حالة من الفوضى والاستهتار والتسيب، داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى قويسنا المركزى، حيث إنها من المفترض أن تتسم بالهدوء والسكينة والراحة، نظرا لأهميتها واحتوائها على المرضى ذوى الحالات الخطرة، وذلك بعد أن اخترقها الجميع من زوار المرضى والأطفال. فضلا عن أن البعض اتخذ غرف العناية المركزة مطعما لتناول الأطعمة المختلفة، فمعظم الغرف افترشها أقارب المريض الموجود بكل غرفة، حيث تعلوا الضحكات والمناقشات وصريخ الأطفال دون مراعاة لباقى المرضى المجاورين لهم. «روزاليوسف» اخترقت العناية المركزة بمستشفى قويسنا المركزى بكل سهولة ما يقرب من الساعتين، تمكنت خلالهما من رصد حالة الفوضى بداخلها، من حيث خروج ودخول المواطنين والأطفال المرافقين لهم، دون مراقبة أو تدخل واضح من الأمن الموجود أو إدارة المستشفى، أو حتى من أطباء وممرضى العناية. أيضا اكتشفنا خلال تلك الجولة مواطنين تحمل أكياسا بداخلها أطعمة مختلفة، ناهيك أن الكارثة الأكبر هى رائحة أدخنة السجائر التى انتشرت فى المكان بشكل لا يتحمله مواطن سليم، وكأنها بخور تتزين به الطرقات وغرف المرضي. وبالرغم من الجولات المكوكية التى يقوم بها الدكتور هشام عبدالباسط، محافظ المنوفية، والدكتورة هناء سرور، وكيل وزارة الشئون الصحية بالمحافظة، لمتابعة العمل والانضباط داخل جميع مستشفيات المحافظة، ورصد عدد من المخالفات وتحويل عدد كبير من الأطباء والممرضين للتحقيق وإيقاف البعض الآخر عن العمل، إلا أن هذه الجزاءات الناتجة عن الزيارات لم تشفع فى تحقيق الانضباط وتذليل جميع الصعاب أمام النزلاء. فى البداية تعجبت «عالية»، إحدى أقارب المرضى المحجوزين بالعناية المركزة، من حالة الفوضى والتسيب والسماح للجميع بالخروج والدخول وكأنها غرفة مريض عادية وليست عناية مركزة، متسائلة: أين دور الأمن الذى يكاد يكون منعدما تماما فى تحقيق الانضباط بالمستشفي؟، منوها إلى أن هناك تسيبا ملحوظا من جانب إدارة المستشفى فى منع «كل من هب ودب» من الاقتراب من العناية، وذلك لتحقيق القدر الكافى من الراحة للمرضى الموجودين داخل الغرف. ويؤكد الحاج بيومى نصار، الذى كان حاضرا لزيارة أحد المرضى، غياب إدارة المستشفى فى إنهاء تلك المهزلة، وفشلها فى تحقيق الانضباط وإغلاق العناية على المرضى فقط دون دخول أى أشخاص، حيث إن حدوث غير ذلك يودى بحياة المتواجدين داخلها، أو يعرضهم للخطر لا محالة. ويعرب محمد مرضى، أحد أبناء محافظة المنوفية، عن استيائه من روائح الأدخنة الناتجة عن تدخين الزوار للسجائر داخل الغرف نفسها وبجوار المرضي، مستنكرا قيام أفراد الأمن المسئولين عن العناية المركزة، بالتدخين بالقرب منها. ويطالب المرضى، الدكتورة هناء سرور، وكيل وزارة الصحة بالمنوفية، بضرورة القيام بجولة تفقدية إلى مستشفى قويسنا المركزى، على أن تكون الزيارة بشكل مفاجئ وسرى لا يعرف عنها أحد حتى تؤتى ثمارها، حيث إنها ستكتشف بنفسها الحالة المتردية التى وصل لها المستشفى بجميع أقسامه وليست العناية المركزة فقط. وتقول الحاجة فضيلة عبدالموجود، إحدى الزائرات: إن الفقر وضيق المعيشة، منع مريضها من حجز غرفة فى أحد المستشفيات الخاصة، بعد تراجع حالتها بالمستشفيات الحكومية وفى مقدمتها «قويسنا المركزى»، موجهة السؤال لوكيل وزارة الصحة: هل لو مرض أحد أقاربك لا قدر الله ستعالجه بأحد المستشفيات الحكومية الموجودة بالمحافظة؟، منوها إلى أن الإهمال زاد على الحد والمعاملة سيئة، والإمكانات ضعيفة للغاية. ويطالب المهندس حسين سالم، أحد المتضررين، الدكتور هشام عبدالباسط، محافظ المنوفية، بضرورة تخصيص ميزانية لتطوير المستشفيات وإعادة تأهيل الأطباء والعاملين بالمجال الطبى نفسيا وعلميا، لافتا إلى أن أزمة المنظومة الصحية فى مصر عامة ليست فى ضعف الإمكانات بقدر من أنها تتلخص فى أزمة ضمير للعاملين بالمنظومة، بالإضافة إلى عن ضعف الإمكانات البشرية للأطباء الموجودين حاليا. ويضيف سالم الذى تصادف وجوده داخل العناية للاطمئنان على أحد أقاربه المرض: إن الأطباء قاموا بكسر ضلعين للمريض عندما حدثت له أزمة فى التنفس، فكانت الوسيلة الوحيدة لإنقاذه بالتنفس الصناعى هى كسر ضلعين له، الأمر الذى يؤكد جهل بعضهم طبيا. «هناء محمود» دخلت إحدى الغرف المكتظة بالزوار، الموجودة بالعناية وهى تحمل بيدها اليسرى كيسا كبيرا، تنطلق منة رائحة كشرى، وعند سؤالها: هل تم تفتيش الكيس من قبل الأمن قبل الصعود للعناية؟، فقالت: لا أحد يسأل عن شيء سوى ثمن التذكرة فقط. وعلقت علا مجاهد، على تلك الأزمة، بأنه أصبح لا فرق بين غرفة العناية المركزة التى من المفترض أنها معقمة ونظيفة، وبين أى غرفة أخري، مشيرة إلى أن حياة المرضى أصبحت لعبة فى أيدى عديمى الضمير، بعد أن أصاب الإهمال والتسيب أكثر القطاعات خطورة، وهو القطاع الخاص بصحة المواطنين والمضمد لآلامهم وجروحهم. ويطالب أهالى محافظة المنوفية، الدكتورة هناء سرور، وكيل وزارة الصحة بالإقليم، بضرورة تكثيف الجولات الميدانية المفاجئة على جميع المستشفيات بجميع مراكز المحافظة والتفتيش عليها، خاصة غرف العناية المركزة بها، لما يحدث من مهازل يندى لها الجبين، حيث إن حياة المواطنين ليست لعبة رخيصة فى أيدى أطباء ليس لديهم الكفاءة فى التعامل مع نزلاء غرف العناية المركزة.