البابا تواضروس: لم يتم تحديد هوية منفذ حادث كنيسة القديسين وهذه رسالة الأقباط لمبارك    البابا تواضروس: مصر كانت فى طريقها للمجهول بعد فوز مرسى بالرئاسة    للحاصلين على الشهادة الإعدادية.. تعرف علي شروط الالتحاق مدرسة الضبعة للتكنولوجيا    رابطة السيارات توضح أسباب ارتفاع الأسعار من جديد    الأمم المتحدة: لا نينيا تبشركم بانخفاض الحرارة عالميا.. لكن لا تتفاءلوا    برلمان سلوفينيا يوافق على الاعتراف بالدولة الفلسطينية    رئيسة سلوفينيا تتعهد بتقديم المساعدة للفلسطينيين في "طريقهم الصعب نحو الاستقلال"    محمود الخطيب يكشف الصعوبات في إنشاء استاد الأهلي    برشلونة ينافس مانشستر سيتي على ضم لاعب بايرن ميونخ    السيطرة على حريق قطعة أرض بشارع الهرم والنيران تلتهم سيارتين    ما عقوبة تعريض طفل لم يبلغ سنه 7 سنوات للخطر؟.. القانون يجيب    "خايف من مي عمر".. محمد سامي ينشر مقطع فيديو ويعلق: سلوكها بقى غريب    أخبار الفن: ريهام حجاج تحسم قرار اعتزالها التمثيل.. وإنتاجات ضخمة بموسم أفلام عيد الأضحى 2024    مراسل فى المساء مع قصواء: عبور 137 شاحنة مساعدات لغزة    طرح البوستر الرسمي لفيلم عصابة الماكس للفنان أحمد فهمي    نائب عن التنسيقية: أتمنى أن نرى كوادر قوية بالحكومة الجديدة ومتفائلون    إمام مسجد الحصري: لا تطرد سائلا ينتظر الأضحية عند بابك؟    البنك المركزي المصري يسحب سيولة من السوق المحلي ب 840.6 مليار جنيه    لابورتا يكشف سبب إقالة تشافى من تدريب برشلونة ويعلق على انتقال مبابى للريال    الفريق أول محمد زكى يفتتح أعمال تطوير أحد مراكز إدارة التدريب المهنى    افتتاح مشروعات تطويرية بجامعة جنوب الوادي والمستشفيات الجامعية بقنا    وكيل وزارة الصحة بالبحيرة يفتتح ورشة عمل لجراحة المناظير المتقدمة بمستشفى إدكو    رئيس هيئة الدواء يشارك في ندوة «اعتماد المستحضرات الصيدلية»    وزير الصحة ورئيس هيئة الشراء الموحد يستعرضان جهود شركة روش لمكافحة الاورام السرطانية    الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تعلن عن خطتها لموسم الحج 1445ه    خبير اقتصادي: السوق المالي سيشهد صعودًا وبقوة الفترة المقبلة    تشكيل منتخب إيطاليا أمام تركيا استعدادًا لنهائيات يورو 2024    جامعة أسيوط تعلن عن منح عبر برنامج "من أجل المرأة في العلم"    موعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة 2024    عاجل| كبير مستشاري بايدن للشرق الأوسط يزور المنطقة الأسبوع الجاري    إصابة سيدتين وطفلة في حادث تصادم بالصحراوي الغربي شمال المنيا    الخارجية الأمريكية: وقف إطلاق النار في غزة مقترح إسرائيلي وليس أمريكيا    طريقة عمل قرع العسل، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    المؤتمر الطبي الأفريقي يناقش التجربة المصرية في زراعة الكبد    "حكماء المسلمين" يُعرب عن قلقه بشأن تردِّي الأوضاع الإنسانية في السودان    إجلاء مئات المواطنين هربا من ثوران بركان جبل كانلاون في الفلبين    حسام حسن: لم أكن أرغب في الأهلي وأرحب بالانتقال للزمالك    رسميًا.. طرح شيري تيجو 7 موديل 2025 المجمعة في مصر (أسعار ومواصفات)    المنتج محمد فوزى عن الراحل محمود عبد العزيز: كان صديقا عزيزا وغاليا ولن يعوض    لحسم الصفقة .. الأهلي يتفاوض مع مدافع الدحيل حول الراتب السنوي    ونش نقل أثاث.. محافظة الدقهلية تكشف أسباب انهيار عقار من 5 طوابق    حكم صيام ثالث أيام عيد الأضحى.. محرم لهذا السبب    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال تطوير وتوسعة شارع صلاح سالم    محمد علي يوضح صلاة التوبة وهي سنة مهجورة    مدير صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى نخل المركزي بوسط سيناء    ل أصحاب برج الجوزاء.. تعرف على الجانب المظلم للشخصية وطريقة التعامل معه    «التعليم العالي»: التعاون بين البحث العلمي والقطاع الخاص ركيزة أساسية لتحقيق التقدم    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    تعليمات عاجلة من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2024 (مستند)    بملابس الإحرام، تعليم الأطفال مبادئ الحج بمسجد العزيز بالله في بني سويف (صور)    "تموين الإسكندرية" تعلن عن أسعار اللحوم في المجمعات الاستهلاكية لاستقبال عيد الأضحى    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    26 مليون جنيه جحم الاتجار فى العملة بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    ضبط 3 أشخاص بحوزتهم 12 كيلو أفيون مخدر قيمته 1.2 مليون جنيه    إصابة 9 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالجيزة    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    أمير هشام: كولر يملك عرضين من السعودية وآخر من الإمارات والمدرب مستقر حتى الآن    علام والدرندلى يشهدان تدريبات المنتخب الأوليمبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثرثرة سياسية على النيل

مخطىء من يظن أن النيل مجرد نهر ومورد للمياه للمصريين، بل كان ولايزال منبعا لثقافتهم ومكونا أساسيًا فى الشخصية المصرية ومن يحاول ان يسبر ابعاد وخصوصية تلك الشخصية ويعرف مكنونها ويفهم مواقفها الاجتماعية والسياسية عليه أن ينظر ويدرس ويتتبع مجرى النيل، فهو محرك التاريخ والجغرافيا والثقافة، وربما حان الوقت لإعادة اكتشاف تأثير النيل اللامحدود على مصر حتى نستطيع التعرف على خصوصية هذا البلد وحتى يتسنى لنا أن نبنى عليها مستقبلها بعيدا عن استيراد انظمة وثقافات غريبة عنا.
واذا كنا لم نقدر النيل حق قدره ولم نعطه الاحترام الواجب فى حياتنا حين تعاملنا معه باستهانة وعرضنا مجراه للتآكل ومياهه للتلوث فقد عرف الأقدمون قيمته فقدسوه وقدموا له القرابين، وارتبطت دياناتهم وأعيادهم وأفراحهم به وحرص حكامه على وحدة جنوبه مع شماله، تلك الوحدة التى شكلت الرابط الأساسى لمكونات الشعب المصرى وأسهمت بشدة فى تجانس وتضامن فئات الشعب المصرى بطوائفه وحدوده الجغرافية لآلاف السنين، وأسهمت مؤخرا فى بقاء الدولة فى مصر، وإذا كان النيل هو شريان الحياة للمصريين فقد ظل أيضا المحور الذى تدور حوله حياتهم الاقتصادية والاجتماعية وإلى حد كبير السياسية داخليا وخارجيا.
ومع اعتماد مصر شبه الكلى على مياه النيل ومن ثم ضرورة التوزيع العادل لتلك المياه فى بلد نشاطه الاساسى يقوم على الزراعة، فقد تميز نظامها السياسى عبر قرون عديدة بتركيزه القوى على الموارد المائية والزراعية ومن ثم تميز النظام الحكومى والسياسى بالمركزية الشديدة والتى تغلغلت فى ثقافتها حتى أصبحت تكبل حركتها ولم تخرج صناعة القرار من العاصمة، رغم كل المحاولات لتفويض السلطات إلى حكام الأقاليم والإدارات المحلية، ورغم ما يقال عن عيوب تلك المركزية ومحاولة تغييرها، إلا أن تاريخها الطويل فى مصر يدعونا الى التوقف عن تلك المحاولات وان نتجه الى محاولة تقليص مشاكلها وتطوير مزاياها فالعيب ليس فى المركزية ولكن العيب فى المغالاة فى تطبيقها وفرنسا على سبيل المثال لم تشكل المركزية فيها عائقا لتقدمها أو لنظامها الديقراطى.
وقد كان توسط نهر النيل خريطة مصر سببا فى التوزيع المختل للسكان، حيث تركزت الكثافة السكانية على شريط ضيق حوله فى الجنوب تحده سلسلة من الجبال فى الشرق وصحارى شاسعة فى الغرب ليتسع مع فرعى النيل ويكون الدلتا، وتدريجيا التهم هذا التكدس السكانى المصحوبة بزيادة سكانية مرتفعة وغير منضبطة، جزءًا كبيرا من معدلات النمو الاقتصادى، وتحولت معظم محافظات مصر إلى مناطق طاردة لسكانها الذين لجأوا إلى العاصمة والمناطق الحضرية المحيطة، ولما لم تستطع تلك المناطق استيعاب تلك الهجرات تحول المصريون الى دول الخليج وحتى الهجرات غير الشرعية كان لها نصيب فى استيعاب بعض من تلك الزيادة السكانية، ونسينا أو تناسينا النتائج السلبية لتلك الهجرات، ومن ثم فان فكرة التقوقع فى الوادى، والتى استمرت لقرون عديدة آن لها أن تنتهى قبل أن ينهار البناء الذى أسهم النيل فى تكوينه.
ولأن قضية النيل ومنابعه كانت دائما قضية وجود، ومحورًا أساسيًا للأمن القومى لمصر، فقد كان هدف قوى الغرب دائما ضرب وحدتها وتفكيك وخلخلة الارتباط بين جنوب النيل وشماله حتى نجحت فى الخمسينيات فى فك الارتباط بين مصر فى الشمال والسودان فى الجنوب حتى وصلنا إلى بدايات القرن الحالى ليتم فصل جنوب السودان عن شماله والآن يجرى محاولة خنق مصر بالسيطرة على منابع النيل فى أثيوبيا ومحاولة تقليص كمية المياه التى تصلها.
ذلكم هو النيل فى مصر، يعلمنا أننا نحتاج إلى دراسات اقتصادية واجتماعية يكون النيل احد محاورها الرئيسية، وإلى نظام سياسى يأخذ فى الاعتبار خصوصية هذا النهر، وتأثيراته العميقة فى وجدان المصريين وفى أمنهم القومى، وربما تتفرغ مجموعة من باحثينا فى فروع العلم المختلفة لتصميم نظم تتوائم مع طبيعة مصر، كما فعلت كثير من الدول التى سبقتنا على طريق التقدم، لأنها قامت بصنع نظمها ولم تلجأ إلى استيردها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.