احد الناجين : كنت جالساً خلف السائق.. وصار عت الموت حتي وصلت إلي الشاطئ تمنت الشهادة

في موكب جنائزي مهيب شيعت قرية بني حدير التابعة لمركز الواسطي 19 سيدة وطفلة لقين مصرعهن غرقًا في حادث سقوط أتوبيس من فوق عبارة نهرية في النيل أمام قرية أشمنت بمركز ناصر، حيث علت صرخات النساء والأطفال وأجهش الرجال في البكاء من هول هذا الحادث الأليم والمفجع.
«روزاليوسف» انتقلت إلي القرية واستمعت إلي روايات وقصص حزينة رواها أهالي وأسر ضحايا العبّارة المنكوبة.
في البداية يقول أحمد عبدالستار موظف في السكة الحديد أنه فقد شريكة حياته وأم أطفاله الأربعة دعاء 13 سنة ورحاب 12 سنة وندا 10 سنوات ويوسف 6 سنوات ولا يعرف كيف سيكمل بقية عمره بعد أن فقد أعز إنسانة لديه والتي يصفها بالملاك الطاهر لطيبتها وحنانها وتدينها، وهي التي كانت تواظب علي أداء الصلوات وعلي رأسها الفجر حاضرًا في المسجد وتصوم الاثنين والخميس من كل أسبوع وكانت تتمني الشهادة في سبيل الله.
ويذكر الزوج المكلوم أنها كانت تداعبه قائلة: الرجال هم من ينالون الشهادة في الجهاد، وعندما انطلقت ثورة مصر طلبت منه الذهاب لميدان التحرير لنيل الشهادة ولكنها نالتها في الأتوبيس.
وأضاف إنه قبل يوم من الحادث وقعت مشاجرة بين شقيقي وزوجته فقالت له المرحومة «تزوج» فداعبتها «أنا اللي هتجوز» فردت قائلة «سأموت قريبًا واوعي تتجوز» وكأنها كانت توصيني وصيتها الأخيرة قبل الفراق بساعات ويبكي أحمد وهو يحتضن صغيره يوسف الذي سأله: ماما فين يا بابا هي هتبات عند جدتي، ويجيبه: ماما في الجنة فيسارع الصغير «ياللا نروحلها».
الأم المثالية
يضيف رفعت أحمد حسين فني مساحة بمشروعات ري بني سويف: فقدت والدتي ثريا قرني جنيدي وشقيقاتي إكرام وهويدا ورحاب إضافة إلي زوجة شقيقي مها فوزي عبدالظاهر التي كانت تنتظر مولودها الأول كما توفيت والدتها تحية مرسي.
وعن والدته يقول إنها كانت الأم المثالية للقرية بأكملها وكانت تتمتع بالطيبة والحضن الدافئ لشباب القرية الذين كانوا يعتبرونها أمهم جميعا وكانوا يتجمعون عندها لمشاهدة مباريات كرة القدم وتعد لهم أكواب الشاي وتطلق الزغاريد فرحة بفوز منتخب مصر في المواجهات الإفريقية.
تقول وفاء أحمد عبدالمولي زوجة المرحوم عادل الشاب الذي توجه الضحايا لزيارة قبره: تركني عادل منذ 40 يومًا وفي أحشائي ثمرة حبه وفقدت أمي سعدية محمد وشقيقتي عفاف ونجلاء وابنة أخي الطفلة شهد وزوجة أخي يسرية وأشعر أنني الآن أصبحت وحيدة في هذه الدنيا وعزائي أنني أحمل في أحشائي طفلا سيذكرني بزوجي الغالي لآخر يوم في عمري.
جلس سعيد، أحد الناجين من كارثة العبارة، بين شقيقيه حسن ومحمد يبكون والدتهم وزوجاتهم الثلاث وصغيرتهم شهد في مشهد مؤلم قال سعيد: نجوت من الموت بأعجوبة حينما كنت أجلس خلف السائق وعندما بدأ الأتوبيس في الاهتزاز وتعالت صرخات النساء انفعلت عليهم طالبا الهدوء لتخطي الصدمة ولم أدر بنفسي إلا وأنا في المياه أصارع الموت حتي نجاني الله ووصلت الشاطئ بمعجزة.
وينهمر في البكاء وهو يتذكر ابنة شقيقه شهد «سنة ونصف» وهو ينتشلها من الماء بعدما فارقت الحياة.
فلذة كبدي
وبقلب يعتصر ألما ودموع تعصر القلوب حكي حسن والد الطفلة شهد لحظات فراق فلذة كبده قائلاً أمس كانت شهد تعاني سخونة وإسهالاً وقيئًا فتوجهت بها للطبيب الذي وصف لها دواء تحسنت عليه حالتها وبدأت في مداعبتي واللعب معي حيث تخبئ تليفوني المحمول وتأتي به ضاحكة عندما أفشل في العثور عليه ثم نامت علي كتفي ولم أكن أعرف أنه آخر حضن بيني وبينها ففي اليوم التالي فارقت الحياة وتركتني اتجرع نار فراقها بعد أن ووري جثمانها الثري ثم راح في نوبة شديدة من البكاء.
داخل مستشفي بني سويف العام أكدت حياة طه إحدي الناجيات أنها توجهت صباحا مع أولاد خالتها لإحياء ذكري الأربعين في فقيدهم الغالي عادل لاعب كرة بنادي مركز شباب بني حدير وكان عددنا 24 من سيدات القرية وكنت في المقعد الخلفي عندما وصلنا إلي مرسي معدية أشمنت من الناحية الغربية صعد الأتوبيس داخل المعدية وعندما وصلنا إلي الناحية الشرقية وأثناء نزول الأتوبيس المعدية سقط في نهر النيل ولم أشعر بنفسي إلا وأنا في المستشفي.
«شرف» يعزي أسر الضحايا
أجري الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء اتصالاً هاتفيا بالدكتور ماهر الدماطي محافظ بني سويف للتعازي في ضحايا حادث سقوط أتوبيس من فوق معدية نهرية في النيل بقرية أشمنت والاطمئنان علي المصابين وقام المحافظ يرافقه الحاكم العسكري بتأدية واجب العزاء في الضحايا بقرية بني حدير التابعة لمركز الواسطي.
وقرر الدماطي تشكيل لجنة فنية برئاسة اللواء إسماعيل طاحون السكرتير العام للمحافظة لدراسة موقف المعديات علي مستوي مراكز المحافظة وبحث الاحتياجات من المعديات الجديدة أو صيانة القائمة مع التشديد علي تطبيق الاشتراطات الفنية حفاظًا علي أرواح المواطنين. علي صعيد التحقيقات أصيب طارق عبدالحليم سائق أتوبيس الموت أثناء عرضه علي نيابة مركز شرطة ناصر بانهيار عصبي حاد وتم نقله إلي المستشفي تحت حراسة مشددة للعلاج.