بعد عشرين دقيقة فقط من اليوم الأول من هذا العام، وقعت العملية الارهابية التي استهدفت المصلين الخارجين من كنيسة القديسين بالإسكندرية. وبعد 22 يوما بالضبط.. أعلن وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي عن التنظيم الإرهابي المتورط في هذا الحادث وهو «جيش الإسلام الفلسطيني» المرتبط ببعض العناصر المصرية. وبمنتهي الأمانة، فإن الكشف عن ملابسات أي حادث إرهابي، وكشف المتورطين فيه، رغم عدم تبني أية جماعة مسئوليته، خلال 22 يوما فقط هو إنجاز أمني ينبغي الإشادة به. بعد الحادث بساعات خرج الإخوة الأقباط علي شاشات التليفزيونات المحلية والعالمية، وبدت أحاديثهم غاضبة جدا، حتي أن بعضهم - ومنهم من يصدقون أنفسهم باعتبارهم علمانيين - أمهلوا الشرطة عدة أيام للكشف عن الجناة أو مغادرة مواقعهم. وطالب بعض الأقباط المحتجين في الشوارع بإقالة المسئولين الأمنيين في الإسكندرية وغيرها علي ما اعتبروه تقصيراً أمنياً. وفي ظل المشاعر الملتهبة، والحزن الذي انتاب جميع المصريين، لم يكن من الملائم الرد علي ما صدر ربما في لحظات غضب وانفعال، لكن أعتقد أنه من الملائم الآن أن نراجع أنفسنا وتصريحاتنا الغاضبة والانفعالية، وهناك عدد من الحقائق يجب التركيز عليها: 1- لا يوجد جهاز أمني في العالم، ولو لو تعاونت الأجهزة الأمنية كافة في كل الكرة الأرضية، لن يمكنها منع الجرائم الارهابية.. يمكنها التقليل منها، والإجهاض المبكر لكثير من العمليات الارهابية، وتفكيك منظمات متعددة، وأعتراض مكالمات مشفرة ومراقبة مواقع الكترونية لكنها لا تستطيع منع الارهاب منعا كاملا. 2- أعتي الأجهزة الأمنية العالمية مهما كانت عراقتها وحداثتها وميزانيتها، تفاجأ بعمليات إرهابية، وإلا ما وقعت تفجيرات مترو أنفاق لندن الإرهابية، وقطارات إسبانيا، بينما كانت الأجهزة الأمنية في الغرب كله في هذه الأوقات في لحظات استنفار قصوي. 3- رغم الهاجس الأمني الكبير الذي تعيشه الولاياتالمتحدةالأمريكية بأجهزتها الأمنية التي تصل إلي 25 جهازاً ووكالة، اكتشفت وجود سيارة مليئة بالمتفجرات في ميدان تايم سكوير في قلب نيويورك بالصدفة، وبإبلاغ مواطن عنها قبل انفجارها بدقائق، وكادت لو انفجرت لأدت إلي مقتل المئات. 4- الإرهاب ليس جيشا منظما، والمعركة معه ليست مواجهة بين جيشين في ساحة حرب، وإنما هي مواجهة مع عدو لا تراه بينما يراك. 5- لا يمكن بأي حال من الأحوال تأمين جميع الكنائس - كما قال الإخوة الأقباط - بمعني إغلاق الشوارع وتحويل مسارات المرور، ففي مصر لا توجد منطقة بدون كنيسة. 6- أخيرا قد ينجح الإرهاب في اختراق الإجراءات الأمنية، وتنفيذ عمليات إرهابية في كل مكان في العالم، لكن في هذه المصائب يتراصي المواطنون إلي جانب الأجهزة لقطع دابر الارهاب ولا يمثلون ضغوطاً عليه وهذا هو الدرس الأهم الذي يجب أن نخرج به.