الشخصية هي وحدة الحياة العقلية والنفسية، وتعتبر أساس دراسة علم النفس، ولذا اهتم الكثيرون من علماء النفس بدراسة الشخصية وتحليلها إلي مكوناتها الأساسية. ونشأ ما يسمي (علم النفس الفردي) بجانب الاهتمام بدراسة الصفات الطائفية التي يشترك فيها عدد من الأفراد ، كدراسة أنواع الشخصيات السوية والشاذة. ويقصد بدراسة الشخصية الاهتمام بتلك الصفات المميزة لكل فرد، والتي تجعل منه وحدة فريدة في ذاتها، ومختلفة عن غيره، من حيث العوامل الوراثية والعوامل المكتسبة، التي تفاعلت مع بعضها فأدت إلي هذا الأسلوب الخاص من السلوك، وهذا الطابع الفردي الذي لا يشترك فيه اثنان اشتراكا كاملا في جميع النواحي. تعاريف الشخصية: إذا تتبعنا جهود علماء النفس لتعريف (الشخصية) فسنجد أن كلا منهم كان ينظر إلي الشخصية من زاوية خاصة، ولذا اختلفت التعاريف في أول الأمر. وكانت التعاريف الأولي للشخصية مبنية علي فكرة مستمدة من التمثيل المسرحي، وما يقوم به الشخص أمام الغير من حركات وصفات ظاهرية، بصرف النظر عما يخفيه في نفسه من صفات داخلية. وهذا كان يعزي للمعني الأصلي لكلمة (شخصية)، وهي الظهور أمام الغير في شكل تمثيلي. أي أن كلمة شخصية تحمل في معناها المظهر الذي يؤثر به الشخص علي الآخرين، فارتبط بهذه الفكرة تعريف الشخصية بالقدرة علي التأثير في الغير، أو الأثر الذي يتركه الشخص فيمن حوله. ولكن هذا التعريف لا يوضح لنا شيئا عن الصفات الداخلية الحقيقية في الفرد. فالشخص يمكن أن يعتبر عددا من الشخصيات وهي: الشخص كما يراه غيره، والشخص كما يري نفسه ، والشخص علي حقيقته . ومن ثم فتعريف الشخصية السابق يعتبر غير شامل لأنه يهمل الناحيتين الأخيرتين وهيثم فقط بالشخص كما يراه غيره . وعلي العكس من ذلك تماما فقد نظر البعض إلي الشخصية علي أنها تركيب نفسي معقد، لا يمكن تحليله أو فهمه، أو أنها قوة مركزية داخلية توجه الفرد في حركاته وتحدد سلوكه، وطبيعي أن مثل هذه النظرة لا تفيد في فهم طبيعة النفس لأنها تترك باب البحث مغلقا أمام فهم عناصر الشخصية ومكوناتها. ويرتبط بذلك أيضا التعاريف التي تهتم بفكرة الشخص عن نفسه، وتحليله لما هو عليه، ومعرفة صفاته النفسية الداخلية. ويتمشي هذا مع طريقة التأمل الباطني إحدي طرق البحث الهامة في علم النفس كما كان التعريف الأول متمشيا مع طريقة الملاحظة الخارجية ولهذا يمكن أن نقول ان هذا التعريف للشخصية يعتبر ناقصا كذلك لأنه يهتم بمظهر واحد من جوانب الشخصية، وهو الشخص كما يري نفسه. ثم انتقل التعريف إلي الناحية الاجتماعية عندما اتجه إلي الاهتمام بالإشارة إلي تعامل الفرد مع المجتمع. فأصبح التعريف يتضمن شعور الفرد بقيمته في المجتمع ومبلغ أهميته فيه، ومدي معرفة الفرد لحقوقه وواجباته. وهذه الصفة الاجتماعية في تعريف الشخصية بجانب فكرة المرء عن نفسه ترتبط بمبلغ حاجة المجتمع إلي الفرد. وقد ظهرت هذه النزعة في تعريفي "ألبورت" و"ماي" حيث يؤكدن فكرة تعامل الفرد مع المجتمع وقيمته من حيث تأثيره في المجتمع، وتقاس شخصيته بمبلغ اشتراكه في نواحي النشاط المختلفة التي تؤدي إلي إحداث التغير والتطور في هذا المجتمع. ويؤخذ علي هذه التعاريف السابقة أنها كانت وصفية عامة وليس لها فائدة إيجابية مباشرة لتوجيه البحث في الشخصية. ثم تطورت التعاريف فقامت علي تحليل الصفات ومحاولة تجميعها فألقت ضوءا علي عناصر الشخصية، وأفادتنا من الناحية الدراسية فائدة مباشرة ومن أمثلة ذلك ما يلي: عرف "مورتون: الشخصية بأنها (حاصل جمع كل الاستعدادات والميول والغرائز والدوافع والقوي البيولوجية الفطرية الموروثة، وكذلك الصفات والاستعدادات والميول المكتسبة من الخبرة). وهناك تعاريف كثيرة من هذا النوع تبدأ كلها بفكرة مجموع أو حاصل جمع الصفات الداخلية والخارجية الموروثة والمكتسبة أو مجموع الصفات العقلية والجسمية والاجتماعية وهكذا. ولكن هذه التعاريف القائمة علي مجرد تعداد الصفات، والتي تنظر إلي حاصل جمعها فقط تحمل في طياتها خطر اعتبار هذه الصفات وحدات منعزلة بعضها عن البعض، أو أن كل عنصر منها وحدة قائمة بذاتها.