"ظلم كثيرا أثناء حياته" و"كان رائدا لأدب الخيال العلمي"، ربما تعد هاتين الجملتين هما أكثر ما ردده الحضور في ندوة عقدها المجلس الأعلي للثقافة ظهر الخميس الماضي للاحتفاء بالكاتب الراحل نهاد شريف تحت عنوان " نهاد شريف.. رائد أدب الخيال العلمي". القاص سعيد الكفراوي، قال: كانت توجه لنهاد شريف بعض التهم الظالمة منها أنه اختار الكتابة في أدب الخيال العلمي حتي يحظي وحده بالتفرد ويتجنب منافسة أي كاتب آخر في أشكال الكتابة الأخري، وكان يدافع عن نفسه مؤكدا أن الساحة لا تخلو من كثيرين ممن يكتبون هذا الفن، ومنهم يوسف عز الدين عيسي ومصطفي محمود وغيرهما، لكن تشاء الصدف أن تثبت الأيام أنه الرائد الحقيقي لأدب الخيال العلمي في مصر. وتابع الكفراوي: القاص يوسف الشاروني هو من طلب عقد هذه الندوة، وهو لقاء كنا نأمل أن يحتشد بمحبي نهاد شريف ولكن عزاءنا أننا عقدنا الندوة بإخلاص، فنهاد شريف كان يري أن أدب الخيال العلمي له جذور عربية مثل ما كتبه ابن طفيل في أمثولته "رسالة حي ابن يقظان" وفي مسرحية توفيق الحكيم "رحلة إلي الغرب أدبا من أدب الخيال العلمي، وقد اعتاد أن يحدثني عن أسفه الشديد لخلو الساحة من نقاد أدب الخيال العلمي. ومن جانبه قال الكاتب والطبيب حسام الزمبيل: أغبط نهاد علي شجاعته في كتابة "الخيال العلمي" في وقت لم يكن فيه أحد متشجعًا له، بل وفي ظل إنكار الكثيرين لوجود هذا النوع في ادبنا العربي، واليوم أقول له لقد تم تجاهلك ولكنك صمدت ثم انتصرت". وتابع: سعيد أن أدب الخيال العلمي بدأ يأخذ الاهتمام الذي يليق به، واعتقد أن نهاد شريف ورؤوف وصفي هما أبرز كتّاب أدب الخيال العلمي البحت في مصر، وهناك جيل كامل تأثر بأدب الراحل منهم: صلاح معاطي ونبيل فاروق وأحمد خالد توفيق. وسجلت الكاتبة عطيات أبو العينين اختلافها مع حسام الزمبيل الذي قال إن نهاد كان يكتب أدب خيال علمي بحت، قائلة: من يقرأ له يشعر بمذاق وحلاوة الكلمة والتعبير وكان يكتب حقيقة علمية بلغة أدبية جذابة، وقد ساهم في ذلك تكوينه الذي جمع بين السياسة والفن والأدب، فجده مؤسس للدستور ووالده فنان تشكيلي". وأضافت: نهاد شريف لم يكن منافقا ولم يكن له شلة أدبية، وربما هذا سبب بعده عن الوسط الأدبي، ومن هنا أؤكد علي أهمية توسيع الاحتفال به". كما أكد الكاتب صلاح معاطي علي ما لاقاه نهاد شريف من نكران وتجاهل خاصة في أيامه الأخيرة وافتقاده للتواصل مع كتاب هذا الزمن، وتعرضه لتجاهل معظم الأماكن الأدبية في مصر كاتحاد الكتاب ونادي القصة خلال سنوات طويلة، وقال: تمنيت أن يقف نادي القصة ولو دقيقة حدادا علي روح الرجل، وما يميز كتاباته تأكيده علي البعد الأخلاقي والديني والقومي، كان يقول إنه شديد الحساسية تجاه كل ما هو مصري". هذا بينما قال الروائي خيري شلبي، مقرر لجنة القصة بالمجلس الأعلي للثقافة في تقديمه للندوة: حينما كتب نهاد شريف روايته "قاهر زمان" لم يكن غريبا أن تلق هذه الحفاوة الكبيرة في الأوساط الثقافية العربية باعتبارها أول عمل في هذا الباب، وصحيح أن أدب الخيال العلمي لم ينتعش إلي اليوم ، ربما لأسباب أن الخيال اليوم لا يزال مكبلا بكثير من القيود الاجتماعية والأخلاقية والرقابية وغيرها من القيود التي توضع علي أطفالنا، ولكن هناك بعض المحاولات التي تشي بانتشار أدب الخيال العلمي في الوقت القريب، أما نهاد فاعتقد أن ما منعه من الانتشار والذيوع وأن يصبح نجما، هو خجله الذي يعد صفة أساسية في تركيبته الشخصية، وهو خجل الموهوبين الكبار، كان كاتبا قبل أن يكون مؤلفا لأدب الخيال العلمي". أما القاص يوسف الشاروني فآثر أن يتحدث عن سمات كتابات نهاد شريف قائلا: كان مؤمنا بمصر وبأن القاهرة ستصبح مركزا من مراكز العلم في العالم، لقد تميز ببساطة ووضوح الأسلوب وإضفاء النكهة الشعرية علي اللغة العلمية، وكان يقول إن ما دفعه للكتابة في أدب الخيال العلمي هو شعوره بالأساليب العصرية في واقعنا المعاصر وأهمية تطوير العلم والأخذ بأساليبه".