انتقد د. علي جمعة مفتي الجمهورية ما وصفه بفوضي الفتاوي علي الفضائيات.. وأشار إلي أن الفتاوي التي تنشر في وسائل الإعلام المختلفة، كثيرا ما لا تصلح لغير السائل عنها، إلا إذا كان حال المطلع عليها كحال المستفتي، وظرفه كظرفه، وهو ما لا يتحقق في كثير من الأحيان. وحذر جمعة من الفتاوي التي لا تستند إلي أصل شرعي أو أدلة معتبرة شرعًا، أو نابعة من الأهواء والتأثر بالظروف والأحوال والأعراف المخالفة لمبادئ وأحكام الشريعة ومقاصدها.. مؤكدًا أن الفتوي أمر عظيم، لأنها بيان لشرع الله عند السؤال عنه لتصحيح أوضاع الناس وتصرفاتهم. وأوضح خلال محاضرة ألقاها أمس الأول بقاعة الصداقة بالخرطوم تحت عنوان «منهج الإفتاء المعاصر- الواقع والمأمول» بحضور جمع حاشد بينهم وزراء بالحكومة السودانية، وهيئة علماء السودان، وجامعة القرآن الكريم وجامعة أفريقيا العالمية. دعا «جمعة» إلي عدم أخذ الفتوي من غير المتخصصين المستوفين لشروط الإفتاء وأركانه الثلاثة وهي إدراك المفتي للمصادر الشرعية، والواقع المعيشي، والقدرة علي الجمع بينهما مبينا أنه لا يجوز أن يفتي إلا من تحقق فيه الشروط المقررة في مواطنها، وهي العلم بكتاب الله تعالي وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم، وبمواطن الإجماع والخلاف والمعرفة بالمذاهب وأصول الفقه ومبادئه وقواعده ومقاصد الشريعة، والعلوم المساعدة ومنها النحو والصرف والبلاغه واللغة والمنطق ومعرفة أحوال الناس وأعرافهم، وأوضاع العصر ومستجداته ومراعاة تغيرها والرجوع إلي أهل الخبرة في التخصصات المختلفة، لتصور المسألة المسئول عنها، كالمسائل الطبية والاقتصادية ونحوها.. كما أن علي المفتي أن يكون مخلصا لله تعالي في فتواه، ذا وقار، عارفا بما حوله من أوضاع، متعففا ورعا في نفسه ملتزما بما يفتي به من فعل وترك، بعيدا عن مواطن الريب، متأنيا في جوابه عند المتشابهات، وأن يشاور غيره من أهل العلم، مداوما علي القراءة والاطلاع، أمينا علي أسرار الناس. وأوضح أن كثيرا من القضايا المعاصرة معقدة ومركبة، ولذلك فإن الوصول إلي معرفتها وإدراك حكمها يقتضي أن تكون الفتوي جماعية، ولا يتحقق ذلك إلا بالرجوع إلي هيئات الفتوي ومجالسها والمجامع الفقهية. وقال جمعة: الأصل في الفتوي أنها غير ملزمة قضاء، إلا أنها ملزمة ديانة فلا يسع المسلم مخالفتها إذا قامت الأدلة الواضحة علي صحتها، ويجب علي المؤسسات المالية الإسلامية التقيد بفتاوي هيئاتها الشرعية، في إطار قرارات المجامع الفقهية. وأوصي بدوام التواصل والتنسيق بين هيئات الفتوي في العالم الإسلامي.