«منفى الغلابة» اسم أطلقه أهالى الإسكندرية على منطقة «الناصرية الجديدة» والتى تقع أقصى المحافظة غربا، على بعد 30 كيلو مترا من وسط المدينة تحديدا، حيث الحياة المأساوية التى يعيشها المواطنون، ورغم أن المحافظة بها كثير من العشوائيات والمناطق التى تنقصها الخدمات بل والمعدومة بالفعل من المقومات الحياتية، إلا أن الناصرية ذات طبعا خاص. عندما تطأ قدماك المنطقة لأول مرة تشعر ب«الغثيان» نتيجة الروائح الكريهة المنتشرة فى أرجاء المكان بسبب تراكم مياه الصرف الصحى، بالإضافة إلى أن القمامة تحاصر المنازل، والحشرات والحيوانات النافقة فى عرض الشوارع. الطريف هنا أن وضع تلك المنطقة على عكس ما قامت به المحافظة فى التسعينيات، حيث قام المسئولون بتشييدها لتكون مأوى لقاطنى العشوائيات لتصبح أكثر بشاعة من أية منطقة أخرى نظيرة لها، بسبب سوء التصميم وتحول شوارعها إلى برك ومستنقعات بسبب تدفق مياه الصرف الصحى من البلوعات. حياة مأساوية يعيشها نحو 5500 أسرة من سكان الناصرية الجديدة بسبب انتشار مياه الصرف الذى تسبب فى تآكل أساسات 47 «بلوك». «روزاليوسف» انتقلت لترصد معاناة المواطنين ومدى الإهمال الذى ضرب ربوع الناصرية الجديدة. يوضح أهالى المنطقة أن سبب تسميتها بمنفى الغلابة هو أنها تبعد عن المناطق الحيوية، فضلا أنها مشيدة بنظام البلوكات لقاطنى العشوائيات، منوهين إلى أن الروائح الكريهة تقلق منامهم، وتهدد حياتهم وأطفالهم بالأمراض. يقول محسن أحمد، أحد المتضررين وأوائل سكان الناصرية الجديدة: كنت أعيش أنا وغيرى من المواطنين فى منازل عشوائية ومنذ 1994 تسلمنا المنازل مقابل سداد أقساط على مدار 40 عامًا، بمعدل 156 جنيهًا شهريًا، يبدأ القسط الأول منهم بعد مرور 5 سنوات. وتابع: الحكومة غيرت رأيها وأخلفت وعودها دون علم أحد أو اخطار مسبق للقاطنين، وفوجئنا بعد مرور 3 سنوات من الاستلام بشرطة تنفيذ الأحكام تلقى القبض على سكان المنطقة بحجة عدم سداد الأقساط، لافتا إلى أن اللواء عادل لبيب، المحافظ الأسبق، جدول للمنتفين ديونهم وحدد لنا سعر إيجار العقار ب20 جنيهًا شهريا. وأشار جابر من أهالى المنطقة إلى أنهم يعيشون مأساة لا يتخيلها أحد، خاصة أن المنازل تغرق فى مياه الصرف الصحى، والطوابق العلوية والجدران والأسقف «مشققة»، مستنكرا من أن هانى المسيرى، محافظ الإسكندرية الحالي، حينما اشتكى له المواطنون وتضرروا له من سوء التصميم مطالبين بحل المشكلة، أكتفى بقوله «وأنا مالى ومالكم هعملكم إيه يعني». من جانبه أكد اللواء يسرى هنري، رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى بالإسكندرية، أن منطقة الناصرية الجديده تعانى من تهالك مواسير الصرف الصحى بسبب إهمال الأهالى فى صيانتها والمحافظة عليها، مؤكدا أن شبكة الصرف الصحى لا يوجد بها خلل من قبل الشركة القابضة. بينما قال علاء يوسف، رئيس حى العامرية، إن الأهالى كان أحرى بهم ألا يهملوا فى مواسير الصرف الصحى وأن يقوموا بتحصيل مبلغ من المال لتغييرها على نفقاتهم الخاصة، لافتًا إلى أن جميع العقارات صدر لها قرار ترميم لكن الأهالى رفضوا التنفيذ. ولفت رئيس حى العامرية إلى أنهم ناشدوا رجال الأعمال بالتبرع بالأموال لترميم وإعادة هيكلة المنازل المتهالكة حرصا على سلامة المواطنين، لكن لم تكن هناك استجابة سوى لترميم عقار واحد فقط من 47 أخرى مهددة بالانهيار.