هو على بن أبى طالب، ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم، ولد قبل البعثة النبوية بعشر سنين، وأقام فى بيت النبوة فكان أول من أسلم من الصبيان، هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وزوجته فاطمة الزهراء ابنة النبى صلى الله عليه وسلم، ووالد الحسن والحسين سيدا شباب الجنة، ولمّا آخى الرسول بين أصحابه قال لعلى (أنت أخي) ... وكان يكتب لرسول الله، وشهد الغزوات كلها ما عدا غزوة تبوك حيث استخلفه الرسول فى أهله وقال له (أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى). قال عنه الرسول الكريم فى أحاديثه الشريفة: "من أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبنى فقد أحب الله، ومن أبغض عليا فقد أبغضني، ومن أبغضنى فقد أبغض الله".
فى ليلة الهجرة، اجتمع رأى المشركين على أن يقتلوا الرسول فى فراشه، فلما كانت عتمة من الليل اجتمع المشركون على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله مكانهم قال لعلى (نم على فراشي، وتَسَجَّ ببردى هذا الحضرمى الأخضر فنم فيه، فإنه لن يَخْلُصَ إليك شيء تكرهه منه).
فى غزوة خيبر قال الرسول (لأُعْطينّ الرايةَ غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويُحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه، أو على يديه) ... فكان كرم الله وجهه هو المُعْطَى وفُتِحَت على يديه.
لما استشهد عثمان -رضى الله عنه- سنة (35 ه) بايعه الصحابة والمهاجرين والأنصار وأصبح رابع الخلفاء الراشدين، يعمل جاهدا على توحيد كلمة المسلمين وإطفاء نار الفتنة، وعزل الولاة الذين كانوا مصدر الشكوى.
ذهبت السيدة عائشة زوجة الرسول الى مكةالمكرمة لتأدية العمرة فى شهر محرم عام 36 هجري، وفى طريق عودتها للمدينة علمت باختيار على بن أبى طالب خليفة للمسلمين، فعادت ثانية الى مكة حيث ولحق بها طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام -رضى الله عنهما- وطالب الثلاثة الخليفة بتوقيع القصاص على الذين شاركوا فى الخروج على الخليفة عثمان، وكان من رأى الخليفة الجديد عدم التسرع فى ذلك، والانتظار حتى تهدأ نفوس المسلمين، لكنهم لم يوافقوا على ذلك واستقر رأيهم على التوجه الى البصرة، فساروا إليها مع أتباعهم، وجرت محاولات للتفاهم بين الطرفين ولكن الأمر لم يتم، ونشب القتال بينهم وبذلك بدأت موقعة الجمل فى شهر جمادى الآخرة عام 36 هجري، وسميت بذلك نسبة الى الجمل الذى كانت تركبه السيدة عائشة -رضى الله عنها- خلال الموقعة، التى انتهت بانتصار قوات الخليفة، وقد أحسن على استقبال السيدة عائشة وأعادها الى المدينةالمنورة معززة مكرمة.
قرر على بن أبى طالب -رضى الله عنه- (بعد توليه الخلافة) عزل معاوية بن أبى سفيان عن ولاية الشام ، غير أن معاوية رفض ذلك، كما امتنع عن مبايعته بالخلافة، هو وأهل الشام فقرر المسير بقواته إليهم، والتقت قوات الطرفين عند (صفين)، وحينما رأى معاوية أن تطور القتال يسير لصالح على وجنده، أمر جيشه فرفعوا المصاحف على ألسنة الرماح، وقد أدرك الخليفة خدعتهم وحذر جنوده منها وأمرهم بالاستمرار فى القتال، لكن فريقا من رجاله، اضطروه للموافقة على وقف القتال وقبول التحكيم، بينما رفضه فريق آخر ... واجتمع عمر بن العاص ممثلا عن معاوية وأهل الشام، وأبوموسى الأشعرى عن على وأهل العراق، وكانت نتيجة التحكيم لصالح معاوية.
اتفق جماعة أطلق عليهم «الخوارج»، وهم الرافضون للتحكيم بين على ومعاوية، فيما بينهم على قتل على ومعاوية وعمرو بن العاص فى ليلة واحدة، ظنا منهم أن ذلك يحسم الخلاف ويوحد كلمة المسلمين على خليفة جديد ترتضيه كل الأمة، وحددوا لذلك ثلاثة من بينهم لتنفيذ ما اتفقوا عليه، وطعن عبدالرحمن بن ملجم على –كرم الله وجهه- بالسيف وهو خارج لصلاة الفجر من يوم الجمعة الثامن عشر من رمضان عام أربعين هجرية بينما أخفق الآخران...
وعندما هجم المسلمون على ابن ملجم ليقتلوه نهاهم على قائلا (ان أعش فأنا أولى بدمه قصاصا أو عفوا، وان مت فألحقوه بى أخاصمه عند رب العالمين، ولا تقتلوا بى سواه، ان الله لا يحب المعتدين) ... وحينما طلبوا منه أن يستخلف عليهم وهو فى لحظاته الأخيرة قال لهم (لا آمركم ولا أنهاكم، أنتم بأموركم أبصر).
ومات على .. واختلف فى مكان قبره ... وباستشهاده -رضى الله عنه- انتهى عهد الخلفاء الراشدين.