تستضيف قاعة "بيكاسو" أعمال الفنانين الراحلين محمود عبد الله (1936 -2002)، وسمير رافع (1926 - 2004) تحت عنوان "تجليات الرمز"، يضم من أعمال الفنانين، التي تجمع بين التنوع والرمزية. تم اختيار أعمال متنوعة للفنانين، فنجد لوحات زيتية بالإضافة لرسومات بالأقلام الملونة والاسكتش، وأيضا تجاربهما في فن الجرافيك، وترجع أهمية هذا المعرض إلي تشابه حياة الفنانين في تجربتهما في الغربة، فالفنان محمود عبد الله قضي خمسة عشر عاماً من حياته في إيطاليا، كما عاش الفنان سمير رافع معظم حياته في فرنسا، إلي جانب التشابه في الرؤية وإن اختلفت المعالجة التقنية فكلاهما حريص علي الرمز ودلالاته. فسمير رافع رسام ملون متفتح الذهن، ظهر في حركتنا التشكيلية في منتصف الأربعينيات، واختفي من سمائها سريعاً كالشهاب في مطلع الخمسينيات، تاركا خلفه شريطا من الضوء علي طريق الفن المصري الحديث، فكان في مقدمة الطليعة التي قادت أفكار الشباب ومشاعرهم من سنوات الغضب والتمرد والرغبة العارمة في التغيير بعد الحرب العالمية الثانية وحتي عام 1952. وتعتبر أعمال رافع من كلاسيكيات الفن المصري بموضوعاتها الميتافيزيقية، ويأتي هو بين الحركة التالية لجيل الرواد (محمود سعيد، ومحمد ناجي، ويوسف كامل، راغب عياد)، ويمكن أن نقول إنه من "جيل الرواد الثاني"، ولوحات التي أبدعها في صدر شبابه منذ قرابة الخمسة والثلاثين عاما، مازالت صامدة للزمن، تستدعي انتباهنا وتثير إعجابنا وأفكارنا وتخاطب في نفوسنا شيئاً أزليا. أما الفنان محمود عبد الله فكان مسكونا بفكرة التحرر والانطلاق فارتضي لنفسه ذلك الطبع المتوحد بالعزلة حينًا وبالاندماج في عملية الإبداع حينًا آخر، سافر عبد الله إلي إيطاليا عام 1971 وعاش واستقر بها، وظل ينتقل بين مدنها واستطاع التعرف والوقوف علي الأساليب والمواد الحديثة، وواكب فنوناً شديدة التحرر والتجريد، وزادت معرفته بالفن الطليعي في أوروبا من خلال متابعة كافة الاتجاهات، ويظهر ذلك جليا في جماليات وتقنيات الطباعة الجرافيكية الخاصة به، والإبداعات التصويرية المكونة من عناصر عالقة بين السماء والأرض برؤية ترتكز علي التسطيح وتقليص حجم المنظور واستلهام حروف الأبجدية العربية بمفهوم تجريدي رمزي، مما جعل لخطابه الإبداعي صياغة خاصة به لتبقي أعماله في نسيج متوحد بين صاحبها والتاريخ.