أوعى «الوعي» !    تواصل فعاليات المبادرة الرئاسية "تمكين" بجامعة الفيوم    تراجع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 27 أكتوبر 2025    محافظ سوهاج يوجه بالإعلان عن تعريفة "التوك توك" ولصقها على المركبات    محافظ الجيزة: بث المواد الترويجية للمتحف المصري الكبير على الشاشات العامة والخاصة بالفنادق للتعريف بالحدث العالمي    السيسي ل23 سفيرًا جديدًا: حريصون على تعزيز أواصر التعاون في شتى المجالات (فيديو)    مصر تواصل إرسال مساعداتها إلى غزة.. وصول شاحنات وقود وغاز (فيديو)    رئيس جامعة بنها يهنئ باحث بمناسبة اكتشاف علمي جديد في مجال الحفريات الفقارية    عمان.. مباحثات أردنية أمريكية بشأن تثبيت وقف إطلاق النار غزة    عاجل- إنهاء حالة الطوارئ في جنوب إسرائيل لأول مرة منذ 7 أكتوبر    أبو ريدة: العقوبات ستنفذ.. ودونجا لن يلعب السوبر    تشكيل الجونة لمواجهة سموحة    انتخابات الأهلي - رويدا هشام: فخورة بثقة الخطيب وسأكون صوت المرأة في المجلس    رسمياً.. يوفنتوس يقيل تودور بعد أسوأ سلسلة نتائج منذ 2009    القبض على سائق سيارة بالبحيرة طلب أجرة أزيد من المقررة    مشهد صادم على الطريق.. سائق ميكروباص يدخن "شيشة" وهو يقود في الإسكندرية    تعرف على تطورات الحالة الصحية للفنان علي رؤوف    اليوم.. عزاء شقيق فريدة سيف النصر بمسجد عمر مكرم    نجاح عملية دقيقة لإزالة كيس بالفك العلوى لفتاة بمستشفى جهينة في سوهاج    بيان من مستشفى بدر الجامعى بحلوان بشأن حادث طريق القاهرة السويس    القليوبية تواصل البحث عن طفل إسكو المفقود.. وتمشيط المنطقة وتفريغ الكاميرات    أول صورة لضحية حادث تصادم سيارتين ملاكي وتريلا في قنا    رئيس الوزراء يتابع مع محافظ بورسعيد عددًا من المشروعات الاستثمارية الجاري تنفيذها في المحافظة    المصري يجهز ملفًا مصورًا لتصعيد أزمة طرد صلاح محسن أمام الكاف    مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية يحتفي بمئوية يوسف شاهين    عاجل- مجلس الوزراء: نجحنا فى تحقيق تحول كبير فى السياسات الاقتصادية الكلية بالتعاون مع البنك المركزى    فتح: رئيس لجنة إدارة غزة يجب أن يكون وزيرا بحكومة فلسطين    غدا.. ندوة صورة دولة المماليك في التاريخ المصري بقصر الأمير طاز    تعرف علي موعد تأخير الساعة وتطبيق التوقيت الشتوي 2025 في مصر    ريال مدريد يقرر الاستئناف على طرد لونين في الكلاسيكو    بهدف تحقيق رضا المنتفعين.. اجتماع تنسيقي لهيئات منظومة التأمين الصحي الشامل في أسوان    مواقيت الصلاة بمطروح وأذكار الصباح اليوم 27 أكتوبر    فينيسيوس: لانريد الإساءة للاعبين شباب أو للجماهير.. وعلينا أن نستمتع قليلا    «تعليم أسيوط» يعلن تلقى طلبات الراغبين في العمل بالحصة لمدة عشرة أيام    «الفجر بالإسكندرية 5.44 ص».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الثلاثاء    وزير العمل: إصدار القانون الجديد محطة فارقة في تحديث التشريعات الوطنية    مسلسل محمد سلام الجديد.. قصة وأبطال «كارثة طبيعية»    عاجل بالصور الصحة: إنقاذ ناجح لسائحة إسبانية أصيبت داخل هرم سنفرو المنحني بدهشور    رئيس اتحاد الاسكواش تعليق علي فوز يحيي النوساني : طول عمرنا بنكسب الإسرائيليين وبنعرّفهم حجمهم    علاج 1674 مواطنا بقافلة طبية بالشرقية    3 مصابين في انهيار داخلي لعقار بمنطقة العصافرة في الإسكندرية.. والمحافظ يتابع الحادث    بكين: المقاتلة الأمريكية تحطمت أثناء تدريب عسكرى فى بحر الصين الجنوبى    بكم طن عز الآن؟ سعر الحديد اليوم الاثنين 27 أكتوبر 2025 محليا و أرض المصنع    انتخابات بلا إغراءات.. القانون يجرم الهدايا والتبرعات في سباق النواب    شيخ الأزهر: الحروب العبثية كشفت انهيار النظام الأخلاقي في العالم    بكام الطماطم النهارده؟.. أسعار الخضراوات والفاكهة فى الوادى الجديد    هل ستتعرض القاهرة الكبري لأمطار خلال الساعات المقبلة ؟ الأرصاد تجيب    تأجيل محاكمة 24 متهما بالإنضمام لجماعة الأخوان الإرهابية لمرافعة النيابة العامة    «الرقابة الصحية» تعقد الاجتماع الأول لإعداد معايير اعتماد مكاتب الصحة والحجر الصحي    دعاء الحج والعمرة.. أدعية قصيرة ومستحبة للحجاج والمعتمرين هذا العام    متحدث الأوقاف: «مسابقة الأئمة النجباء» نقلة نوعية في تطوير الخطاب الديني    ترامب يحذر الحوامل مجددًا| لا تستخدمن دواء "تايلينول" إلا للضرورة القصوى    بعد قليل.. محاكمة المتهمين ومصور فيديو الفعل الفاضح أعلى المحور    محافظ القاهرة يوجه بتخصيص جزء من الإذاعة المدرسية للتعريف بالمتحف المصرى    مدير معهد الآثار الألماني: نتطلع بفرح غامر إلى الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير    سيراميكا كليوباترا: نسعى للاستمرار على قمة الدوري.. وهدفنا المشاركة القارية الموسم القادم    أول أيام الصيام فلكيًا.. متى يبدأ شهر رمضان 2026؟    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلى السجن!
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 01 - 10 - 2016


إفرض إسلام بحيرى خرج من السجن.. هل تغير الحال؟!
الإجابة: لأ.
لما تكلم إسلام بحيرى عن حاجتنا لإعادة فحص السنة النبوية حبسوه، ولما نشر الباحث السورى الدكتور (محمد شحرور) كلاما عن إعادة تأويل النص الدينى انطلاقا من قاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان، منعوا كتبه فى الكويت والسعودية والبحرين.. كثير من الأمثلة المشابهة موجودة وحية بيننا، بينما الأزهريون لا يكفون الكلام عن تجديد خطاب الدين.
بالمناسبة، كتب الدكتور محمد شحرور، مثل كتب الباحثة الدكتورة أبكار الثقاف، وجابر الأنصارى، وفراس السواح.. يتداولها المسلمون فى أوروبا الآن سرا وفى الخفاء خوفا من الأوصياء من مسلمى التطرف، وأعضاء المراكز الإسلامية فى الغرب. فمن المسلمين فى أوروبا من يردون على التحية بالسلاح، ومن يرفعون الخناجر فى وجه الاختلاف، ومن يقذفون أحجار المنجنيق فى بدايات الكلام فى العقيدة ابتغاء مرضاة الله.
ونعم بالله.
السؤال: لماذا نحن متعثرون للآن فى تجديد خطابنا الدينى؟
أولا: لأننا لا نعرف ما المقصود بالتجديد، وثانيا، لأننا لا نعرف ما هو المطلوب من المجددين. ثالثا، لأنه لم يعد لدينا ما نفرق به بين حرامية الفراخ، ونشالين الموالد، وبين المفكرين وأصحاب الآراء المستنيرة، فرجال الدين يضعون الجميع فى كفة واحدة.. كلهم فى السجن.
ولو غاب الفهم، وتسلطت أفكار الماضى على الحاضر، ثم أضيفت القداسة على غير المقدس، واستمر المحدثون فى استخدام نفس أدوات الأولين فى الفهم والتدبر قل على أى دعوة للتحديث يا رحمن يا رحيم.
التجديد فى اللغة هو الانتقال من حال قديم إلى حال جديد، مع حفظ الأصل. وهو البت فى أحكام الماضى، بإحكام الحاضر لغرض اقتضاه تغير الظروف، وفى الاصطلاح الدينى التجديد هو استنباط الأحكام الشرعية من المصادر الأصلية، بغير ما استدل به الأولون على الأحكام، لطارئ طرأ ومسائل استجدت.
لكن: ما هى أسباب التجديد؟
أول أسباب الحاجة إلى تجديد هو تغير الزمان وتغير الثقافات والأرضيات المعرفية لبنى البشر. فالأرضية المعرفية للمسلمين فى عصر الأى باد والإنترنت، غير الأرضية المعرفية للمسلمين فى عصر أبى بكر وعمر وعثمان بن عفان رضى الله عنهم جميعا.
والحاجة إلى التجديد الدينى معروفة، وموجودة، ومتعارف عليها حتى فى عصور الإسلام الأولى، أبوبكر (رضى الله عنه) فى واقعة توريث الجدة، كان فكره قديما، لذلك رفض توريث جدة مات ابنها فى حياتها، لأنه لم يجد لها نصا فى القرآن الكريم. لكن الذى حدث أن راجعه اثنان من الصحابة وورثوها بالفرض، وصية واجبة، قياسا على ميراث الأم لابنها المتوفى فى حياتها. وكان رأى الصحابة تجديدا، بينما كان رأى «أبو بكر» فى تلك الواقعة أنه تمسك بالنص، دون مرونة.
والإمام الشافعى جدد على آراء الإمام مالك والإمام الليث ابن سعد بعث للإمام مالك فى المدينة معاتبا على كثير مما يصدره مالك من فتيا، ما أنزل الله به من سلطان، ولا دليل عليها فى الأصول. فالإمام مالك مثلا أجاز شهادة الرجل الواحد فى بعض النزاعات، بينما نبهه الإمام الليث إلى أن الشهادة لرجلين، أو رجل وامرأتين بحكم قرآنى.
فى كتب الفقه أن التجديد هو: (نفض التراب عما غم على السلف، واعتبره الخلف، بدافع المصالح وقيام المجتمعات).
السلف هم المسلمون الأوائل، أما الخلف فهم نحن. المقصود بما (اعتبره الخلف بدافع المصالح وقيام المجتمعات) هو ما يتوصل إليه المسلمون فى العصور الحديثة بالاستقراء الصحيح، والأدوات العقلية السليمة رغبة فى صلاح المجتمع، وتقدمه.
رغبات التجديد ومحاولاته ليست ضد الدين إذا.. بالعكس المسلمون مأمورون بمحاولات التجديد، ونفض التراب عما غم على الأوائل، مادامت محاولات التجديد لا تطعن فى أصل، ولا تضرب فى عقيدة.
ما الذى فعله إسلام بحيرى فضرب فى أصل، وطعن فى عقيدة؟
لا شيء.
لو قرأت حيثيات الحكم بسجنه لن تقف على أصل مضروب، ولا عقيدة مطعون فيها، كل تهمة إسلام بحيرى، حديثه فى كتابى البخارى ومسلم، ونقاشه فى صفحات كتبها اثنان من البشر، ثم جاء بعدهما بشر آخرون وحكموا بأن هذه الصفحات أصح ما كتب بعد كتاب الله؟!
الذى حدث أن شكك إسلام بحيرى فى بعض رجال أسانيد البخارى، وبعض رجال أسانيد مسلم، وبالتالى هدم بعض المروى عن هؤلاء الرجال، والنتيجة أنه طعن فى اعتبار الكتابين أصح ما كُتب مقارنة بكتاب الله؟
ما الحال إذا كان كل ما شكك فيه إسلام وما تكلم عنه موجود فى كتب الحديث؟ ما الحل وأن ما أشار إليه إسلام بحيرى من مشاكل ومسائل خاصة بصحيح البخارى تكلم فيه من قبل كثير من صفحات شراح السنة النبوية، وهى نفس الشكوك التى تكلم عنها علماء مسلمون فى منشورات موجودة فى المكتبات، وعليها أسماؤهم، رغم ذلك لا دخل واحد منهم السجن، ولا خطت رجل أحدهم عتبة قسم شرطة بتهمة التجديد؟
دخل إسلام بحيرى السجن بتهمة الدعوة إلى تنقية التراث، وما شهر عن النبى من حديث. حبسوه لمطالبته بإعادة تقييم النظرة الدينية إلى كتاب البخارى الذى كتبه بشر، وصاغه بشر، وتداوله بشر، فماذا لو جاء من تكلم عن أفكار خرافية، هلامية، وقصص ليست حقيقية، وتهويمات دخلت إلى الدين، وأصبحت جزءا منها، واعتبرناها مع مرور الوقت معلوما من الدين بالضرورة، فحطمت عقلية المسلم، وجعلته يساوى بين الغيب وقصص الأشباح، وبين الأوامر الإلهية، وحبكات أفلام الكارتون!
فى علوم الفقه مدارس الآن تشكك فى حديث جذع الشجرة الذى تكلم لما أزاح النبى صلى الله عليه وسلم يده عنه. كثير من الباحثين فى علوم الحديث المحدثين يقولون إنه حديث موضوع. كثيرون أيضا يرون أن قصة شق الملائكة صدر النبى (صلى الله عليه وسلم) وهو طفل فى حاجة إلى إعادة تأويل وبحث هى الأخرى، مثلها مثل تفسيراتنا لكثير من القصص القرآنى.
إذا كان القرآن كتابًا صالحًا لكل زمان ومكان، فالأصل أن يتحول النص دائما إلى اكتشافات جديدة، وتفسيرات جديدة للآيات، نكتشفها مع الزمن، وبالاجتهاد.
لو ظلت تفسيراتنا للعقيدة حكرا على آراء أبوبكر، واجتهاد عثمان بن عفان رضى الله عنهما، لما أصبح الدين صالحا لكل زمان.. ولما صحت الآية الكريمة: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
قصة الطير الأبابيل، التى ندرس للأطفال فى المدارس أشكالها وأحجامها، وأوزان الحجارة التى رمتها على جيش أبرهة الحبشى لما أراد هدم الكعبة فى حاجة إلى إعادة تدوير أيضا، نظريات حديثة فى التاريخ ترجح حاليا أن مرض الجدرى هو الذى قطع أعضاء جيش الحبشة، ومن ثم يجوز لنا اعتبار الآيات القرآنية التى تكلمت عن الطير الأبابيل إنما ذكرتها على سبيل المجاز.
لا هذا يضير القرآن، ولا هذا ضد الدين.
إسلام بحيرى خرج من السجن قبل ايام.. لكن عشرات غيره سيدخلون.. بينما مازل مشايخنا يتكلمون عن التجديد!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.