«وسط البلد» بين الحلم والحقيقة فى جاليرى مصر

تبقى «وسط البلد» هى مركز التحولات ومؤشر تغيرات المجتمع الذى بات متوترا وقلقا، فما الذى حدث لوسط البلد؟.. ما هى التغيرات التى طرأت على شوارعها ومقاهيها والسائرين بها؟ لماذا حلت ثقافة الاستهلاك والفوضى محل الجمال والفنون والثقافة بشوارع وسط البلد؟.. 13 فنان حاولوا الإجابة عن هذه الأسئلة وحاول كل منهم رصد ما لاحظه بطريقته ورؤيته الفنية الخاصة به، هذه الرؤى تعرض حاليا بجاليرى مصر بالزمالك عبر وسائط متنوعة ومتعددة كالنحت والتصوير والفوتوغرافيا، فالفنان إبراهيم سعد يعود مرة أخرى إلى أسلوبه الفنى الأول الذى لا يستطيع الانفصال عنه حيث قدم فوتوغرافيا بحجم متوسط من ميدان طلعت حرب بمعماره المميز، واختار إحدى العمارات الواقة تحت الصيانة ومغطى جزء منها وقام بإعادة الرسم عليها بخطوط متقاطعة ومتصلة بحلمه الطفولى بالطائرة الورقية التى تطير حرة فى الهواء وتشيع المرح فى السماء.بينما الفنان محمد المصرى اختار تمثال طلعت حرب وجعله حاملا لبالونات ملونة وكأنها الأمل!
أما أعمال الفنان أحمد طلال فتتعرض لماهية العلاقة بين الفرد ووسيلة المواصلات وكيف تداخلت وتشابكت لدرجة صار كلاهما عنوانا للآخر، يرى طلال أنه ومع مرور الزمن تتكون بينهما علاقة وجدانية إيجابا كانت أم سلبا يأخذ كل منهما من الآخر ويضيف، حتى تكاد تتحول الآلة لجزء مهم من شخصية الفرد وثقافته، أما الفنان أحمد صبرى ب«قصة الاختيار» أعاد رسم مشاهد من فيلم «الإختيار» للمخرج الراحل يوسف شاهين عن الصور اللانهائية التى يمكن أن يتخذها المنتج. وجاءت أعمال الفنانة إيناس الصديق معبرة عن أحساسها بأننا بهذا المشهد المتكرر فى حياتنا اليومية تهان آدميتنا، مقارنة بين ذكرياتها فى نفس المنطقة عام1970 عندما كانت رائحة الياسمين والقهوة وصباح العبير المتدفق من الشمس الدافئة وهى تشرق على وجهها عند جروبى وعندما زلت قدمها فى بلاعة 2013 وسط أشخاص يحكمون ويتحرشون بعقولنا، وعندما نسير وسط القمامة فى الشارع وكأننا حشرات كبيرة الحجم، أما عمل الفنان كمال الفقى فجاء ملخصا ومعبرا بحرفية عالية عن المشهد ومضمونه ليصور لنا أهدافا كثيرة واتجاهات متضاربة بين بقايا جدران بنيت فى عصر حرص فيه الناس على رفاهية الفن والذوق والجمال، وبقايا أناس فقدوا القدرة على التذوق وسط محاولاتهم المضنية للبقاء أحياء.«وسط البلد» معرض هام وناقوس خطر لكل ما يحدث من تحول للمدينة فى إتجاه لا يراعى أى ثوابت أو قيم تاريخية أو اجتماعية أو سياسية سيفقدها رونقها وتتحول إلى مسخ.