تنبيه هام من التعليم للطلاب بشأن تغيير محل الإقامة قبل التنسيق    محافظ الدقهلية: رضا المواطن وسرعة الإنجاز على رأس أولوياتنا    بقرار حزب ترامب.. الكونجرس يرفض محاولتين لمنع بيع أسلحة لإسرائيل    السابع.. سيف العجوز إلى كهرباء الإسماعيلية    أشبه بالسرية.. قرار من فيريرا بشأن ودية الزمالك أمام غزل المحلة    مصدر من الزمالك يكشف ل في الجول: إصابة أحمد ربيع بالعضلة الضامة    آدم وطني ل في الجول: سنجلب عرضين من السعودية وفرنسا خلال أيام ل إمام عاشور    المعمل الكيماوي: تحليل طفل المرور يثبت تعاطيه الحشيش    الداخلية تضبط المتهم بالنصب على المواطنين بالزيتون    ضبط 4 أطنان دقيق قبل بيعها بالسوق السوداء    ضبط 16 سائقا متعاطيا المخدرات بالطريق الإقليمي    محمود حميدة وبشرى ومنير مكرم يشاركون في جنازة لطفي لبيب    «100 يوم صحة» تقدم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية مجانية (آخر إحصاء)    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    خلال زيارته لواشنطن.. وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى بمعهد "أمريكا أولًا للسياسات"    مقتل 6 أشخاص وإصابة 52 آخرين على الأقل جراء هجوم روسي على كييف بطائرات مسيرة وصواريخ    اليوم.. بدء الصمت الانتخابي بماراثون الشيوخ وغرامة 100 ألف جنيه للمخالفين    تصل ل150 ألف جنيه.. زيادة تعويضات مخاطر المهن الطبية (تفاصيل)    الخميس 31 يوليو 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    إطلاق دورة تدريبية متقدمة حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في هندسة البرمجيات    يعود بعد شهر.. تفاصيل مكالمة شوبير مع إمام عاشور    موعد مباراة آرسنال وتوتنهام الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    عزام يجتمع بجهاز منتخب مصر لمناقشة ترتيبات معسكر سبتمبر.. وحسم الوديات    وزير الإسكان يتابع موقف المشروعات السكنية والبنية الأساسية والتطوير في عدة مدن بالصعيد    محافظ الدقهلية في زيارة مفاجئة لشركة المياه والصرف الصحي لمتابعة الاستجابة لشكاوى المواطنين    استرداد 11.3 مليون متر من أراضي الري.. و124 قطعة دعمت النفع العام و«حياة كريمة»    سعر الدولار اليوم الخميس 31-7-2025 أمام الجنيه المصرى فى بداية التعاملات    ذبحه وحزن عليه.. وفاة قاتل والده بالمنوفية بعد أيام من الجريمة    حماية المستهلك: ضبط 3000 جهاز كهربائي مجمعين من مواد مجهولة تحت علامات تجارية شهيرة    مجلس الآمناء بالجيزة: التعليم نجحت في حل مشكلة الكثافة الطلابية بالمدارس    جامعة طنطا الأهلية.. دليلك الشامل للكليات والمصروفات والمزايا التنافسية    هيئة قناة السويس تنظم احتفالية بمناسبة ذكرى التأميم بعد قليل    حسين الجسمي يروي حكايتين جديدتين من ألبومه بمشاعر مختلفة    خالد جلال ينعى شقيقه الراحل بكلمات مؤثرة: «الأب الذي لا يعوض»    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    أيادينا بيضاء على الجميع.. أسامة كمال يشيد بتصريحات وزير الخارجية: يسلم بُقك    إعلام عبري: الجيش يقلص قواته في غزة وسحب فرقة وألوية كاملة    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    مجلس مستشفيات جامعة القاهرة يبحث إنشاء قسم للطب الرياضي بقصر العيني الفرنساوي    الكشف على 889 مواطنًا خلال قافلة طبية مجانية بقرية الأمل بالبحيرة    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    الكنيسة القبطية تحتفل بذكرى رهبنة البابا تواضروس اليوم    "بحوث أمراض النباتات" يعلن تجديد الاعتماد لمعمل تشخيص الفيروسات للعام السادس    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    عقب زلزال روسيا | تسونامي يضرب السواحل وتحذيرات تجتاح المحيط الهادئ.. خبير روسي: زلزال كامتشاتكا الأقوى على الإطلاق..إجلاءات وإنذارات في أمريكا وآسيا.. وترامب يحث الأمريكيين على توخي الحذر بعد الزلزال    قناة السويس حكاية وطن l حُفرت بأيادٍ مصرية وسُرقت ب«امتياز فرنسى»    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    بدء تقديم كلية الشرطة 2025 اليوم «أون لاين» (تفاصيل)    «حملة ممنهجة».. ترامب يقرر فرض رسومًا جمركية بنسبة 50% على هذه الدولة (تفاصيل)    بسبب خلافات الجيرة في سوهاج.. مصرع شخصين بين أبناء العمومة    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    أول تصريحات ل اللواء محمد حامد هشام مدير أمن قنا الجديد    المهرجان القومي للمسرح المصري يعلن إلغاء ندوة الفنان محيي إسماعيل لعدم التزامه بالموعد المحدد    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«بيرليسك».. رحلة صعود علي أجنحة الموسيقي

بين كل فترة وأخري، تحاول السينما الأمريكية أن تذكرنا بأن أفلام الكوميديا الموسيقية مازالت حية، ومازالت قادرة علي إثارة اعجابنا بل وانبهارنا، كما تحاول أن تذكرنا أن الأمريكيين هم سادة هذا النوع بلا منازع، مع عظيم الاحترام والتقدير لكل التجارب الأخري. منذ سنوات أدهشتنا روعة فيلم «ماميا» من بطولة ميريل ستريب وبيرس بروسنان وأذهلتنا موسيقي واستعراضات فيلم «شيكاغو» من بطولة «رينيه زيللويجر» وكاترين زيتاجونز» والآن لدينا عمل متميز آخر هو فيلم «burlesque» الذي عرض في الصالات المصرية بنفس الاسم «بيرليسك» بعد أن حار الموزعون ربما في ترجمة هذا المصطلح، ليس لدينا في «بيرليسك» عبقرية رجل مثل «بوب فوس» الذي جعل هذه الأفلام تقتحم عوالم جديدة سواء في طريقة السرد السينمائي، أو في نوعية الموضوعات التي تضع الإنسان في مواجهة القهر (كباريه) أو في مواجهة نفسه، وفي مواجهة الموت ( كل هذا الجاز) بالإضافة إلي الجرأة المدهشة في تصميم الرقصات والاستعراضات، ولكن «بيرليسك» فيه حدوتة متماسكة بسيطة، وفيه مواهب عظيمة في الرقص والغناء والموسيقي، وفيه القدرة علي الإبهار باللون والضوء الحركة، ومن هذه الزاوية نحن أمام عمل شديد التميز، ولولا بعض المط والتطويل لارتفع ميزان التقدير إلي درجات أكبر بكثير مما رأينا.
التعريف البسيط للكوميديا الموسيقية هو العمل الذي يتضمن حدوتة بسيطة تستهدف الترفيه ويتناول الحياة اليومية، وقد برعت مسارح برودواي في تقديم هذه الأعمال التي تجمع بين الرقص والغناء والألعاب أيضاً، والتي سرعان ما نقلتها هوليوود إلي الشاشة الكبيرة، أما مصطلح بيرليسك فيطلق علي المسرحية التي تتكون من اسكتشات درامية منوعة وأغان تنتقد الأشكال المسرحية الأخري، ولكن فيلمنا لا يتحدث عن «بيرليسك» المصطلح، وإنما عن اسم ملهي ليلي في هوليوود يحمل اسم «بيرليسك»، وتقدم فيه ما يشبه النمر الغنائية والاستعراضية علي طريقة الملاهي في الأفلام الغنائية المصرية في الأربعينيات والخمسينيات،
«بيرليسك» إذن هو الكباريه الذي يعتمد علي تراث مشاهير المغنيات الأمريكيات بعد تحويلها إلي استعراضات ساحرة، ولكن فتاة قادمة من ولاية «آيوا» كانت تعمل في مقهي متواضع، ستغير من «البروجرام» بجرأتها وموهبتها وبحبها للحياة وللرقص وللغناء، بل إنها ستنقذ المكان من البيع والهدم، وستُعيد الحياة إلي صاحبة المكان المغنية التي تجاوزت سن الشباب.
هذا هو إطار الحكاية كلها التي تبدو مألوفة تمامًا: صعود شابة من القاع إلي قمة النجاح في عالم الاستعراض، والدفاع عن الفن والبهجة والترفيه في مقابل البحث اللاهث عن المادة والربح، بل إن بعض العلاقات داخل المكان مثل الغيرة بين راقصات الفرقة، ومثل علاقة رجل أعمال ثري بالراقصات، وحتي شخصية الرجل الشاذ داخل هذه الأماكن، كلها عناصر تجدها في أعمال موسيقية أمريكية سابقة، بل قد تجد معادلاً لها في أعمال مصرية تنتمي لعصر الأبيض والأسود. التميز في «بيرليسك» ليس في الحدوتة، ولكنه في مهارة التفاصيل، وفي براعة رسم أهم شخصيتين فيه، وفي الحوار الذكي، وبالطبع في الاستعراضات والأغاني وتوظيفها الجيد، لدينا شخصيتان هما محور الحكاية كلها: «تيس» (المغنية والممثلة الرائعة شير) صاحبة كباريه «بيرليسك» التي تبدو مزيجًا بين الأم والفنانة وسيدة الأعمال أنها تعامل الجميع بحزم ولكن بحب كما في موقفها من راقصة حملت من صديقها، قوية صارمة تمامًا في مواجهة شريكها الحالي وزوجها السابق «فينسنت» لبيع الكباريه لرجل أعمال هو «ماركوس»، ولكنها ضعيفة وهي تشكو لصديقها ومعاونها الشاذ «شون» (ستانلي توجي)، أما الشخصية الثانية فهي «آلي» (الرائعة كريستينا أجويرا) الريفية التي تركت عملها في المقهي المتواضع الذي تعمل به، وجاءت إلي لوس أنجلوس بحثًا عن فرصة عمل، تبدو «آلي» كما لو كانت النسخة الجديدة الشابة من «تيس» إنها فتاة شديدة الحيوية والذكاء، لديها إرادة وطموح وموهبة، ولديها حب للفن ولأمها الروحية «تيس» ولديها صراع تحاول أن تحسمه: هل ترتبط برجل المال «ماركوس» الذي يريد شراء الملهي وهدمه لبناء ناطحة سحاب؟ أم تتزوج من «البارمان» الشاب «چاك» الذي يبادلها الإعجاب ولكنه مرتبط بخطيبة ذهبت إلي نيويورك في عرض مسرحي لعدة شهور؟!
تسير الخطوط في عدة اتجاهات: «تيس» التي لا تستريح إلي «آلي» في البداية ثم تمنحها الفرصة لكي تكون نجمة استعراضية تغني بصوتها بعد أن كانت مجرد نادلة في المكان، و«آلي» التي تذهب للإقامة مع «چاك» لتتحول صداقتهما إلي حب تدفعه للإفراج عن موهبته كموسيقي يكتب ألحانًا ولا يظهر لأحد، و«تيس» التي تعتمد طوال الوقت علي صديقها ومساعديها «شون» الذي كان يحبها قديمًا، ثم علاقة «آلي» مع «ماركوس» الذي يحاول شراء «آلي» مع الملهي، ولكنها تنجح في الاستفادة من هذه العلاقة بشكل غير مباشر للحفاظ علي «بيرليسك» لتربح الحب والفن والنجاح معًا.
في كل اتجاه من هذه الاتجاهات، يتم انتهاز الفرصة لتقديم الاستعراضات والأغاني، تقديم «آلي» لموهبتها له استعراض، تقديم «تيس» للملهي له استعراض، شعور «تيس» بمأزق بيع الملهي وضعفها الشديد له أغنية بديعة بعنوان «كلمتي الأخيرة».
علاقة الحب وترجمتها إلي مشاعر صريحة بين «آلي» و«جاك» لها أيضا أغنية بديعة بعنوان «الحب الحلو» والأغاني والاستعراضات لا تقدم بطريقة واحدة، مرة تقدم كاملة متصلة، ومرات يتم مزجها مع مشاهد درامية كما في الاستعراض الأول في الفيلم، يفترض أن النادلة الفقيرة تغني داخل المقهي المغلق، ولكن الأغنية يتم دمجها مع استعراض للراقصات في ملهي «بيرليسك» ومع مشاهد لم تقع بعد «فلاش فوروارد» للفتاة وهي تحجز تذكرة للذهاب إلي لوس انجلوس ثم تسير في الشوارع، وبالطبع كانت الفرصة مهيأة بشكل دائم لرؤية الاستعراضات لأن محور الأحداث ملهي ليلي، بل إنه موضوع الصراع بين رجل الأعمال وصاحبة المكانة.
لم يخرج «بيرليسك» إلي ما هو أبعد من عالم الترفيه والبهجة الذي يقدمه، هناك الخط المعتاد في رسم ملامح صعود فتاة تقدم حلمها الأمريكي الخاص بها، ولكن هناك تعميقا جيدا جدا لعلاقتها مع المغنية صاحبة الملهي، وفي أحد أكثر مشاهد الفيلم عذوبة تقوم تيشي بوضع الماكياج ل «آلي» التي فقدت أمها في سن السابعة، هناك أيضا سخرية لاذعة من رجال الأعمال الذين اصطنعوا ما اطلقوا عليه حقوق الهواء حيث يدفعون لصاحب منزل الملايين حتي لا يبني دورا إضافيا يمكن أن يحجب عليهم المنظر الرائع لمدينة «لوس انجلوس» ورغم هذه السخرية إلا أن الفيلم ينتهي أيضا بطريقة أمريكية تماما: رجل أعمال آخر ينقذ الملهي من البيع لمصلحته الخاصة، الفتاة الريفية تنقذ عملها ومنحها معا، وتحصل فوق البيعة علي حبيبها جاك الذي يضع قدمه أيضا علي طريق التأليف والتلحين الموسيقي بعد أن عمل طويلا كبار مان، ولا ننسي أن الحوار الذكي أحد عناصر قوي الفيلم الواضحة.
كان السيناريو متماسكا وجيدا ومتدفقا بصفة عامة لولا بعض المط والتطويل سواء في علاقة «جاك» مع «آلي»، أو في علاقة «ماركوس» مع «آلي»
الحقيقة أن علاقة «ماركوس» وآلي لم يتم بناؤها بشكل متدرج من البداية حتي النهاية، كما أن دخول خطيبة «جاك» وعودتها لتضبطه مع «آلي» أثقل الفيلم بلا أي داع، لو تم ضبط هذين الخطين بصورة أفضل لكان الفيلم أكثر تماسكاً واتقاناً، ومع ذلك فإن لدينا متعة كبري بمشاهدة مباراة بين نجمتين رائعتين: «شير» التي تجمع بين موهبتي الغناء والتمثيل، و«كريستينا أجويرا» وهي مغنية عظيمة وراقصة موهوبة وممثلة مجتهدة، صعوبة دور «شير» أن عيونها تعكس أمومة واضحة في حين تعبر نبرات صوتها وتعبيرات وجهها عن الجدية، هي شخصية مندهشة تماماً من الداخل ولكنها تتصنع القوة لكي تدير المكان، بداخلها أم حقيقية وفنانة لم تقدم كل ما عندها، دور شديد الصعوبة والثراء وأداته المغنية والممثلة العظيمة باقتدار، ربما يجب أيضاً الإشادة بدور «ستانلي توجي» الذي لعب بحضور فائق وبخفة ظل دور شون المساعد والصديق.
يلعب المونتاج دوراً محورياً في هذه الأفلام، وقد أشرت سابقاً إلي دوره في دمج الاستعراضات في الدراما، وأشير هنا إلي دوره في إبراز إيقاع كل استعراض وطابعه الخاص بالاشتراك مع الإضاءة وتصميم الرقصات، نحن لا نفقد الاحساس ابداً بأن الرقص يتم علي مسرح أحد الملاهي، ولا نفقد الاحساس أبداً بأن الرقصة مصورة بطريقة سينمائية تتعدد فيها زاويا الرؤية، وإن كنت لاحظت تأثرات واضحة بأفلام سابقة مثل استخدام الكراسي، وحتي هذا الاستخدام لم يكن في روعة ما شهدناه في شيكاغو أو كباريه عندما يسأل «جاك» صديقته «آليس»: لماذا تركت في «آيوا».. تقول له: لقد نظرت حولي هناك فلم أجد شخصاً يمكن أن أجسده، لعلها تقصد أنه وبخفة يجب ألا تكون بدون طموح، وألا تتوقف أبداً عن الصعود، وياله من «مورال» جدير حقاً بفيلم أمريكي يستهدف الترفيه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.