قرار صعب وسط ظروف متباينة بإعادة فتح البورصة المصرية وسط مخاوف من الانهيار الكبير وخلال الثواني الأولي من إعادة التداول خسر رأس المال السوقي 34 مليار جنيه مما اضطر إدارة البورصة لوقف التداول لمدة نصف ساعة لتقلص البورصة خسائرها قبيل الإغلاق وشهد مؤشر البورصة المصرية الرئيسي EGX30 تراجعاً بمقدار 8.97% وصولاً إلي مستوي 5139 نقطة فاقداً بذلك 506 نقاط وذلك بعد أن فقد رأس المال السوقي 37 مليار جنيه ليغلق عند 370 مليار جنيه مقابل إغلاق سابق 407 مليارات جنيه في 27 يناير الماضي. في حين بلغت أحجام التداول 386 مليون جنيه، استحوذ سهم أوراسكوم تليكوم علي نحو 35% من التعاملات بقيمة 100 مليون جنيه مسجلاً 3.73 جنيه مقابل إغلاق سابق 3.22 جنيه، بينما أكدت مصادر بالسوق أن الضغوط البيعية تقلصت نسبياً مع استمرار الإحجام عن الشراء باستثناء عدد محدود من الأوراق المالية. وكان رأس المال السوقي في البورصة قد خسر 34 مليار جنيه خلال الثواني الأولي من بدء جلسة التداول قبل أن تضطر إدارة البورصة لوقف جلسة التداول لمدة نصف ساعة ثم استئناف جلسة التداول لتقليص المؤشر الرئيس خسائره إلي 9.4% ليصل 5135 نقطة بعد ما كان قد خسر 9.9% في مستهل التعاملات وذلك بعد أن نجحت أربعة أسهم في التحول من الهبوط الحاد إلي الارتفاع النسبي وهي أسمنت سيناء والمهن الطبية ومطاحن مصر الوسطي وسهم أوراسكوم تليكوم. وشهدت البورصة المصرية أمس العديد من الأحداث حيث اضطرت البورصة إلي تثبيت أسعار 16 سهماً مع استمرار التداول حتي نهاية الجلسة وكان من أبرزها أوراسكوم للإنشاء وموبينيل. هذا بالإضافة إلي مشادات كلامية بين بعض المستثمرين والمحللين حول صحة قرار فتح البورصة وحمل البعض لافتات ضد وزير المالية الدكتور سمير رضوان قائلين فيها: «إن الذين جعلوه وزيراً ظلموه» حيث تؤكد بولندا توفيق سمسار بالبورصة المصرية أن ذلك القرار جاء في غير الوقت المناسب وأنها ستظل تدافع عن البورصة حتي آخر قطرة في دمها وأن ما يحدث الآن هو عملية ذبح للمستثمرين، وأيدها في ذلك وائل النحاس مستشار أسواق المال بأن ما يحدث الآن في البورصة مهزلة بكل المقاييس في ظل التصريحات المتضاربة وغير الصحيحة للمسئولين وأن كل تلك التصريحات مجرد كلام ليس أكثر. فيما اعتبر محمد عبدالسلام المكلف بمهام رئيس البورصة المصرية الهبوط الذي سجلته المؤشرات الرئيسية للسوق الذي بلغ متوسطه نحو 9% قبيل الإغلاق بأنه أقل من المتوقع، مؤكداً أنه لن يتم إغلاق البورصة مجدداً. وقال عبدالسلام خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بمناسبة استئناف نشاط البورصة بعد توقف دام 55 يوماً إن أداء البورصة جاء متماسكاً رغم حدة الهبوط الذي منيت به الأسعار في الدقائق الأولي. وأضاف: إن السوق بدأت علي هبوط حاد نتيجة حالة الفزع والرعب لدي المستثمرين، لكنه مع مرور الوقت بدأ الهدوء يسيطر علي الحالة النفسية للمستثمرين وبدأت تظهر عمليات شراء نجحت في تقليص الخسائر نسبياً أو علي الأقل ثبتت الأسعار عند المستويات التي هبطت إليها في مستهل التعديلات. وأشار إلي أن العديد من القطاعات الاقتصادية توقفت خلال الثورة وهو ما أدي إلي حدوث تداعيات سلبية كان يجب أن تنعكس علي البورصة المصرية وهو ما ظهر في الهبوط الذي سجلته. ولفت إلي أن الثورة المصرية هدفها القضاء علي الفساد وخلق ديمقراطية حقيقية والحرية للمواطنين، وهو ما له انعكاساته علي سوق المال التي تعد المرآة الحساسة للأحداث حولها سواء كان انعكاسها سلبياً أو إيجابياً. ورأي عبدالسلام أن أفضل وقت لإعادة استئناف نشاط البورصة المصرية كان اليوم التالي لتنحي الرئيس السابق حسني مبارك، مشيراً إلي أن تلك الفترة شهدت تنامياً غير مسبوق في الشعور الوطني نتج عن مبادرات شعبية لدعم الاقتصاد والبورصة سواء داخل مصر أو خارجها كان يمكن أن تساعد إلي حد كبير في وقف خسائر البورصة. وأوضح عبدالسلام أنه لا يمكن أن تطلب من البنك المركزي التدخل لدعم البورصة، مشيراً إلي أن المركزي المصري له قوانينه ولوائحه التي تحكمه، مؤكداً أن المحنة الحالية التي تشهدها البورصة ستمر بسلام، وكشف رئيس البورصة عن إيقاف التعامل علي أسهم 46 شركة مقيدة نظراً لعدم التزامها بإرسال الإفصاحات اللازمة لأوضاعها خلال الشهرين الماضيين سواء لم ترسل نهائياً أو أرسلت إفصاحات منقوصة، مشيراً إلي أن شركتين منها أرسلتا إفصاحاتهما وسيعاد عليهما التعامل اعتباراً من اليوم. وشدد علي أهمية الإفصاح خلال الفترة الحالية بالبورصة حتي يتسني لكل مستثمر اتخاذ القرار السليم تجاه ما يملكه من أسهم أو تجاه ما يرغب أن يشتريه في محفظته المالية، مشيراً إلي أن الإفصاحات أظهرت تحقيق عدد من الشركات لنمو في أرباحها عن العام الماضي 2010 بلغت نسبته 100% ما يعطي مؤشراً إيجابياً للاقتصاد ككل. وأكد أن البورصة ستتخذ جميع السبل والإجراءات لتحقيق سلامة أداء التعاملات بما يحفظ السوق بكل عناصره سواء المستثمرين أو شركات السمسرة. وأوضح أن الإجراءات الاستثنائية التي تقصر التداولات بالبورصة علي 3 ساعات فقط بدلاً من 4 ساعات وإلغاء بعض الآليات الأخري مستمر تطبيقه حتي يتم إلغاؤه بالتشاور مع هيئة الرقابة المالية في ضوء المستجدات وحتي يعود الاستقرار للبورصة. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي عن أن مجلس إدارة البنك وافق علي البدء في إجراء دراسة شاملة لتعديل قانون البنك المركزي والقطاع المصرفي والنقد الذي صدر عام 2003 وذلك من أجل تحديثه في ضوء أوجه القصور التي ظهرت في تطبيقه خلال السنوات الماضية والحاجة إلي إعادة النظر في بعض أحكامه وأفكاره بما يجعله أكثر توافقاً مع حاجة المجتمع والقطاع المصرفي في مصر.