في 25 يناير الماضي نشر مقالي تحت عنوان (فاتورة التليفزيون) وكنت قد كتبته بعد أن صرح أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون برغبته في (أن يدعم الناس التليفزيون برسوم تضاف إلي فاتورة الكهرباء).. في الوقت الذي تم فيه الإعلان عن أن مديونية الاتحاد وصلت إلي 11 مليار جنيه مصري.. لم أكن أتوقع حينما كتبت هذا المقال أنه في غضون شهر واحد ستقوم أي جهة في مصر للاستجابة لمطلب منطقي بسيط دعيت إليه في مقالي وهو النظر في أجور العاملين بالاتحاد. كنت قد كتبت بالنص: (إذا كان هذا هو حال التليفزيون فلماذا يتقاضي مذيعوه ملايين الجنيهات سنوياً؟ ولماذا ينتج القطاع دراما تليفزيونية بطولة كبار النجوم الذين لا يقبلون سوي بالملايين أيضا؟ ولماذا لا يدعم التليفزيون المستفيدين منه كالمذيعين والنجوم وكبار المخرجين وغيرهم ممن تتحقق لهم الشهرة الشعبية علي حساب التليفزيون بدلاً من طلب الدعم من المواطن المسكين؟ ولماذا لا يقدم الذين يتقاضون الملايين بعض التنازلات في أجورهم للتخفيف من أزمة التليفزيون بدلا من مضاعفتها؟ ولضرب المثل علي إحساسهم بالمواطن الغلبان الذي يتحدثون عنه في برامجهم ومسلسلاتهم، وأيضاً لتقديم نموذج للانتماء لهذا القطاع العريق الذي تربي هؤلاء في كنفه وذاقوا منه لذة شهرتهم.) قبل 25 يناير كنت أسخر من فكرة إضافة رسوم علي فاتورة الكهرباء لتعضيد التليفزيون، أو بمعني آخر لتوفير بعض من الملايين التي يأخذها مذيعونه.. ولذا دعيت المقال من باب السخرية (فاتورة التليفزيون).. أما الآن وبعدما يتكشف لنا يوماً بعد يوم في داخل هذا الصرح الإعلامي الكبير فقد تغير مفهوم فاتورة التليفزيون الذي كنا نتحدث به قبلاً.. فقد صار للمواطنين عند التليفزيون المصري فاتورة كبيرة جداً جداً.. نحن نطالب بها والتليفزيون ينبغي أن يدفعها. أول بنود الفاتورة هو كيف؟ ومن المسئول؟ وبأي طريقة؟ وما السبب؟ ومنذ متي؟ وصلت ديون التليفزيون إلي 11 مليار جنيه؟ أين المسئولون عن هذا؟ ومن سيحاسبهم؟ وكيف؟ ومن أين جاءت الملايين التي تقاضاها المذيعون الأفاضل في السنوات الأخيرة مادامت أن مديونيات الاتحاد في هذا التزايد المستمر؟ وهل يتقاضي هؤلاء أجورهم كما يدعي بعضهم من أموال الدعاية؟ إذن هل تذهب كل أموال الدعاية لهم؟ وهل تكفي لدفع أجورهم؟ وماذا عن الاتحاد وحقوقه؟ البند الثاني في الفاتورة هو السياسة الإعلامية الماضية والحالية والمستقبلية إن كانت هناك رؤية استشرافية لما سيتم الاتفاق عليه بخصوص التليفزيون.. الشعب يريد تفسير السياسة الإعلامية بشكل لا يخل من الشفافية.. ماذا كان يحدث في الماضي؟ وما الذي يحدث الآن بخصوص تقديم الأخبار والبرامج التي تناقش الأخبار من أمثلة التوك شو وغيره؟ هل يتم الاتفاق علي سياسة عامة واضحة المعالم وحرة التوجه بما يتفق مع وطنية هذا الجهاز الإعلامي المهم واستقلاله واستعادة قوته وتأثيره في المستقبل القريب؟ وقبل وبعد البنود الثالث والرابع والخامس، من سيجيبنا عن تساؤلات البند واحد والبند اثنين؟ ومن سيدفع الفاتورة؟