الفقيه القانوني الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء يحظي بتقدير كبير من قطاعات الشعب حتي من قبل أن يعين في منصبه الحالي.. فقد كان معارضاً محترماً لم يخرج في معارضته عن روح القانون الذي يعيشه قلباً وقالباً وفكراً وعقيدة. ولاشك أن اختياره كرجل ثان في الحكومة الحالية جاء من هذا المنطلق.. أي من الشعور بكونه رجلاً يتمتع بمصداقية كبيرة لدي المواطنين. وأن ما يصدر عنه من قول أو فعل يجد صدي طيباً ومردوداً إيجابياً لدي الناس علي اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم. لكن ليسمح لي الدكتور يحيي الجمل الذي كنت ومازلت اتابعه واتابع آراءه بإعجاب شديد أن أختلف معه فيما صرح به أمس لصحيفة الأهرام حول التغييرات في القيادات الصحفية بالصحف القومية. فقد صرح بأن رؤساء التحرير الذين سيتم اختيارهم ليس شرطاً أن يكونوا من المؤسسات نفسها التي سيتم تكليفهم بقيادتها خلال المرحلة المقبلة. دعني أقُل لك يا دكتور يحيي وأصدقك القول إن هذا الإجراء لو حدث سوف يؤدي إلي مشاكل كبيرة وكبيرة جداً وأرجو أن تعيد النظر في ذلك بكل جدية.. لأن العاملين في الصحف القومية عموماً سواء أكانوا صحفيين أو عمالاً أو إداريين يرتضون بقيادة أي زميل من بينهم مهما كان الخلاف حوله ويرفضون أي دخيل عليهم من الخارج حتي ولو كان عبقرياً.. ولا تتصور رد الفعل الغاضب في مؤسسة دار التحرير - علي سبيل المثال - عندما فهموا من التصريح أنه يمكن فرض قيادة عليهم في رئاسة المؤسسة أو في رئاسة تحرير إصداراتها من مؤسسة أخري سواء كانت قومية أو خاصة.. لأنهم سيعتبرونه قد هبط عليهم بالمظلة.. وكأن المؤسسة قد عقمت عن إنجاب قيادة من بين أبنائها وهذا اتهام ظالم لأكثر من 800 صحفي تضمهم دار التحرير للطبع والنشر. مؤسسة دار التحرير يا دكتور يحيي مليئة بكفاءات صحفية مميزة.. ومميزة جداً.. وقد كانت علي مدي ما يقرب من ستين عاماً مدرسة صحفية رائدة ومنجبة خرج وتخرج منها أعلام في الصحافة والفكر والأدب والنقد. ولو أردت أن استعرض بعض أسماء هذه القمم لما وسعت هذه المساحة واحتجت لأضعافها. أي قيادة دخيلة يا دكتور يحيي لن تستطيع أن تتفهم أو تتعرف علي نفسيات وقدرات العاملين. وقد تقرب من لا يستحق وتبعد من يستحق. وسوف تدخل في تجارب عديدة مما يؤثر علي مستوي التحرير وعلي الارتقاء بإصدارات المؤسسة التي تبلغ 12 إصداراً. وعلي العكس من ذلك القيادة المختارة من الداخل تستطيع التجاوب مع الزملاء علي اختلاف توجهاتهم ويمكنها الاستفادة من كل منهم حسب قدراته ولاشك أن هذه القيادة ستعمل علي لم الشمل لدفع عجلة الإنتاج والارتقاء بمستوي المؤسسة مالياً وإدارياً وتحريرياً. فرض قيادة من الخارج يا دكتور يحيي يقضي علي طموحات العاملين في المؤسسة ويحبطهم ويدخلهم في دائرة اليأس ويؤدي إلي تفاعلات غير مستحبة لا تتحملها المرحلة التي تمر بها البلاد حالياً. آخر المقال: القيادة في سن الأربعين شيء جميل.. ولكن سن الشباب أصبح يمتد إلي الخمسين والستين في هذا العصر.. مقارنة بسن السبعين والثمانين.. ولا ننسي أن الخبرة عامل مهم أيضاً.