ما يحيرني ويحير كثيراً من المصريين، هو موقف حكومة "د. شرف" ومستشاريه، من توقف شرايين القلب في مراكز المجتمع المدني، وعلي رأسها النقابات المهنية، وفي قلبها أكبر نقابة مهنية في مصر وهي نقابة "المهندسين"! ولعل "عصام شرف" نفسه، وفي ظل النظام السابق، قد كُلِفَ بتشكيل مجموعة عمل لإعادة الحياة لتلك النقابة، وتشكيل مجلس أو جمعية مؤقتة مكونة من نحو ثلاثين عضواً من مهندسي مصر، لكي تبدأ النقابة في عقد جمعيتها العمومية، وإنهاء حالة الحراسة، التي امتدت لأكثر من خمسة عشر عاماً دون وجه حق أو مبرر معقول، ولكن ما تم بعد الثورة شيء يدعو للخجل حيث جاء نفس الرجل المهندس "عصام شرف" رئيساً للوزراء، أي أنه صاحب الحق الأصيل في إصدار قرارات لها قوة القانون بعد العرض علي المجلس العسكري، بدعوة المهندسين لعقد جمعيتهم العمومية والبدء في عملية تشكيل مجلس إدارة منتخب طبقاً للقواعد والقوانين المنظمة لذلك. حتي وإن لم توجد، فإن هناك من اليسر في الحياة السياسية الآن لاستدراك المواقف الغائبة عن الوعي في مثل هذه الأحوال. ولكن التجاهل التام لمطالب المهنيين المصريين! في جميع نقاباتهم المهنية هو إهدار لحقوق ضاعت قبل الثورة وكان من الواجب أن تعود في اليوم التالي من سقوط النظام السابق، وإذا جاز التأخير، فإنه لا يجوز التجاهل الحادث الآن! لا يجوز أن يغيب عن وعي الحكومة المصرية بعد الثورة، أن من أهم أدوات الحركة السياسية والاجتماعية في مصر، هو تفعيل دور المجتمع المدني، وأهمها نقابات مصر المهنية والعمالية. ولعل الاجتماع الأكبر الذي دعي إليه كل مهندسي مصر، وقد شفع لهم الحضور في مكان متسع كاستاد القاهرة أن يثبت للقائمين علي حكم البلاد من غير المهندسين، أن هناك مشكلة كبيرة يجب أن يتخذ لها وفيها إجراءات! لكن للأسف الشديد، قوبل ذلك بتجاهل من مهندس كبير في منصب كبير "كمنصب رئيس مجلس وزراء مصر"، كما قوبل بتجاهل من القيادة العليا للبلاد، وكذلك طاقم الحراسة علي النقابة، وهو المستفيد الأول من وجود هذه الحالة غير المعقولة وغير المقبولة أيضاً، وإلا قدم استقالته لرئيس الوزراء وأخلي مقعد الحارس القضائي لكي يضع ضغوطاً ملحة علي رئيس الوزراء (الغلبان) إلي أن يتخذ قراراً بالموافقة علي قرارات أو توصيات الجمعية العمومية للمهندسين بإجراء الانتخابات فوراً. هل هناك من يسمع أو من يهتم؟ أشك! لأن النظام السابق مازال قائماً، "وعصام شرف" مازال أحد أهم أعمدته!