«القاهرة ملتقى الأديان» عبارة بسيطة موجزة اختارها الفنان الفوتوغرافى شريف سنبل عنوانا لمعرضه الفوتوغرافى الذى افتتح مؤخرا بقصر الأمير طاز للتعبير عن عظمة مصر وحضارتها، والتى احتضنت على مدار العصور والتاريخ مزيجا متجانسا من الحضارات الإنسانية، جمعت بين الديانات السماوية الثلاث، اليهودية والمسيحية والإسلامية، وما قبلها بالطبع، ولعل عظمة تلك الحضارة الإنسانية تكمن فى تتابعها وتجاورها جنبا إلى جنب حتى فى أخص وأقدس مكان كل حضارة منها على حدة، فى عمارتها الدينية، والتى تمثلت فى المعابد والكنائس والجوامع، فنرى فنانى كل مرحلة منها وقد تأثروا برموز تلك الديانات بعضها ببعض، مستخدمين لتلك الرموز فى نقش معمارهم بما يحمله كل رمز من خصوصية جمالية، تنوعت بين نجمة داوود السداسية رمز اليهودية، وبين الصلبان كرمز للمسيحية، وبين النجمة الخماسية والهلال كرمز للفن الاسلامي، فنرى تلك الرموز مجتمعة وقد تخللت فنون تلك الديانات والحضارات متقاربة ومتباعدة فى زخرفات جمالية أعاد الفنان شريف سنبل إظهارها وإلقاء الضوء عليها بعد أن نسيها أفراد من المجتمع المصرى أو تناسوها فى خضم فتن طائفية غريبة على المجتمع المصرى. اعتدنا القول بإن المصريين عبارة عن نسيج واحد، المسلم والمسيحى واليهودى المصري، تتشابك أطرافهم مشكلة نسيج مجتمع واحد، وهى الرسالة التى يقدمها المعرض، فيكشف كيف اختلطت أساليب وفنون العمارة فى الأديان والمذاهب المختلفة بيدى نساج قدير حتى لا يمكن التفرقة بينهما أحيانا، ويجسد الروح المصرية فى إيمانها العميق من خلال الإبداع فى المعابد اليهودية والكنائس القبطية والمساجد الإسلامية، حيث نرى صلبانا فى المساجد، ونقوشا إسلامية فى الكنائس، ونرى كلاهما فى المعابد اليهودية، وهو ما يوثقه المعرض بالدلائل القاطعة من داخل تلك المباني. الفنان شريف تخرج فى كلية التجارة بجامعة القاهرة عام 1977، عمل بعدها كمصور فوتوغرافى فى مؤسسة الأهرام الصحفية منذ عام 1986، وشارك فى عدة معارض فردية وجماعية، كما حصل على الجائزة الذهبية فى مهرجان اليابانبالقاهرة والذى شارك فيه 200 مصور عالمي، الجائزة البرونزية فى مهرجان نيسان الاول والذى أقيم بمدينة بغداد بالعراق، وللفنان عدة كتب منشورة ضمن مجال الكتب الفوتوغرافية معظمها صدر باللغة الإنجليزية عن الجامعة الأمريكيةبالقاهرة منها: أربعون هرما من مصر، المولد، كنائس مصر، القاهرة القديمة، وغيرها. يقول الفنان شريف سنبل عن المعرض: «بدأت فكرة المعرض منذ أربع أو خمس سنوات، والمعرض أقيم بدعوة من الفنان خالد جلال رئيس صندوق التنمية الثقافية الذى تحمس للمعرض وفتح لى أبواب قصر الأمير طاز لعرضه، و المعرض يؤدى رسالة تاريخية عن مصر، وهناك لوحات قمت بتصويرها خصيصا لهذا المعرض ولوحات من معارض أخرى، وعندما ازدادت حدود الفتنة الطائفية والصراعات فى مصر ووصلت الى حد سخيف لم نشهده من قبل، قررت ان أقيم هذا المعرض، ومسألة التشابه فى الرموز والأشكال الفنية أمر نعيشه وهو أمر واضح لكن الناس لا تراه، فصياغة الشخصية المصرية داخل كل فرد منا تتوزع مكوناتها بنسب مختلفة بين جينات قبطية مسيحية وجينات يهودية وأخرى إسلامية، تتفاوت نسبها ازديادا ونقصانا من فرد لآخر، فعند الأقباط عادات مأخوذة من المسلمين، وعند المسلمين عادات مأخوذة من الأقباط، وهكذا، فكون أن يأتى فرد من الأفراد ويريد إلغاء أمور وكأنها غير موجودة هى تماما كمن يريد أن يتخلى عن طرف من أطرافه، فتلك الأمور من صلب نسيج المجتمع المصري، تماما كالسدة واللحام، لو تخلينا عن أحدها فإن نسيجه ينهار، وجميعنا نشاهد ما يحدث من انهيار للقيم والأخلاق ومن فتن طائفية يحدث نتيجة لما يريده البعض من التخلى عن موروثاتنا وجيناتنا من جذورها، وقد قدمت هذا المعرض منذ ما يقرب من اربع سنوات لكن لم يهتم به أحد كما لو أنه لم يحدث، وأقمته فى بولندا وفنلندا، وهم فى الخارج استقبلوه كنوع من الفن والعرض للحضارة المصرية، بشكل مختلف تماما عن طريقة استقباله هنا فى مصر. يكمل «سنبل»: «مشكلة الفوتوغرافية فى مصر عموما أنه لا يتم التعامل مع الفوتوغرافية مصر كفن وإنما كمجال أو مهنة أو أى شىء آخر، فالفوتوغرافيون مثلا ليسوا أعضاء فى نقابات الفنون، فنقابة الفنون التشكيلية مثلا ترفض التصوير الفوتوغرافى، والدولة ليس عندها أى مسابقة للتصوير، وجوائز الدولة مثلا لا تكرم الفوتوغرافيون، فى حين أن الفوتوغرافية فى الخارج فن معترف به مثله مثل بقية المجالات، وللأسف نجد أن كتب الفوتوغرافية لا تجد من يهتم بها وبنشرها فى مصر، فالقارئ المصرى لا يوجد لديه خيار مشاهدة كتب الفوتوغرافية، وكتاب المولد الذى نشر منذ عشرين عاما هو أول كتاب فوتوغرافيا لمصور مصري، ونجد أن معظم كتبى المصورة نشرت من خلال الجامعة الأمريكية وباللغة الإنجليزية، فى حين أنها لا تقوم بالنشر باللغة العربية، وقمت بنشر كتاب فوتوغرافيا باسم old cairo عن حى مصر القديمة كمجمع للأديان، ومعرضى هذا يشمل منطقة مكانية وزمانية أشمل عما تناولته فى هذا الكتاب، ومن أهم المعالم الدينية التى تتمثل فيها فكرة المعرض فى التقاء الأديان هو مسجد الرفاعى، والكنيسة المعلقة، ومعبد بن عيزرا وكلها تقع فى نطاق مصر القديمة». يكمل «سنبل»: «المعرض أيضا يحمل رسالة موجهة للخارج لتدعيم السياحة بأن ما نشهده فى مصر من فتنة طائفية هو أمر غريب على المجتمع المصرى، فمصر هى مهد الحضارات والأديان، ورمز للسلام والأمان، وأوجه الدعوة لوزارة السياحة للاستفادة من أعمال المعرض لتنشيط وتدعيم السياحة دون مقابل».