احتفلت محافظة أسوان أمس بعيدها القومى بمرور 44 عامًا على إنشاء السد العالى الذى يعتبر أعظم مشروع هندسى فى القرن العشرين.. والذى أعطى إشارة بدء العمل فيه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى 9 يناير 1960 ووصلت تكلفته الإنشائية 415 مليون جنيه مصرى والذى تناسب مع حفره تحويل مجرى وعمل فيه 400 خبير روسى و35 ألف مهندس وفنى وعامل من المصريين والروس، كان بمثابة المدرسة التى تدربت فيها الكوادر المصرية، وأهم ثمارها ظهور هذا المشروع للنور، ليخلق معه جيلًا من الفنيين والعاملين على أعلى مستوى من الكفاءة، على الرغم من أن معظمهم كان لا يعرف سوى مهنة الزراعة قبل التحاقهم بالعمل به وأن شعار جميع العاملين كان هو الإخلاص والتفانى فى العمل من أجل مصر ورفعتها. فيما اقيم السد العالى لحماية مصر من الفيضانات العالية التى كانت تفيض على البلاد وتغرق مساحات واسعة فيها أو تضيع هدرًا فى البحر المتوسط، كما أنه حمى مصر من كوارث الجفاف والمجاعات نتيجة للفيضانات المتعاقبة. وساهم السد العالى فى تغيير وجه الحياة على مصر خلال الخمسة والخمسين عامًا الأخيرة فأضاف مليونًا ونصف المليون من الأراضى الزراعية إلى رقعتنا الزراعية، ووفر متطلبات المياه والطاقة التى امتدت إلى كل أرجاء مصر وحقق مرونة كافية فى إدارة المياه وتنوع التراكيب المحصولية بخلاف العوائد الاجتماعية والاقتصادية والتنمية السياحية والملاحية. وحرصًا على استمرارية دور السد العالى فى العطاء والعمل بكفاءة عالية تضعه وزارة الموارد المائية والرى على قمة أولويات أعمالها وتوليه اهتماماً بالغاً من خلال أعمال الصيانة المستمرة والتجديد وإنشاء الأنظمة المتطورة فى مجال التنبؤ والوقاية والإنذار المبكر لتأمين جسم السد. وفى سبيل التعرف على مراحل الإنشاء للسد العالى قامت روزاليوسف بإجراء لقاءات حوارية مع بناة السد العالي..يقول عز الدين عبد السلام - 75 سنة - بدأت العمل كمساعد ميكانيكى بمنطقة السد العالي، وتم تعيينى عام 1962 وكنت أتقاضى 10 قروش فى الوردية أقوم خلالها بإصلاح السيارات والكراكات الروسية التى استخدمت فى رفع الأحجار، ولتفجير الصخور استخدم العمال ماكينات «دركيشن» فى صنع حفر فى الصخور بأعماق مختلفة لوضع الألغام بها، وقبل عملية التفجير يتم تحذير العاملين لتجنيب حدوث إصابات لهم أو تعريض حياتهم للخطر. وشهدت عملية الحفر وفاة عدد كبير من العاملين. أما عبد الكريم كمال الدين - 72 سنة فأبدى سعادته للمشاركة فى إنشاء السد العالى وعندما أعطاه الرئيس جمال عبد الناصر شهادة تكريم حيث أنه شارك فى جميع مراحل بناء السد من خلال 3 مراحل فكانت الأولى رفع الرمال من أمام جسم السد والثانية الحقن وماكينات التحقين ويتم البناء فيها بالأحجار والأسمنت تم فتح المياه وبعد الانتهاء من الإنشاء كان شعورهم لا يقارن بالفخر والفرحة لأنهم شاركوا فى أعظم مشروع لخدمة البلد ومصر كلها حيث كانوا يتقاضون 7 جنيهات خلال الشهر. فيما يضيف سهرى حسنين عامل تخريم ذكرياته يقول مرتبى كان 7 جنيهات ووصل بعد المعاش 600 جنيه وشاركت منذ بداية إنشاء السد وكنا نأتى لمسافة 3 كم حتى تصل لمكان العمل وسعدنا عندما فجر جمال عبدالناصر مشروع السد العالي، كما أطالب الرئيس بالتكريم الجيد لبناة السد العالى يليق بما بذلوه من جهد فى سبيل خدمة الوطن. ومن جانبه أوضح أحمد النوبى فنى هيدرولجيا فى السد العالى بالمعاش 60 سنة بأنه فى يوم الاحتفالية تم ردم هذه الفتحة بالكامل وتحويل مجرى النيل عقب تفجير السد الرملى أمام وخلف السد العالى مضيفًا بأن تحويل مجرى نهر النيل بدأ فى الساعة الثانية إلا الثلث ظهراً حيث تم إغلاق المجرى نهائيًا وتحويل المياه إلى القناة الأمامية للسد العالى بطول 1950 مترًا مرورًا بستة أنفاق رئيسية بطول 282 مترًا وقطر 15 مترًا للنفق الواحد ليتم بذلك تغيير مجرى نهر النيل، ولتنتهى المرحلة الأولى من إنشاء السد العالى والتى بدأت فى 9 يناير 1960 حتى 15 مايو 1964 . وفى نفس السياق أكد مدير عام الهيئة العامة للسد العالى وخزان أسوان على أن شهداء السد العالى الذين قدموا أرواحهم فداء لإنجاز هذا المشروع يستحقون التحية والرحمة لأنهم ضحوا بأنفسهم وسجلوا أروع ملحمة فى تاريخ مصر المعاصر وحققوا حلماً طال انتظاره، وخاصة أن السد العالى يعتبر من أعظم المشروعات الهندسية العملاقة فى القرن العشرين ويكفى فخراً بأن السد العالى بنى بأيد وإرادة مصرية خالصة. وأوضح بأن السد العالى يعتبر صرحًا شامخًا حيث تتساوى قمته منسوب 196 فوق سطح الأرض مع هضبة المقطم فى القاهرة ويعتبر بمثابة خط الدفاع الأول لحماية مصر من غوائل الفيضانات المدمرة، مشيرًا إلى أن السد العالى حمى مصر أيضًا لمدة 9 سنوات خلال السنوات العجاف من عام 1979 حتى 1988، حينما تعرضت القارة الأفريقية للجفاف ومات بسببه العديد من أبناء الدول الأفريقية. وأوضح بأن السعة التخزينية للسد العالى تعتبر هي الأكبر على الإطلاق بدليل أن السعة التخزينية لأضخم سد فى العامل والذى بنى فى الصين عام 2010 لا تتجاوز ثلث السعة التخزينية للسد العالى التى تقدر بحوالى 162 مليار متر مكعب والفارق بأن السد العالى هو سد ركامى من كتل الجرانيت وليس سدًا خرسانياً من الأسمنت.