برسالة ثقافية راقية، وصرخة لوجدان المواطن مصري، إفتُتِحَ مساء الأحد 2 يونيه بجاليري مصر بالزمالك المعرض الجماعي " وسط البلد " بمشاركة 13 فناناً وهم : إبراهيم سعد، أحمد صبري، أحمد طلال، إيناس الصديق، آية الفلاح، داليا رفعت، رانيا فؤاد، كمال الفقي، محمد المصري، محمد عز، ومحمود حمدي، مدحت أمين، ومنة جنيدي، تنوعت مجالاتهم وتباينت رؤاهم وأساليبهم وتقنياتهم وجمعهم الهدف والمضمون وهو تسجيل موقفهم مما آلت إليه منطقة وسط البلد، يستمر حتى 18 يوليو القادم. ضم المعرض مجموعة رائعة من الأعمال الفنية ما بين تصوير ونحت وفوتوغرافيا وعمل مركب تعرضت جميعها لتشوهات المشهد العام لمنطقة وسط البلد هذه المنطقة التي برغم شراسة عدوان ثقافة الاستهلاك وفوضوية العارض والطالب، لازالت تقاوم، لازال يفوح منها عبق التاريخ في أبنيتها وطرازها المعماري الرائع وما تحمله بنياتها من ذكريات الزمن الجميل عندما كانت وحتى ستينيات القرن الماضي مليئة بالمكتبات كمركز مهم للبحث عن المعلومة والثقافة والفنون. فنرى في أعمال الفنان أحمد طلال ماهية العلاقة بين الفرد ووسيلة المواصلات وكيف تداخلت وتشابكت لدرجة صار كلاهما عنواناً للآخر، فيرى الفنان أنه ومع مرور الزمن تتكون بينهما علاقة وجدانية إيجاباً كانت أم سلباً يأخذ كل منهما من الآخر ويضيف، حتى تكاد تتحول الآلة لجزء مهم من شخصية الفرد وثقافته، أما الفنان أحمد صبري ب " قصة الاختيار " أعاد رسم مشاهد من فيلم "الإختيار" للمخرج الراحل يوسف شاهين عن الصور اللانهائية التي يمكن أن يتخذها المُنتج. وجاءت أعمال الفنانة إيناس الصديق معبرة عن أحساسها بأننا بهذا المشهد المُتكرر في حياتنا اليومية تُهان آدميتنا، مقارنة بين ذكرياتها في نفس المنطقة عام1970 عندما كانت رائحة الياسمين والقهوة وصباح العبير المتدفق من الشمس الدافئة وهي تشرق على وجهها عند جروبي وعندما زلت قدمها في بلاعة 2013 وسط أشخاص يحكمون ويتحرشون بعقولنا، وعندما نسير وسط الزبالة في الشارع وكأننا حشرات كبيرة الحجم، أما عمل الفنان كمال الفقي فجاء ملخصاً ومعبراً بحرفية عالية عن المشهد ومضمونة ليصور لنا أهداف كثيرة وإتجاهات متضاربة بين بقايا جدران بنيت في عصر حرص فيه الناس على رفاهية الفن والذوق والجمال، وبقايا أناس فقدوا القدرة عى التذوق وسط محاولاتهم المضنية للبقاء أحياء. هو بالفعل معرض هام ومميز وجدير بالمشاهدة أبدع فنانوه المشاركون في إيصال رسالته مخاطبين المُتلقي بوسائل عدة حارصين على وصول تلك الرسالة ومحذرين من أنه في ظل تحول المدينة في إتجاه لا يراعي أي ثوابت أو قيم تاريخية أو إجتماعية أو سياسية تفقد رونقها وتتحول إلى مسخ.