مع قدوم شهر رضان يتزايد السؤال عن روشتة عملية يستقبل بها المسلم هذا الشهر بشكل يحقق نيل رضا الله تعالى مع بداية الشهر الذى أوله رحمة وأوسطة مغفرة وآخره عتق من النار، حيث اعرب علماء الأزهر الشريف عن عدد من الخطوات التى بها يمكن للمسلم أن يحقق الاستقبال الايمانى لهذا الشهر. من جانبها تشير الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر إلى أنه «لا بد أن يتصالح المسلم فى هذا الشهر الكريم مع ربه، ويترك كل الأمور التى تعوق صفاء الروح وتعيق إيمانها بالله؛ فمحاسبة النفس هى أهم ما يجب أن يهتم به المسلم عند إحيائه شهر رمضان، وأن يطرح كل مسلم على نفسه سؤالا: ها قد عاد رمضان، فعلى أى حال وجدنا؟. وتضيف الدكتورة آمنة: «على كل مسلم أن يستحضر يوميا خلال الشهر الكريم العزيمة والقوة أمام الشدائد مهما بلغت قوتها. كما يتحقق الصوم الحق بالتوجه إلى الله فى صوم صادق وقلب خاشع وضمير نقي. وينبغى قضاء أيام رمضان بالاتجاه للعمل، والخروج من الترهل الذى أصاب جسد المجتمع، والتماسك أمام المحن، وأن نستعيد الثقة بإسلامنا وعقيدتنا». ويرى الدكتور عزت عطية -أستاذ الحديث بجامعة الأزهر الشريف- أنه «على المسلم أن يعد نفسه للصورة التى يجب أن يكون عليها فى هذا الشهر الكريم؛ إذ يجب عليه أن يمسك لسانه عن المعصية، وأن يعود نفسه على كظم الغيظ، وأن يقابل السيئة بالحسنة، وأن يتحلى بالخلق الحسن. وعندما يأتى رمضان يكون قد هيأ نفسه لهذا الخير فيقبل على طاعة الله بلا تكلف أو اصطناع من أجل رمضان. ويضيف الدكتور عزت: المستهدف فى هذا الشهر يجب ألا يكون الصيام لذاته؛ وإنما أثر الصوم على الأخلاق والسلوك. ومن المهم أن يدرب المسلم نفسه على أن يتحلى بطمأنينة النفس والسكون، وأن يكون من العاملين على الإصلاح بين الناس، إضافة إلى السماحة واليسر وعدم اقتراف المعاصي. كما يجب أن يتعود على أداء العمل بأمانة وجد، كما أنه من المهم أن يهتم بأسرته، فيحيى الليل معهم فى الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله. الطاعة بنظام أما الدكتورة مهجة غالب -الأستاذة بجامعة الأزهر- فتؤكد أن «هذا الشهر فرصة لتزويد النفس ببركات القرآن الكريم، وتعويدها على كف اللسان عن المعصية، وعدم الخوض فى أحاديث لا فائدة منها؛ لأن اللسان قد يكون سببا فى هلاك المرء وقد يكون سببا فى نجاته. ومن الأمور التى تعين المسلم على إصلاح النفس فى رمضان أن يكون له نظام فى غير رمضان للتقرب إلى الله بالطاعات، وأن يعود الأسرة على صلاة الجماعة بحيث يتبنى رب الأسرة التنظيم الإيمانى فى النظام التربوى داخل الأسرة، فيصبح هو وأسرته مهيئون تماما لاستقبال هذا الشهر الكريم. وتذكر الدكتورة مهجة سلبية من السلبيات التى يقع فيها بعض المسلمين فى رمضان وهى: التقاعس عن أداء العمل ومعاونة أهل البيت بحجة الصيام، على الرغم من أن الواجب عليه أن يكون فى هذا الشهر بالذات نموذجا للجد والدأب والتعاون والصبر الجميل؛ لأن هذا يقرب بين أفراد الأسرة الواحدة، ويلم شملهم نفسيا وإيمانيا. وحتى يخرج المسلم من رمضان بحصيلة إيمانية عالية -تقول الدكتورة مهجة - لا بد أن يدرك أهمية التوازن فى تلبية الاحتياجات البدنية والروحية؛ فعلى المسلم أن يقضى ليله فى العبادة وتبادل الزيارات لتوثيق المحبة والمودة بدلا من تضييع الوقت أمام وسائل الإعلام؛ لأن المطلوب هو اغتنام شهر «رمضان» فى التقرب من الله وليس التفرغ لمشاهدة البرامج التليفزيونية. مشيرة إلى أن أفعال الخير التى يمكن أن يقوم بها المسلم فى رمضان متعددة، مثل: تفطير الصائمين، والتصدق، وزيارة المرضى. وختاما، وبعد أن عرفنا من أين نبدأ الطريق، وكيف نصلح أنفسنا ونهيئها نفسيا وإيمانيا لاستقبال شهر الرحمة والإحسان، وبعد أن عرفنا كيف نتقرب من الله ذراعا لكى يتقرب إلينا باعا، ليكن هدفنا أن نفوز بالرحمة فى أوله وبالمغفرة فى أوسطه والعتق من النار فى آخره، فهل نقبل التحدي؟ وهل ننجح فى تحقيق الرمية الثلاثية «الرحمة + المغفرة + العتق»؟ الأيام القادمة ستتكفل بالرد، كما يرى عبد العزيز رجب عضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين أن رمضان فرصة لا تتاح كل عام إلا مرة واحدة فلنغتنم هذه الفرصة، ولنستفد منه كأنه آخر رمضان سيمر علينا، فربما يأتى العام القادم وبعض منا غير موجود،لأنه تحت التراب، كما سيحضر رمضان هذا العام وقد فقدنا بعضا من أحبابنا، كنا نتمنى كما كانوا يتمنون أن نكون جميعا معا فى رمضان –نسأل الله أن يجمعنا وإياهم فى مستقر رحمته ودار كرامته بجوار سيد الخلق محمد –صلى الله عليه وسلم. أضاف أننا نستطيع أن نستعد لرمضان ولنستفد منه فى نقا ط محددة أولها التوبة والإقلاع عن كل الذنوب الآن، فعلينا أن نبدأ بالتوبة والإنابة إلى الله، والاعتراف بالذنب والإساءة، وسوء الفعل وسىء القول، فإذا كانت البداية مع الله توبة نصوحا تطهر الروح، وتزكى القلب، تسقط فيها الدموع، وينجلى فيها الخشوع، فيصحو القلب الغافل من نسيانه، يسبح بحمد ربه ويستغفره، ويتوب إليه، فإن بشريات القبول قد بدت تلوح فى الآفاق. فلا بد من الإقلاع عن الذنوب التى عشقناها طول العام . وشدد أنه لابد علينا أن نستقبله بالعزم على ترك الآثام والسيئات والتوبة الصادقة من جميع الذنوب، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها ، فهو شهر التوبة فمن لم يتب فيه فمتى يتوب، وعلى المسلم أن ينزع نفسه من أوصاف الدنيا التى غرتك فى سالف الأيام، اعتق رقبتك من أسر الهوى والآثام، حرر قلبك من سجون المادية الغليظة والأوهام، إذا صلحت بدايتك صلحت نهايتك، ومن صلحت بدايته صلحت نهايته، وإنه إذا أحسن البدء حسن الختام. ولفت إلى ان المسلم عليه بالفرح والابتهاج الروحى والمعنوى مع قدوم شهر رمضان، فلقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان، فعن أبى هريرة –رضى الله عنه-أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو يبشر أصحابه: «قد جاءكم رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه يفتح فيه أبواب الجنة ويغلق أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم»، كما كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان، ويفرحون بقدومه، وأى فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضانموسم الخيرات، وتنزل الرحمات؟!