نحن المسلمين فى تلك الأيام العطرة المباركة نحتفى ونحتفل بتلك المنحة الإلهية والهدية الربانية من رب البرية للأمة المحمدية إنها رحلة الإسراء والمعراج وإن شئت فقل إنها رحلة التشريف والتكريم والتبجيل والتعظيم للعبد الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ولأمته الكريمة الغراء. لقد كانت رحلة الإسراء تلك المعجزة السماوية عقب اضطهاد كبير وإيذاء شديد للنبى صلى الله عليه وسلم ولصحابته الكرام فالنبى صلى الله وعليه وسلم كان فى بيته مع الزوجة الصالحة والمرأة المؤمنة السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها اليد الحانية التى تهدهد على قلب النبى صلى الله عليه وسلم فتمسح عنه كل ألم لقاه طوال يومه وتنسيه كل سخرية واستهزاء قابله به المشركون، فكانت رضى الله عنها بمثابة الدواء الشافى لكل العلل التى يجدها طوال نهاره وكانت أيضًا بمثابة الشحنة الإيمانية للنبى صلى الله عليه وسلم التى تزيد له الثقة فى ربه والنشاط للدعوة وتمده بالمال الذى تملكه ولا تضمن عنه بشىء وإذ به يفقد تلك الزوجة الحنون والصدر الدافئ واليد المهدهدة على نفسه وقلبه ولم يكتف الأمر على ذلك فحسب بل فقد أيضًا الجدار الواقى والحائط المانع للمشركين من شدة الإيذاء والمتمثل فى عمه أبى طالب الذى قال له: والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد فى التراب دفينا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة وأبشر وقر بذاك منك عيونا لكن النبى صلى الله عليه وسلم فى نفس العام الذى فقد فيه زوجته السيدة خديجة رضى الله عنها يفقد عمه أبا طالب فيزداد الألم عليه ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما نالت منى قريش ما نالت إلا بعد موت أبى طالب». فلما ازداد التعذيب والحزن على الحبيب النبى أعطاه الرب العلى تلك المنحة الإلهية والهدية الربانية التى قال عنها ربنا: «سبحان الذى أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير». والله ابتدأ تلك المعجزة بالتسبيح لأمرين: أن العرب تسبح عند الأمر العجيب لكأن الله تعالى عجب خلقه مما أسدى إلى رسوله من الإسراء به. إنه خرج مخرج الرد عليهم لأنه سبحانه علم أنهم سيكذبون الأمر ولا يصدقونه فنزه الله نفسه عن كل نقص وعيب يصفه به البشر. والله قال «عبده» والنبى صلى الله عليه وسلم خير عبد لربه لذا كان الإسراء فى جزء من الليل حيث كان يلجأ إلى ربه ويقوم بين يديه وكأن الله يقول لنا من آلت به المصائب واحلوكلت به الأمور فليقم بين يدى ربه والناس نيام يفرج الله عنه كل كرب وهم كما كان حادث الإسراء للعبد محمد صلى الله عليه وسلم فى وقت يناجى فيه ربه فى الليل والناس نيام.