تنسيق الجامعات 2025.. إعلان نتائج تنسيق طلاب الشهادات الفنية    رئيس «التنظيم والإدارة» يلتقي خريجي برنامج «إسليسكا» للتأهيل وإعداد القيادات الحكومية    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    الشرقيه تتصدى لظاهرة السحابة السوداء    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 15سبتمبر 2025    البنك المركزي يستضيف اجتماع مجموعة عمل تقرير الاستقرار المالي الإفريقي    روبيو يبحث مع نتنياهو تداعيات الهجوم على قطر والهدنة في غزة    المستشار محمد عبد المجيد يكتب : رصاصة في قلب أمريكا    وصول سفينة «حمدان» الإماراتية إلى ميناء العريش البحري    آلام حادة.. تطورات حالة إمام عاشور بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة    نبيه يؤكد على ثقته في اللاعبين مع انطلاق معسكر تشيلي    إنفانتينو يهنئ بيراميدز بعد الفوز على أوكلاند في كأس إنتركونتيننتال    قرار المحكمة في أولى جلسات محاكمة المتهمة بقتل زوجها وأبناءه في المنيا    رفع درجة الاستعداد بسبب العواصف الترابية في الوادي الجديد    فتاة توثق تعرضها لوصلة شتائم.. والداخلية تضبط مرتكب الواقعة    حادث سير بطريق الناصرية بالفيوم يسفر عن إصابة 4 أشخاص    السياسة على السجادة الحمراء.. رسائل تضامن مع فلسطين بحفل Emmy Awards    100 فعالية في اليوم المصري للموسيقى احتفاءً بإرث سيد درويش    جنات: "ألوم على مين" هو الاسم الثالث للألبوم.. وخسرت وزني عشان صحتي    «الرعاية الصحية»: منصة إلكترونية جديدة تربط المرضى بخبراء الطب بالخارج    "الأوقاف" تعلن عن أسماء المقبولين للدراسة بمراكز إعداد محفظي القرآن الكريم    بدء صرف «تكافل وكرامة» عن شهر سبتمبر الجارى ب4 مليارات جنيه    وزير السياحة: مؤشرات النمو الأخيرة تعكس ثقة السائح الإسبانى فى المقصد المصرى    كارلوس ألكاراز في الصدارة.. ترتيب التصنيف العالمي لكرة التنس    الزمالك يتعاقد مع فريدة الزرقا لتدعيم صفوف سيدات الطائرة    كامل الوزير: لاتهاون مع أى مخطى أو مقصر وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    استقبال رسمي لمفتي الجمهورية لدى وصوله للمشاركة في القمة الثامنة لزعماء الأديان    المرشحون لعمادة كلية الحقوق جامعة بنها يعرضون مقترحاتهم للتطوير أمام لجنة الاختيار    ضبط سيدة تدير وكراً للأعمال المنافية للآداب فى التجمع الأول    ضبط نصف طن كلور ومنظفات وربع طن لانشون وبرجر وسجق مجهولة المصدر بالأقصر    آبل تطلق اليوم iOS 26.. تعرف على الأجهزة المؤهلة للتحديث المجانى    استعدادًا للعام الدراسي الجديد.. «تعليم الشرقية» تراجع جاهزية المدارس    كوريا الشمالية تُطالب أمريكا بنزع سلاحها النووي: واشنطن تُعرض السلام العالمي للخطر    برشلونة ضد فالنسيا.. البارسا يسحق الخفافيش 3 مرات فى 2025 ويحقق رقما قياسيا    ويجز ل محمد منير: أنت مصدر إلهامى وشكرا على البصمة اللى سبتها فيا    "إعلام الأزهر" تمنح الباحث محمد رضا الماجستير في الإذاعة والتليفزيون بتقدير ممتاز    درونز وقناصة و"الوحش".. بريطانيا تستقبل ترامب بأكبر عملية تأمين منذ التتويج    الدكتور خالد عبدالغفار يترأس اجتماع اللجنة التنسيقية لمنظومة التأمين الشامل    الصحة: حملة «100 يوم صحة» قدمت 88 مليون خدمة طبية مجانية خلال 61 يومًا    نجاح جراحة دقيقة بالمخ لمريض مستيقظ بأحد مستشفيات الأقصر    جامعة الإسكندرية تطلق أولى قوافلها الطبية لعام 2026 (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 15-9-2025 في محافظة قنا    ارتفاع طفيف في سعر اليورو أمام الجنيه المصري بالبنوك اليوم    أيمن الشريعي: الأهلي واجهة كرة القدم المصرية والعربية.. والتعادل أمامه مكسب كبير    آمال ماهر: أداء حسن شاكوش لأغنيتي "في إيه بينك وبينها" ضحكني وعمل ليّ حالة حلوة    بسنت النبراوي: تركت مهنتي كمضيفة جوية بسبب ظروف صحية والتمثيل صعبة للغاية    في ذكرى ميلاده.. إسماعيل ياسين أيقونة الضحك الخالد وصاحب البصمة الذهبية في تاريخ الكوميديا المصرية    صاحب الفضيلة الشيخ سعد الفقى يكتب عن : هذا ما تعلمناه؟؟    مواعيد مباريات الإثنين 15 سبتمبر 2025.. أربع مواجهات بدوري أبطال آسيا للنخبة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى إبراهيم البحراوى    ما حكم قتل القطط والكلاب الضالة؟ دار الإفتاء المصرية تجيب    مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 15 سبتمبر 2025 في بورسعيد    «بيفكر في بيزيرا».. رضا عبدالعال يهاجم زيزو    فلكيًا بعد 157 يومًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 في مصر    ساعر يهاجم رئيس الوزراء الإسباني بسبب دعمه للتظاهرات المؤيدة لفلسطين    الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني يعتبر نتائج الانتخابات المحلية ليست كارثية    بالأسماء.. إصابة 4 من أسرة واحدة في البحيرة بعد تناول وجبة مسمومة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هرطقات طنطاوية علي دفتر الفتنة (15) الطائفية الدينية المدينية «طائفية مجتمعات المدن»
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 27 - 01 - 2011

كما سبق أن قلت إن الخصومة في المناطق الريفية والشعبية خاصة في الصعيد يغلب عليها طابع الوضوح والإعلان والصراحة والصرامة والجهورية، علي خلاف المدن التي تكون الخصومة فيها وخاصة الدينية غالب عليها طابع الرمزية والمظهرية والنفاق والتملق والتلون بأكثر من وجه، وربما يرجع بعض الناس ذلك إلي انفتاح أهل المدن وتحضرهم، أو إرجاعه إلي انتشار ثقافة الليبرالية بصورة كبيرة بين أهل المدن عنها بين أهل الريف، وربما يرجع بعض الناس ذلك إلي تسامح أهل المدن وانتشار التعليم وتمتعهم بقيم التعايش وقبول الآخر، إلا أنني أري أن الواقع الحقيقي بين أهل المدن كالقاهرة وغيرها من المدن الكبري هو واقع لا يقل طائفية عن طائفية الريف والصعيد، إلا أن الخلاف يكمن فقط في الطريقة أو في السلوك أو في الشكل أو في اللون الذي تظهر فيه الطائفية الدينية وتمارس به.
فالطائفية كفكرة ومعتقد بين أهل المدن هي الطائفية كفرة ومعتقد بين أهل الريف والصعيد، إلا أن قلة وندرة الأحداث الطائفية العنيفة والممارسات العملية العدائية في المدن لا تعبر حقيقة عن عدم وجود طائفية دينية بين أهل المدن، ولا عن ضعفها وقلتها، ولا يعني كذلك أن أهل المدن لديهم من قيم التسامح وأخلاق التعايش ما يمنع وجود طائفية دينية بين بعضهم البعض، فأهل المدن يغلب عليهم ليس التسامح أو التعايش، وإنما يغلب عليهم أسلوب وطريقة حياة المدينة بصخبها وزحامها وعاداتها وتقاليدها وتطور مرافقها بصورة لا تسمح لهم ولا تمكنهم من ممارسة الطائفية الدينية بسلوكياتها العنيفة ولا بتصرفاتها العدوانية، فيلجأ أهل المدينة إلي التلون والنفاق والادعاء والكذب لإخفاء طائفيتهم الدينية، إلا أنها تظهر عليهم وتبدو بكل وضوح في الأماكن المغلقة ووراء الجدران وفي زلات اللسان وفي المجالس الخاصة وفي التعاطف والرضا والتقبل والتفهم لما يحدث في الجانب الآخر (الريف والصعيد والمناطق الشعبية) وهو الجانب الواضح الصريح والعنيف في ممارسة الطائفية الدينية.
فهناك كثير من المواقف التي أنا شخصيا شاهد عليها وتثبت بما لا يدعي مجالا للشك وجود طائفية دينية في أهل المدن بصورة لا تقل عنها في الصعيد والريف، إلا أنها ليست بالوضوح والعلانية والصراحة والصرامة والجهرية التي في الريف والصعيد، ولا يمكن الادعاء أن جميع أهل المدن لا تنتشر بينهم الطائفية بشكلها العنيف والعدواني لانتشار قيم التسامح وقبول الآخر بينهم، إذ هناك فارق كبير بين تقبل الآخر كأخلاق إنسانية نبيلة راقية، وكقيم ثابتة راسخة يتحتم علي الفرد منا أن يؤمن ويتخلق بها، وبين قيم مائعة ملتبسة باهتة كالمواءمة والمداهنة والنفاق واللعب بالبيضة والحجر وهشاشة المبدأ وكثرة التلون وسرعة التقلب والدجل والمتاجرة والتسلق والقفز علي الحبال والكذب والغش وعدم الوضوح وقلة الصراحة التي تتفشي بين كثير أو معظم أهل المدن.
فبين أهل المدن تنتشر - خاصة بين أوساط النخب المثقفة من المسلمين والمسيحيين - ظاهرة نفاقية عجيبة. فاقت كل الظواهر. هذه الظاهرة كثيرا ما تجعل المرء يمتلئ حيرة في بعض الأوقات، وإحباطا وعدم ثقة في أوقات أخري، هذه الظاهرة العجيبة الغريبة التي تنتشر بين بعض غير قليل من النخب المثقفة المسلمة والمسيحية علي حد سواء، هي عبارة عن ظاهرة أعتبرها أنا من النفاق النخبوي المثقف، فبعض من الكتاب والمثقفين دائما ما تأتي أحاديثهم أو مقالاتهم في صورة مذكرة دفاع مستميت من الطرف المسلم عن الطرف المسيحي، ومن الطرف المسيحي عن الطرف المسلم، لدرجة تشعر القارئ بأن الكاتب المسلم قد أصبح مسيحيا، والكاتب المسيحي قد أصبح مسلما، وذلك لا بأس به علي الإطلاق وخصوصا لو كان ما بداخل القلوب يحمل نفس الود والمشاعر الأخوية التي توشك علي الصراخ من بين سطور كتاباتهم. إلا أنني أعتقد بل أجزم أن بعض هذه الكتابات أو جزء كبير منها وليس جميعها، حتي لا أظلم أصحاب النوايا المخلصة والطيبة والصادقة فعلا، لا تقل شبها عن العناق بين شيوخ الأزهر والقساوسة، وعن الصلاة غير الخالصة لوجه الله التي يقيمها بعض المسلمين في الكنيسة كنوع من المجاملة وإظهار التودد، وعن موائد الإفطار الرمضانية غير الخالصة لوجه الله التي تقيمها بعض الكنائس للمجاملة وإظهار التودد. وعن دعوة الإخوان المسلمين للمسيحيين للانضمام لعضوية حزبهم المزمع تأسيسه.
وأنا أقول هذا الكلام بناء علي وقائع حقيقية عايشتها أنا بنفسي منذ منتصف التسعينيات من خلال علاقاتي المتعددة مع كثير من المثقفين المسلمين والمسيحيين في القاهرة والإسكندرية، وبناء علي ما عايشته وشاهدنه بنفسي من وقائع ومواقف طائفية كثيرة ومتعددة من أهل المدن، وسوف أسرد في المقال القادم بعضا من الوقائع والنماذج علي مدي تعمق الطائفية الدينية بين أهل المدن ولكن بلونها المديني. والبقية تأتي.
باحث إسلامي مقيم بأسيوط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.