يؤسفني أن أري زملائي الصحفيين في المؤسسات القومية يتناحرون من أجل تغيير القيادات في مؤسساتهم.. وصار كل ما يشغلهم هو ما سوف يعلنه الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء من أسماء جديدة تتولي قيادة الصحف القومية خلال المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد.. ولم يفكر أحد من هؤلاء الزملاء فيما هو أهم من ذلك.. وأقصد مصير ومستقبل تلك المؤسسات المتخمة بالديون في حال تخلت الدولة عن ملكيتها لهذه الصحف. مستقبل المؤسسات الصحفية القومية هو ما يجب أن يشغلنا جميعاً.. ليس من سيذهب ومن سيأتي.. فالقضية ليست شخصية أو ثأرية وانتقامية مثلما يحاول البعض أن تأخذ هذا المنحني.. القضية قضية مستقبل تلك المؤسسات التي تضم أكثر من 30 ألف صحفي وفني وإداري.. كيف سيكون مصير تلك المؤسسات في حال تخلت عنها الدولة.. هل ستؤول ملكيتها للعاملين.. أم ستتحول إلي شركات مساهمة.. أم ستشهد عملية خصخصة؟! بداية.. أنا مع تخلي الدولة عن ملكيتها للصحف القومية.. مع إعفاء تلك المؤسسات من ديونها.. فليس من اللائق لمصر بعد 25 يناير أن تبقي صحفاً تابعة للدولة تحت أي مسمي.. سواء مجلس شوري أو مجلس أعلي للصحافة.. فالإعلام الرسمي المقروء منه والمسموع والمرئي أثبت فشله.. رغم محاولات البعض العمل بشيء من التوازن.. وبالتالي مطلوب منا البحث عن صيغة جديدة تضمن لتلك المؤسسات النهوض بمسئوليتها دون قيود وبشكل أكثر حرفية. لقد تضررت المؤسسات الصحفية القومية كثيراً من وصمها بصحف الدولة.. وخسرت قاعدة عريضة من قرائها لهذا السبب وسط منافسة صحفية شرسة تلعب فيها الأموال الضخمة دوراً كبيراً.. لقد آن لتلك المؤسسات أن تمارس دورها دون قيود أو محاذير أو تعليمات.. أن تنتخب قياداتها.. والناجح منهم سيستمر.. سواء رئيس مجلس إدارة أو رئيس تحرير. كلها أمور أحسب أنها تشغلنا أكثر من الشعار الذي يرفعه البعض مستلهماً شعار الثورة «الشعب يريد إسقاط النظام» ليردد «الصحفيون يريدون إسقاط القيادات» دون أن يفكر أحد منهم في الخطوة المقبلة وهي الأهم.. ماذا بعد؟! ما المصير؟! وكيف سيكون المستقبل؟! فالقضية ليست قضية شخصية.. كفانا شخصنة «القضايا» والقضية ليست قضية إسقاط نظام أي نظام.. بل في المستقبل بعد رحيل هذا النظام.. يسري ذلك علي مصر الدولة.. وعلي المؤسسات.. كل المؤسسات.. هذا ما يجب أن نفكر فيه ويشغلنا جميعاً. وفيما عدا ذلك تصبح نظرتنا للأمور ضيقة وغير قادرين سوي للنظر تحت أقدامنا.. أظن أن مستقبل مؤسساتنا الصحفية أكثر أهمية من أن نشغل بالنا بمن سيكون رئيس مجلس الإدارة أو رئيس التحرير الجديد!