من أهم المطالب التي قدمها المنتجون والموزعون في السينما المصرية في الاجتماع الذي عقد في الخامس من مايو مع د. عماد أبو غازي - وزير الثقافة - عودة تراث السينما إلي حظيرة وزارة الثقافة والذي يتمثل في أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة فيلم تقريباً من جملة تراث السينما والذي يبلغ أربعة آلاف، فيلم بدأت السينما المصرية في إنتاجها منذ عام 1927 والذي اشترته شركتان أجنبيتان هما سانيلاند ومقرها قبرص.. وروتانا.. والشركة المنبثقة منها تاراً، ومقرها جدة بالمملكة العربية السعودية ولم يتبق من تراث السينما لمصر سوي ثلاثمائة وأربعين فيلماً قامت بإنتاجها أو توزيعها مؤسسة السينما التي أنشئت في عام 1962، وهذه الأفلام الآن في حوزة شركة مصر للصوت والضوء والسينما. والحقيقة التي لا مجال للشك فيها أن الذين ذرفوا دموع التماسيح من منتجي وموزعي السينما المصرية أمام وزير الثقافة مطالبين بعودة الأفلام التي تم بيعها إلي الشركات الأجنبية هم الذين باعوا هذه الأفلام وشجعوا باقي المنتجين علي بيع أفلامهم.. رغم أن المنتجين ليسوا ملاكًا للأفلام التي تم بيعها وإنما هم مستغلون لها لمدة محدودة فقط وذلك طبقاً للمادة 37 من القانون رقم 354 لسنة 1954 والذي تم إلغاؤه وحل محله القانون 82 لسنة 2002 حيث أبقي المشرع المادة 37 من القانون الجديد في المادة 149 حيث نصت المادتان علي أن المؤلف هو مالك مصنفه الفني وأعطته الفرصة بالتنازل عن مصنفه للمنتج لمدة محدودة.. وجاء نص المادة: «من حق المؤلف أن يتنازل عن كل أو جزء من حقه المالي للمصنف بشرط أن يكون مكتوباً وأن يحدد فيه كل حق علي حدة والغرض منه ومداه.. ويعتبر المؤلف مالكاً لكل لم يتنازل عنه علي حدة». وقد حرص المشرع علي حماية حق المؤلف في استغلال مصنفه مالياً.. ولكن المنتجين استغلوا فرصة غياب معرفة قانون حماية حق المؤلف.. وحماية الملكية الفكرية وباعوا أفلامهم للشركات التي سبق ذكرها.. وقد لا يعلم وزير الثقافة أو يعلم أن الذين تباكوا أمامه علي تراث السينما المصرية هم الذين باعوا هذا التراث.. وحتي تصبح الصورة واضحة فقد بدأ بيع تراث السينما خلال شركة كونها صالح كامل صاحب راديو وتليفزيون العرب في قبرص من خلال أحد مساعديه هو محمد حسين يس حيث اشتري له من خلا شركة سانيلاند والذي تبين أنها ليست لها رخصة مزاولة المهنة في مصر وليست مقيدة في سجل الاستثمار ولا في سجل المصدرين حوالي ألفي فيلم بأسعار لا تزيد علي ثلاثة آلاف دولار لنيجاتيف الفيلم.. ومن بعده قامت اسعاد يونس عضو مجلس غرفة صناعة السينما والتي حضرت اجتماع وزير الثقافة بشراء أكثر من تسعمائة فيلم.. وقامت ببيعها بعد ذلك لشركة روتانا التي يمتلكها الأمير الوليد بن طلال وتراوح سعر نيجاتيف الفيلم ما بين مائة وعشرين ألف جنيه ومائتي ألف جنيه.. وجاءت المرحلة الثالثة لإهدار تراث السينما المصرية به خلال شركة تارا التي انبثقت من شركة «روتانا» والتي مقرها جدة بالمملكة العربية السعودية وهي أيضاً ليس لها رخصة مزاولة المهنة طبقاً للقرار 113 لسنة 1993 الصادر من وزير الثقافة تطبيقاً للقانون 38 لسنة 1992 والخاص بالرقابة علي المصنفات السمعية والبصرية والمذكرة التفصيلية رقم 162 لسنة 1993 الصادرة عن رئيس الوزراء للقانون 38 لسنة 1992 . وكلفت الشركة المصور السينمائي محمد عمارة بشراء باقي تراث السينما المصرية حيث قام بشراء أكثر من ثماينمائة نيجاتيف فيلم وكان سعرها يتراوح ما بين 35 ألف دولار وأربعين ألف دولار. وكما ذكرت أن الذين باعوا هذه الأفلام المنتجون وليس المؤلفون وهم ملاكها الأصليون حيث ضربوا بالقوانين الصادرة لحق المؤلف عرض الحائط. والذين تباكوا علي تراث السينما المصرية لا يعلمون أن وزارة الثقافة لا تستطيع استرداد هذه الأفلام وأن الذين يستطيعون استردادها هم المؤلفون فقط أو ورثتهم.. وهذا يحتاج إلي رفع دعاوي قضائية أمام المحكمة الاقتصادية والتي أنشئت ومن بين اختصاصاتها حماية الملكية الفكرية.. وهذا يحتاج إلي جهد ووقت من المؤلفين أو ورثتهم.. نخلص من ذلك إلي أن الذين تباكوا في اجتماعاتهم مع وزير الثقافة استخدموا الغش في بيع نيجاتيف هذه الأفلام.. ولأن القانون الذي يعني في إحدي مواده: «أن الغش يبطل التصرف».. فإن جميع التصرفات التي تمت حول أصول الأفلام السينمائية باطلة.. !!