أستاذان في الجامعة كانا حاضرين في مؤتمر علمي، أحدهما له صلات واسعة بالدوائر السياسية والعلمية العالمية، والثاني أستاذ في كلية الطب ويمتلك مستشفي وله صلات قوية بالفلوس. اقترب الأستاذ ذو الصلات الواسعة من الأستاذ الثاني وقال له بصوت هامس وهو يتلفت حوله وكأنه يخشي أن يسمعه أحد: إذا كنت حضرتك بتفكر تتعين في منصب مهم في الأممالمتحدة، أنا أعرف أخلصها لك دلوقت. رد الأستاذ الثاني: أتعين إيه في الأممالمتحدة؟ فرد عليه الأستاذ الأول الذي سنطلق عليه اسم الأستاذ الواسطة: تتعين سفيراً للنوايا الحسنة.. زي صفية العمري ومحمود حميدة وعادل إمام وهند صبري.. أنا معايا وفد من الأممالمتحدة جاي يختار واحد طبيب مشهور.. وأنا أعرف أخلّص لك الحكاية دي.. هم أصحابي، بس بياكلوا، حضرتك عارف طبعا إن كل المسئولين في الأممالمتحدة بياكلوا.. ده حتي بان كي مون، بياكل. قال الأستاذ الطبيب: حا دفع كام؟ فرد عليه الأستاذ الواسطة: فيه واحد زميلك عرض يدفع خمسة ملايين جنيه.. بس بصراحة أنا شايف إن نيته سيئة، ما ينفعش يبقي سفير للنوايا الحسنة.. وشايف إن حضرتك مرشح مثالي.. وممكن أخلصها لك بمليون جنيه بس. قال الأستاذ وثيق الصلة بالفلوس: وقد بدأ يفكر جديا في هذا المنصب الرفيع: مش كتير؟ ما ينفعش نهزهم شوية؟ فقال الأستاذ الواسطة: حا نهز فيهم إيه؟ هو المليون ده مبلغ ؟ ده أنا حا حاول أقنعهم. وافق الأستاذ وتم الاتفاق علي أن يزوره أعضاء اللجنة في قصره في مدينة الشيخ زايد، ويجروا معه مقابلة قصيرة ليختبروه اختبارا صوريا، ويكتبوا تقريرا للسكرتير العام يؤيدون فيه اختيارهم. وفي اللقاء وجهوا إليه عدة أسئلة أجاب عنها جميعا بحسن نية بالغ، فثبت بالفعل أنه يصلح سفيرا للنوايا الحسنة. أخذ الأستاذ الواسطة نصف مليون جنيه كاش أعطاهم لأعضاء اللجنة، غير أنه اتصل في اليوم التالي وقال إن رئيس اللجنة يطلب مليونا إضافيا حتي يوقع علي قرار التعيين، أعطاهم الأستاذ نصف مليون جنيه، غير أن رئيس اللجنة أصر علي المزيد فأعطاهم كمية مصوغات ومجوهرات تساوي 300 ألف جنيه، وبعد يومين اتصل به الأستاذ الواسطة وقال له: مبروك يا دكتور، ألف مبروك.. حضرتك بقيت سفير للنوايا الحسنة في الأممالمتحدة. فقال الأستاذ بفرحة: شكرا شكرا.. وجواب التكليف حاستلمه إمتي.؟ فرد عليه الأستاذ الواسطة غاضبا: جواب إيه يا دكتور.. تكليف إيه؟.. إحنا بنتعامل بالكلمة في الأممالمتحدة.. لا عندنا جوابات تكليف ولا جوابات تعيين.. خلاص حضرتك بقيت سفير للنوايا الحسنة لشئون العيانين في العالم كله. ومنذ تلك المكالمة كان الطبيب يقدم نفسه في المناسبات بوصفه سفيرا للنوايا الحسنة، وذات يوم وكان مدعوا علي العشاء مع عدد من زملائه، قدم نفسه بصفته الجديدة ففوجئ بأحد الأطباء المشهورين يقول له: أهلا وسهلا يا زميلي.. أنا كمان سفير للنوايا الحسنة. وهنا صاح عدد آخر: الله..؟ .. وأنا كمان.. وأنا كمان.. وأنا كمان.. اتضح أن كل المدعوين ماعدا اثنين كانوا سفراء للنوايا الحسنة. سألهم في عصبية: دفعتم كام؟ فأنكروا في البداية أنهم دفعوا شيئا، غير أنهم قالوا إن كلاً منهم دفع عشرين ألف دولار مصاريف تسجيل ودمغات . غلي الدم في عروق صاحبنا الأستاذ وقام من فوره إلي مكتب النائب العام وقدم شكوي ذكر فيها ما حدث. تمكنت رجال الشرطة من القبض علي المجموعة، غير أن الفلوس كانت قد طارت.