لم يعد يسمع أهالى قنا صوت مدفع الإفطار وطلقاته المدوية الذى كان أحد المظاهر التى تميز المحافظة بين شقيقاتها الصعيديات ليعلن غروب الشمس وانتهاء يوم صائم شديد العطش والجوع، ولعل أختفاء صوت المدفع لا يتحسر عليه الصغار فقط بل وكبار السن أيضا بعد أن أصبحت طلقاته ذكرى لما صاحبها من ارتباط حسى ومعنوي لمناسبة عظيمة «كشهر رمضان المبارك». المدفع الذى يرجع تاريخه لعهد الملك فاروق ظل يعمل لفترات طويلة من قبل وفى أماكن متفرقة بمدينة قنا فكان بمنطقة التأمين بالقرب من جامعة جنوب الوادى، ثم نقل الى كوبرى دندرة العلوى غرب المدينة، وبعدها إلى ميدان المحافظة لينتهى به الأمر الآن أسيراً بجوار مبنى مديرية أمن قنا ينتظر من يحرره. لا أحد يعلم توقف المدفع فجأة عن إطلاق طلقاته فى شهر رمضان وإن كان البعض يرى أن السبب اعتراض بعض الجماعات المتشددة لأن الناس كانت تستمع إليه وتنتظره أكثر من الأذان، وآخرون يعتقدون أن السبب يعود إلى التكنولوجيا الحديثة وتطور وسائل الاتصال ومعرفة توقيت الإفطار الرمضانى من خلال هذه الوسائل. ويتحسر أهالى مدينة قنا، على غياب هذه العادة الجميلة، التى ارتبطت بحبهم لأيام رمضان ومواقيته بترقب ضرب مدفع الإفطار، وفرحة الصغار التى لا توصف حال سماعهم هذه الأصوات المدوية المحببة، مطالبين بعودته كى تعود النكهة الرمضانية من جديد، ولا يزال البعض يعتبره رمزًا من رموز شهر رمضان المبارك، ولا يمكن الاستغناء عنه حسب قول «سيد عباس» أحد سكان قنا والذى يشتاق لسماع مقولة المجند الذى يعمل على المدفع «مدفع الإفطار إضرب» ليعلن انتهاء فترة الصيام مطالبا بعودة المدفع للعمل. ويتذكر على مصطفى، موظف، الفترة التى كان المدفع خلالها موجودًا بالقرب من منزله غرب المدينة وكيف كان يذهب مع اول طلقات المدفع وبيده التمر ليقدمه للعسكرى الذى كان يعمل عليه، فيما يشير الباحث محمد مصطفى إلى أن المجتمع المصرى يزخر بالمقتنيات الأثرية والموروثات الثقافية والتراث الشعبى الذى يعبر عن أصالته وعراقته التاريخية وعلى الدولة الحفاظ على مثل هذه المقتنيات لأن الحفاظ عليها حفاظاً على الهوية المصرية وعلى العادات والتقاليد الطيبة التى يتميز بها الشعب المصرى. ويطالب عدد غير قليل من أبناء مدينة قنا اللواء عبد الحميد الهجان المحافظ، بعودة المدفع للعمل والذى يعتبرونه من التراث الذى لا يريدونه أن يندثر.