كتب: يونان مرقس القمص تاوضروس لما كانت مصر بتاريخها الليبرالي، قد اختبرت وعاشت هذه الثقافة بدرجة ما، وإذ نري حاضرًا بدأت فيه بوادر التغيير وقيل إن مصر تسعي لتبني نظام حكم مدني ديمقراطي حديث فمصر تمر حاليًا بفترة بالغة الأهمية، يستلزم فيها تضافر جهود الجميع في العاصمة السياسية وفي إقليم مصر كلها تحقيقًا لحلم أبناء مصر بالنهضة والتقدم، الثورة المصرية قامت من أجل مصر والمجتمع السليم الذي نريده والذي نادت به الأديان السماوية، نعم ثورة 25 يناير كشفت المستور في كل شيء ودعت للحرية والديمقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص ومحاربة الفساد بكل أنواعه ولكنها لم تحقق نجاحًا كاملاً. أعتقد أنه قد آن الآوان أن يتدارك كل محب لوطنه فيواجه التحديات ويعمل علي إيجاد حلول لها دون أية حساسية من أجل مستقبل مصر ليسير الركب قويًا، لتصبح مصر منارة للحضارة في الأسرة الإنسانية. • هل تستطيع إدخال مصر حظيرة الدول المتقدمة؟ • هل تستطيع توفير المناخ الصحي الذي يعزز الاندماج والتلاحم بين المصريين؟ • هل تستطيع إنهاء الصراع والخلاف القائم في مصر الآن بين التيارات الدينية الإسلامية والمسيحية والأحزاب السياسية والليبرالية؟ سنركز في هذا المقال علي الاقتراحات التي أعتقد أنها كفيلة بإدخال مصر حظيرة الدول المتقدمة وفي ذات الوقت سوف تدعم روح الوحدة الوطنية بين الأقباط والمسلمين في مصر. 1- علمانية الدولة أي فصل الدين عن الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية مع احترام الأديان السماوية كلها التي تحكمها شرائعها وعدم التمييز بين فرد وآخر علي أساس ديني بل الكل سواء أمام القانون فعلاً وتنفيذًا الذي نص علي أن جمهورية مصر العربية دولة مدينة نظامها ديمقراطي يقوم علي أساس المواطنة. 2- عدم تأسيس حزب ديني داخل الوسط السياسي. 3- عدم احتكار العمل السياسي في مصر لحزب واحد مثل ما كان عليه النظام السابق «الحزب الوطني الديمقراطي». 4- تكوين مجتمع مدني ديمقراطي حديث مثل المجتمعات المتحضرة. 5- تمثيل واضح للشباب في الانتخابات البرلمانية «الشعب والشوري» والمحليات والنقابات العامة، فالشباب هم مستقبل مصر عاجلاً أم آجلاً ينبغي أن يديروا مصر المستقبل مصر الحديثة، وهذا ما يعني في المستقبل نقل السلطة إلي الأجيال الشابة من خلال الشرعية الدستورية. 6- تدعيم دور المرأة في العمل السياسي بما يساعد المرأة في العمل السياسي والاجتماعي بشكل كبير، فهذه المشاركة هي وحدها كفيلة بالحفاظ علي قدر التوازن داخل النظام السياسي والاجتماعي بحيث لا يقتصر العمل السياسي فقط علي المجتمع الذكوري. 7- احترام حقوق الإنسان وكفالتها علي كل المستويات. 8- إنشاء مجلس قومي للمواجهة وإدارة الأزمات للتغلب علي المحن والكوارث الخاصة بالمجتمع المصري. 9- إنشاء مكتب لحقوق المواطنة داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان لمعالجة الاحتقانات الطائفية بالنظر إلي أسبابها وإيجاد الحلول الفعالة في إطار مبادئ المواطنة والمساواة وسيادة القانون، بحيث يساهم هذا المكتب في رصد وتحليل أية ظواهر قد تؤدي إلي توترات طائفية... مشاركة الأقباط في إدارة شئون بلادهم في كل المجالات كمواطنين من الدرجة الأولي مثل اخوانهم المسلمين. 10- لابد من تنقية مناهج التعليم بجميع مراحله لزرع روح الوحدة الوطنية في قلوب الأطفال من صغرهم ومحو ثقافة الكراهية ضد الآخر من الكتب... وتدريس مادة مبادئ حقوق الإنسان في كل المستويات التعليمية. 11- لابد من الوعي الثقافي والروحي المستقيم والوعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي السليم لأنه أفضل من القوانين.. وبهذا الوعي نتغلب علي الكارثة الحقيقية الموجودة في مجتمعنا وهي التدهور العقلي الذي أفقد مجموعة كبيرة من شبابنا النقي القدرة علي النقد والتمييز والتساؤل. 12- استصدار مادة في الدستور الجديد يجرم ويعاقب علي أفعال التمييز السلبي والتحريض ضد المواطنين بناء علي العقيدة أو الجنس أو اللغة أو الدين في أجهزة الدولة وكل المؤسسات العامة والخاصة ودور العبادة.. مما يعطي الحرية الكاملة للأديان ومنع ازدرائها مع منع نشر أية مواد صريحة أو ضمنية تسيء إلي الأديان الثلاثة سواء كانت واردة في المقررات الدراسية أو الإعلام أو الصحف أو المجالات أو أي كتاب ثقافي... من حق كل داعية أو مبشر أن يدعو إلي فضائل دينه عقائديًا وروحيًا بطريقة إيجابية وليس بالطريقة السلبية.. وله الحق أن يفسر ويشرح دينه كما يريد، ولكن من دون أن يهاجم الدين الآخر أو يقبحه أو يمس أصوله بما يجرحه أو يجرح مشاعر المتدينين به.. مع وضع قرارات حاسمة وقوية من أجل صيانة الوحدة الوطنية وعقد ميثاق قومي بين القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية علي وقف تيار مهاجمة الآخر.. لذلك يحتاج الأمر إلي انتقال بعض القيادات الواعية المتزنة إلي كل ربوع مصر لصد الشائعات والإشاعات لإظهار الحق والحقيقة. • لابد من تعزيز الحكومة وكبار المسئولين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني بما فيها المؤسسات الدينية الرسمية «الأزهر والكنيسة» من كثرة اللقاءات التي تجمع بين أطياف هذا الشعب في كل مناسبة عامة أو خاصة ومنها الأعياد والمناسبات الوطنية. • واختم مقالي أن بلادنا العزيزة مصر غالية علينا جميعًا والنهوض بها لابد وأن يأتي من خلال التعايش السلمي بالمودة والمحبة والتسامح والوحدة بين أطياف هذا الشعب الذي يعبد الله الواحد القدوس في كل ربوعها، وهذه الفضائل تعتبر منهجًا سلوكيا نادت به غالبية الأديان سواء السماوية أو الوضعية وله أثره في بنيان الوطن والنهوض به حفظ الله مصر وترابها وشعبها الواحد يستظلهم علم مصر الهلال مع الصليب.. وفقنا الله جميعًا لما فيه الخير رفعة لمصر وشأنها.