ليس صحيحًا أن رجال الأعمال يستعدون للهروب (1) - الشائعات لا تقل خطورة عن المظاهرات، وأسخف شائعة ترددت أمس هي «48 طائرة خاصة جاهزة لهروب رجال الأعمال».. فهل يعقل مثل هذا الكلام؟ - في هذا الوقت الذي يحتاج إلي التهدئة والتعقل والحكمة، حتي تنتهي موجة المظاهرات ويعود الهدوء من جديد، هل من المصلحة أن نبث بين الناس مثل هذه الشائعة؟ - من هم ال48 رجل أعمال؟.. محمد أبوالعينين ونجيب ساويرس وشقيقه سميح وحسين سالم وهشام طلعت مصطفي «المسجون» وشفيق جبر وكريم غبور وأحمد بهجت وغيرهم. (2) - أما العنوان الخادع فيبني الحبكة الصحفية علي أن الثورة التونسية كشفت النقاب عن أسباب حرص رجال الأعمال علي امتلاك الطائرات.. طبعًا للهروب. - ما دام في مصر 48 رجل أعمال يمتلكون طائرات فإنهم يستعدون للهروب، وما دامت المظاهرات قد اندلعت، فقد أصدروا أوامرهم بتشغيل محركات الطائرات. - الذين يمتلكون الطائرات هم الذين سيهربون، بمعني «خربوها وقعدوا علي تلها وسابوها».. والسؤال هنا: كيف تؤثر مثل هذه الشائعات في البلد؟ (3) - أولاً: شهدت البورصة هبوطًا حادًا، وهذا معناه مزيد من الانكماش في وقت تسعي فيه البلاد إلي جذب مزيد من الاستثمارات، فهي البديل الوحيد لخلق فرص العمل وضرب البطالة. - إشاعة أجواء من القلق والاضطراب تخلق عدم الثقة والتردد والإحجام، وهذه المفردات هي العدو الاستراتيجي للاستثمار والتنمية وجذب الأموال. - انظروا مثلاً إلي الصعيد الذي يعاني الفقر والبطالة، حدث ما حدث له بسبب الإرهاب الذي خيم عليه في الثمانينيات والتسعينيات، وفاته قطار التنمية لمدة ربع قرن. (4) - ثانيًا: لماذا يهرب رجال الأعمال؟ وهل وصلت الفوضي في البلاد إلي هذا الحد المزعج الذي يحتم الهروب، وهل رجال الأعمال «أندال» إلي هذه الدرجة؟ - الدولة في مصر قوية وثابتة، ومستقرة وجذورها ضاربة في أعماق التاريخ، ولا تهتز ولا تضعف، ولا تزيدها مثل هذه الأحداث إلا قوة وصلابة ومناعة. - من الذي يتمني الخراب لبلده، ومن الذي يسعي إلي تدميرها ووقف مسيرتها، وتحويلها إلي تونس أو لبنان مع كل الاحترام للدول والشعوب، إلا أن مصر هي صمام الأمان ورمانة الميزان. (5) - ثالثًا: يا رجال الأعمال انتبهوا وأفيقوا، فأنتم في صدارة الصفوف وحصلتم من هذا البلد علي الكثير والكثير، ولحم كتافكم من خيره كما يقول المثل. - آن الأوان لقليل من التضحية من أجل أن يشعر الناس جميعًا بعوائد التنمية، وأن يذوقوا ثمارها، ولا تنتظروا مبادرة من أحد ولا دعوة من أحد. - إذا حل بهذا الوطن مكروه -لا قدر الله - فأنتم أول من يدفع الثمن، وكل كنوز الدنيا وأموالها وقصورها لا تساوي أبدًا الغربة في الخارج. (6) - رابعًا: الشائعات هي الشر كله في الأيام المقبلة.. وسوف تنطلق شائعات عن قتلي وجرحي وحظر تجوال، وهروب رجال أعمال بأسمائهم وأشياء أخري كثيرة. - لا أدعي سوء نية الصحف ووسائل الإعلام التي تروج ذلك، ولكن ينبغي أيضًا كبح جماح السبق الصحفي والإعلامي الزائف الذي يؤدي إلي عدم التحقق من الشائعات. - هذا ليس وقت الجري وراء الإثارة والأخبار المفبركة والحكايات المصنوعة، ليس وقت الطبخات الصحفية والإعلامية الفاسدة التي تصيب الوطن كله بالتسمم. (7) - المعلومات هي السلاح الأكيد لضرب الشائعات، ولذلك أضع يدي علي قلبي، لأننا نفتقد في مصر نوعية المسئولين المتيقظين الذين يستخدمون «سلاح المبادرة». - بعضهم يختبئ في «دروة» ويختفي عن العيون، وقد لمسنا ذلك وتأكدنا منه كثيرًا في الأيام السابقة.. اختفاء مروع من علي مسرح الأحداث، لمن يجب عليهم التصدي. - مصر بلدنا جميعًا، ومن حقنا جميعًا أن نخاف عليها وندافع عنها، ولكن الخوف كل الخوف من لوبي الصامتين، الذين ينشرون الشائعات بصمتهم. E-Mail : [email protected]