من روتين يقتل فعلا كل صاحب موهبة ، ومع ذلك فإنني موجود علي الساحة وأعمالي تشهد لي وصوتي أجده يسبقني في كل مكان عبر الإذاعات والفضائيات ومواقع الانترنت والأشرطة والسي ديهات، كما أن لي موقعًا علي الانترنت، وبرغم كل هذا فأنا علي استعداد لتلبية نداء إذاعة القرآن الكريم إذا طلبت مني ذلك في أي وقت.. والله المستعان وإليه المشتكي. وما أسباب اختفائك عن الأنظار في البرامج التليفزيونية المصرية؟ وهل هناك مشكلة وراء ذلك؟ - السبب راجع إلي كثرة سفرياتي لخدمة الدعوة، لكن الذي لا يعلمه الكثيرون هو أنني بطبعي لا أحب الظهور لمجرد الظهور والتواجد فقط، ومسألة الانتشار من المفترض أنها مرحلة انتهيت منها منذ زمن بعيد، فإذا كان هناك الجديد الذي سيكون نافعا للناس والدعوة الإسلامية وسنقول فيه ما يرضي الله عز وجل فمرحبا به وسأقدمه للناس وهذا سيسعدني، وإلا فالله الغني ، خاصة إنني أضع نصب عيني رضي الله عز وجل، ثم حب الناس الذي يعد رأس مالنا الذي لا ينضب، ومن ثم يجب الحفاظ عليه لأنه نعمة من الله، كما أنني اعلم أن الأمر ليس بكثرة الظهور والتواجد ولكن بقيمة ما نقدمه ويؤثر في الناس . قراء فقراء ما تقييمك لأحوال قارئي القرآن في مصر؟ وما الذي ينقصهم بالتحديد؟ - إن أحوال قارئي القرآن في بلادنا يحتاج الكثير والكثير، فمن المعلوم أن الله سبحانه أكرم مصر وحباها بنعمة القرآن وحسن تلاوته علي أحسن ما يكون، مما يعلم يقينا أن القارئ المصري هو أفضل الأصوات علي الإطلاق في العالم، وهو ما يشير إلي أن مصر لديها ثروة عظيمة لكن للأسف لا يتم الاهتمام بها علي النحو المطلوب. الكثير من أهل القرآن في مصر يعيشون عيشة أقل من المتوسط لا تليق بهم، مع أنه من المفترض أن تحفظ كرامتهم ويتم مساعدتهم لأن يعيشوا عيشة كريمة تليق بهم، وبكونهم حاملين للقرآن. وللأسف النقابة المخصصة لقارئي القرآن من أجل خدمتهم ورعايتهم فقيرة الحال وليست كمثيلاتها من النقابات، فهي بلا موارد ولا حتي مبني قائم بذاته، لذا فإنني أهيب بالمسئولين في بلادنا الاهتمام بقارئي القرآن بأن يحفظوا كرامتهم، ويهتموا باحتياجاتهم ليعيشوا عيشة سوية كريمة، خاصة ان أكثر قارئي القرآن في مصر يعيشون تحت خط الفقر، وهذا لا يليق بمكانة أهل القرآن، ولا ببلد مثل مصر. ظهر في الساحة العديد من الأصوات في قراءة القرآن، وكثر منهم المقلدون لكبار قارئ القرآن لدرجة أن الناس أصبحوا لا يعرفون التمييز بين تلك الأصوات، فهل تعتقد أن ذلك يقضي علي ظهور أصوات مبدعة ومميزة لقارئي القرآن؟ - أنا معك في أن هناك أصواتًا مقلدة لكبار القراء، ولكن هذا لا بأس به ولا مانع منه في بداية الطريق لأي قارئ، لكني أنصح بعدم الاستمرار في ذلك لأنه يجب أن يكون لكل صوت جديد صوته المستقل والمميز الذي يعرف به، خاصة أن الأصوات المبدعة موجودة في مصر ، فكما أن القرآن نزل في مكة والمدينة، وكتب في اسطنبول ، فإنه قرئ عندنا. قراءة المطربين ما رأيك في التوجه بأن تتم قراءة القرآن الكريم عن طريق مغنين لهم أصوات غنائية؟ - قراءة القرآن متاحة لكل صاحب موهبة بشرط أن يؤديه بإتقان وخشوع وأداء حسن وموزون ومعبر عن قارئ واع فاهم، أما تلحينه علي طريق الغناء فهذا لا يليق بكلام الله عز وجل وهيبته، ولقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :" أحسن الناس أصواتا من إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه يخشي الله"، وخشية الله لن تأتي إلا بعد فهم كتاب الله. كما يجب أن نعلم أن موهبة بعلم أفضل بكثير من موهبة علي جهل، وعليه من يرد أن يقرأ كتاب الله فالباب مفتوح لمن عنده الكفاءة وحسن التلاوة والأداء الحسن والإتقان الجيد المتمكن، ولا يهم ما إذا كان القارئ بعد ذلك مغنيا أو مطربا ما دام سيلتزم بالشروط التي ذكرناها.