هذه الأصنام والأوثان، التي تسعي (الشعوب العربية) لإسقاطها، هي من صنع أيادينا نحن، هذه الشعوب التي أقامت تلك الأصنام في معابدها, وفي أبراجها العالية, هي نفس الشعوب التي نادت من قبل "بالروح بالدم نفديك (يا صنم)" هذه الأصنام، لم تأت بالقوة المسلحة في أغلب الحالات والنظم الثائرة عليها شعوبها اليوم. وعلي سبيل المثال ليس الحصر - (مصر) و(اليمن) و(ليبيا) و(تونس) قبلها، وكذلك (البحرين) و(السلاطنة) في شبه الجزيرة العربية، وحتي لا يحزن أو يتضايق أحد، فلنتحدث عن أنفسنا عن (مصر الحبيبة). لم يأت الرئيس السابق "محمد حسني مبارك" في انقلاب عسكري، أرغم الشعب علي قبول نظام حكمه، بل حتي الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" الذي أطلقنا عليه (بطل الحرب والسلام) قبل أن نطلق عليه الرصاص يوم (6 أكتوبر 1981)، لم يأت إلي نظام الحكم في مصر (عنوة) أو (اغتصاباً) بل جاء بالدستور والقانون الذي اقتضاه شعب مصر باستفتاء حر!! وحتي حينما قام "السادات" بتعديل الدستور قبل رحيله بعده أسابيع لكي يمدد فترات الرئاسة ويفتحها لمدي الحياة، كانت أيضاً برغبة شعبية وبرلمانية طبقاً للقانون والدستور. حتي تلك المبايعات التي خرجت منها جموع الشعب منادية "بالروح بالدم نفديك يا سادات" أو "يا مبارك" أو "يا صنم" هي من صنع أيادينا نحن شعب مصر!! ولعل الرئيس "جمال عبد الناصر" (رحمه الله ) حينما نظم مع زملائه تنظيماً للضباط الأحرار، وخرجوا في حركة مباركة ولا يزيد عمر أكبرهم (سنا) عن 35 عاما، والغطاء الذي اختاروه لإقناع الشعب ، هو الرجل الطيب اللواء "محمد نجيب"، لفترة زمنية محددة، وتخلصوا منه بطريقة غير إنسانية إلا أن الحركة المباركة وتحولها إلي ثورة، بإنضمام شعب مصر كله للحركة، فأخذت معني الثورة وشملت ربوع مصر كلها والثورة في حقيقة الأمر هي الإرادة الجماعية للتغيير، ولكن للأسف الشديد الجينات الشرقية تدعو (لتأليه) من يقود حركة أو ثورة أو حتي يقود (عزبة) فلابد أن يتصف من يقود بالزعيم (والأب والروح القدس)!! ولعل هذه الألقاب الطيبة والتي نستخدمها في عقائدنا السماوية وتقاليدنا العائلية، إن صحت، فلا يجب أن نستخدمها في علاقاتنا السياسية والإدارية، فهناك دستور نسعي لتنقية مواده وفي سبيلنا لتغييره تماماً ليتوافق مع ما نحلم به كشعب مصر، ولكن بداية (الغيث قطرة ) فالتعديلات التي تمت لإحدي عشرة مادة بما فيها إلغاء مادة هامة كانت تدعم الخلط أو التعدي علي السلطة القضائية من السلطة التشريعية، وهي اختصاص مجلس الشعب بالفصل في العضوية، حتي بعد صدور قرار بإلغائها من السلطة القضائية، نحلم بأن نعيد صياغة حياتنا دون (معابد وكنائس ومساجد) حيث الدين لله والدولة للجميع!!