سر وحى رحلتى الإسراء والمعراج.. فاعلية ورجائية الدعاء

الرسول صلى الله عليه وسلم يتحرك صوب الطائف لتبليغ دعوته بعد أن استعصت عليه مكة وأغلقت الأبواب فى وجه هذه الدعوة، وأصبحت تجاهره بالعداء بعد فقده لأعز نصيرين لديه عمه أبوطالب وزوجته خديجة رضى الله عنها.
والطائف تبعد عن مكة بمسافة تزيد على مائة كيلو، وهى تعد أرض الأغنياء فى الجزيرة العربية، وهم ليسوا على استعداد لقبول دعوة تكسر نظامًا اجتماعيًا يراعى الفوارق الطبقية بين الأغنياء والفقراء ويجمع لهم إلى جانب المال السيادة والتسلط بل والقهر لذا أرسلوا السفهاء فى طريقه لكى ينالوا منه أكبر قدر من الأذى حتى أدميت قدماه الشريفتان.
يلجأ النبى صلى الله عليه وسلم إلى حائط بستان لعتبة وشيبه ابنى ربيعة وهما من أقارب النبى صلى الله عليه وسلم ولعلهما رقاله وأرسلا إليه غلامًا يدعى عداس معه قطفًا من العبث، ودار بينه وبين هذا الغلام حوار علم الغلام منه أن الرجل الملقى أمامه والذى أهانه هؤلاء ما هو النبى مرسل فأقبل على رأس النبى صلى الله عليه وسلم بقبله كشأن غيره من الفقراء الذين تروج لديهم تلك الدعوة، أما الأغنياء فموقفهم منها الصد والنفور، هنا يستلقى النبى صلى الله عليه وسلم على ظهره رافعًا عينيه إلى السماء يدعو ربه دعاء استجمع فيه السنوات التى بذل فيها الجهد والعرق والمشقة، ويرفع تقريرًا إلى ربه ومولاه بالحالة التى وصلت عندها الدعوة والدعاء حينما يكون مسبوقًا بجهد على الأرض وعمل شاق واستنفاد للأسباب وإعمال العلم ثم يأتى الدعاء بعد هذا فلابد أن لهذا الدعاء مسوغات الإجابة.
فلقد دعا النبى صلى الله عليه وسلم قائلاً: إلهى إليك أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين إلخ الدعاء والدعاء هو مجادع السماء وباستطاعة هذا الدعاء أن يقلب موازين القوى فى لحظة.
فهذا ملك الجبال ولك أن تتخيل ملكًا يتعامل مع الجبال وموكل عليها يقوده أمين الوحى جبريل لينتظر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قائلاً ومقترحًا: لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين «أعظم جبال مكة».. ولكن النبى صلى الله عليه وسلم يرجئ هذا قائلاً عل الله يخرج من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله.
فتح الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ممالك الجن حيث أرسل إليه وفد الجن جن نصيبن الذى آمن بدعوة الإسلام وقرأ عليهم النبى صلى الله عليه وسلم القرآن وآمنوا به وهو فى طريق عودته من الطائف والجن مخلوقات نارية قادرة على تنفيذ مهام دقيقة ولقد كون بهم نبى الله سليمان مملكة عظيمة وكانوا جنودًا أشداء.
ثم الفتح الثالث وهو رحلة الإسراء والمعراج التى أعطت للنبى صلى الله عليه وسلم من التأييد المعنوى ما يثبت فؤاده ويؤيده ليواصل مشوار الكفاح فى صبر ودأب.
فأنت ترى كيف أن الدعاء بعد فراغ الجهد ونفاد الأسباب غير موازين القوى فى لحظة خاطفة فنحن أحوج إلى هذا السلاح الذى نواجه به التحديات الشرسة من حولنا لكن أين الجهد المبذول على الأرض؟ أين الأخذ بأسباب العلم أين الأخذ بأسباب القوة.. وبعد ذلك أين الكوادر الإيمانية التى تدعو الله فيستجيب لها الدعاء.