يقرر كتاب "صاحب الأغاني..أبوالفرج الأصفهاني" الذي صدرت منه الطبعة الثالثة عن سلسلة "ذاكرة الكتابة" للهيئة العامة لقصور الثقافة للكاتب الدكتور محمد أحمد خلف الله، أن أبا الفرج الأصفهاني راو وليس مؤرخا، حين يضع نصب عينيه إيراد كل ما يصل إليه من روايات، دون التحقق من صدقها، تاركا مهمة تمحيص الروايات وتحقيقها والحكم عليها للقارئ، متبرئا من العهدة والمسئولية في وجه الطاعنين، وإن كان يسارع في غير قليل من الحالات إلي إصدار حكمه علي ما يورد من روايات في كلمة سريعة، ودون إبداء الحيثيات أحيانا، وفي شيء من التفصيل والتعليل في أحيان أخري. يأتي ذلك في سياق اعتبار أبي الفرج أعظم شخصية إخبارية في القرن الرابع الهجري، لكنه ظل شخصية غامضة للباحثين لقلة الأخبار عنها، من هنا اتجه خلف الله إلي جمع المواد ونقدها لرسم شخصية الأصفهاني متبعا عددًا من الخطوات، أولها التحقيق التاريخي ثم الكشف عن أسرة الأم والأب لبيان ما خلفه ذلك في ميول وآراء ومعتقدات الأصفهاني، ثم اتجه للكشف عن الأساتذة الذين وجهوا الأصفهاني توجهات معينة وتوضيح أثر كل منهم، بعد ذلك بدأ في الحديث عن الحياتين العقلية والفنية للأصفهاني وانتهي إلي بيان واف لموقفه من تقاليد الرواة خاصة فيما يتعلق بالعدالة وبالضبط وبالسند.