في محاولة لطمس الحقائق التي علي الأرض والتي تؤكد سيطرة الثوار الليبيين علي أغلب المدن الليبية، لجأت وسائل الإعلام الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي أمس إلي تكثيف الدعاية باستعادة بعض المدن التي وقعت بيد الثوار، لكن التقارير الآتية من تلك المدن تنفي ذلك وتعتبرها دعاية تأتي في إطار الحرب الإعلامية. وأفاد شهود عيان بسماع دوي إطلاق نار مكثف في العاصمة طرابلس معقل القذافي فجر أمس أعقبه الإعلان عن توجه القوات الموالية للقذافي إلي بنغازي. وقال شهود: إن إطلاق نار مكثفاً من بنادق آلية دوي بشكل مستمر في طرابلس قبل فجر أمس لكن لم يعرف من الذي يطلق النار أو سببه. ونفي متحدث باسم الحكومة يدعي موسي إبراهيم وجود أي قتال في طرابلس، وأضاف: إن كل شيء آمن وأن طرابلس تحت السيطرة بنسبة 100% وأن هذه أصوات ألعاب نارية احتفالية وأن الناس موجودون في الشوارع يرقصون في الميدان. ولكنه قال: أنصحكم بعدم الذهاب إلي هناك من أجل سلامتكم. وبينما أعلنت قناة الليبية أن القوات الموالية للقذافي في طريقها إلي بنغازي بعد سيطرتها علي مدينتي رأس لانوف ومصراتة، نفي مصدر إعلامي في ليبيا صحة وجود أي قوات موالية للقذافي في رأس لانوف. قائلاً: إنه لا يوجد أثر لكتائب القذافي في رأس لانوف، مؤكداً أن موقع المدينة لا يسمح بذلك وأن أقرب جندي من القوات التابعة للقذافي للمدينة موجود بالوادي الأحمر علي بعد مائة كم من رأس لانوف. وفي وقت سابق أمس زعمت قناة الليبية أن القوات الموالية للقذافي سيطرت علي رأس لانوف، المنطقة النفطية الاستراتيجية في شرق ليبيا، وتحدثت عن احتفالات في طرابلس وسبها وسرت كما أعلنت في وقت لاحق السيطرة علي طبرق شرقي ليبيا لكن شهوداً نفوا ذلك. وذكرت تقارير بشأن استعادة السيطرة علي طبرق من الثوار عار عن الصحة وأنه يأتي في إطار الحرب الدعائية. وأعلن ثوار يسيطرون علي مدينة الزاوية الليبية أنهم صدوا هجومين أمس الأول للقوات الموالية للقذافي التي استخدمت الدبابات والمدفعية لاستعادة بلدة استراتيجية قرب العاصمة. وفي يوم ثان من القتال الضاري من أجل السيطرة علي البلدة الساحلية التي تبعد خمسين كيلو متراً غربي العاصمة طرابلس، تراجعت القوات الحكومية إلي مشارف البلدة في وقت سابق أمس الأول لكنها بعد ذلك شنت هجوماً مضاداً. وقال الثوار: إنه تم صد الهجومين، ويظهر في المدينة علامات قتال شديد، حيث يوجد مبني احترق بالكامل وهناك أنقاض مشتعلة متناثرة في وسطه وتوجد فتحات كبيرة في مبان أخري بالميدان الرئيسي معقل مقاومة المعارضين نجمت عن أسلحة من عيار كبير. وقال المتحدث باسم الثوار يوسف شاقان: إنه بعد هجوم الصباح هاجمونا مرة أخري، دخلوا من الغرب وبدءوا إطلاق الصواريخ علي المباني التي توجد في الميدان، وأضاف: نحن في وضع جيد، سيهاجمون مرة أخري ليلاً حسبما نعتقد. وذكر أحد السكان واسمه علي أن الهدوء ساد البلدة بعد سماع قتال متقطع في وقت سابق. وقال إنها هادئة ولكننا خائفون، إننا ننتظر لأنه قد يحدث هجوم آخر، إنهم مازالوا موجودين حولنا. وتحدث طبيب في الزاوية لرويترز عن ثلاثين شخصاً علي الأقل معظمهم مدنيون قتلوا في وقت سابق في القتال أمس السبت مما يرفع إلي ستين علي الأقل عدد الذين قتلوا في يومين من المعارك. ويواصل ثوار انتفاضة 17 فبراير في شرق ليبيا الزحف غرباً نحو مدينة سرت مسقط رأس العقيد معمر القذافي. وقد أفادت الوكالة الفرنسية بأن الثوار أسقطوا مقاتلة تابعة لقوات الزعيم معمر القذافي بالقرب من ميناء رأس لانوف النفطي. وذكرت صحيفة «صنداي تايمز» إن الثوار في شرق ليبيا أسروا ثمانية من جنود القوات الخاصة البريطانية. وأفادت الصحيفة بأن الجنود كانوا يرافقون دبلوماسيا بريطانيا عبر الأراضي التي يسيطر عليها الثوار وكان الدبلوماسي يأمل في إجراء اتصالات مع قوات الثوار، ورفضت الحكومة البريطانية التعليق علي ذلك. وقال بيان لوزارة الدفاع «نحن لا نؤكد أو ننفي هذه القصة، ولا نعلق علي القوات الخاصة». كما أكد القذافي في مقابلة نشرتها أمس صحفية «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية أن الهولنديين الثلاثة الذين كانوا يقودون مروحية في ليبيا هم أسري لدي نظامه، معتبرا أن هذا الأمر «طبيعي»، وقال القذافي «لقد أوقفنا طوافة هولندية هبطت في ليبيا من دون إذن». وزعم القذافي أن ما يحدث حاليا في ليبيا هو حرب ضد الإرهاب، محذرا من أنه أما أن يظل هو في الحكم وإما أن يأتي تنظيم القاعدة. وادعي القذافي خلال حديث «لوجورنال دو ديمانش»، أن القاعدة اعطت تعليماتها لخلاياها النائمة في ليبيا بالظهور علي السطح، مضيفا أن الشباب في ليبيا لا يعرفون القاعدة ولا أيديولوجية هذا التنظيم، وأن أعضاء خلايا القاعدة اعطوا هؤلاء الشباب حبوبا مخدرة، ليتخيلوا أن الأسلحة الآلية مجرد ألعاب نارية، علي حد قوله. وأبدي القذافي استغرابه من أن المجتمع الدولي لا يدرك أن ما يحدث في ليبيا هو حرب ضد الإرهاب، مشيرا إلي أن أجهزة مخابراته تعاونت كثيرا مع العالم في هذا المجال، وتساءل لماذا إذا لا تتم مساعدة ليبيا عندما تكون هي في حالة حرب ضد الإرهاب. وحذر القذافي أيضا الغرب من أن رجال بن لادن سيأتون لفرض إتاوات في البر والبحر، حسب كلامه، مشيرا إلي أن الغرب سيعاني من القرصنة ومن تدفق المهاجرين غير الشرعيين، بشكل سيكون بمثابة أزمة عالمية وكارثة للجميع. ودعا القذافي إلي استقبال فريق تحقيق من الأممالمتحدة أو من الاتحاد الافريقي، يذهب إلي مسرح الأحداث بدون معوقات. كما أعلن وكيل وزارة الخارجية الليبية خالد كعيم أمس الأول أن ليبيا طلبت من الجامعة العربية إعادة النظر في قرار تعليق مشاركتها في اجتماعات الجامعة. وقال كعيم خلال مؤتمر صحفي في طرابلس أن «ليبيا اتصلت بالأمين العام للجامعة عمرو موسي حول قرار تعليق مشاركة ليبيا وإعادة النظر في القرار». ومن جانبه دعا وزير الخارجية الألماني جيدو فيستر فيله إلي فرض مزيد من العقوبات ضد نظام القذافي. ورحبت كندا بقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو بفتح تحقيق مع القذافي بشأن الجرائم الخطيرة التي ارتكبت ضد الشعب الليبي.