فى الوقت الذى ترددت فيه الأخبار عن استعداد دمشق لمناقشة تنحى الرئيس السورى بشار الأسد، أعلن عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطنى السورى أن المجلس يبحث تشكيل حكومة مؤقتة، مشيرا إلى قرب تنحى الأسد عن منصبه. وذكر سيدا عقب اجتماع وفد المجلس مع الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند فى العاصمة باريس أن هناك عملاً جدياً للإعلان سريعاً عن حكومة انتقالية فى سوريا، مؤكداً انه تجرى مشاورات معمقة مع مختلف المكونات السورية بشأن تشكيل حكومة انتقالية.
ومع انتظار سقوط بشار الأسد، يرسم المحللون الأستراتيجيون سيناريوهات لملامح سوريا ما بعد سقوط النظام، مطالبين أن تفتح الدولة الجديدة ذراعيها لكل الأطياف الاجتماعية والسياسية فى البلاد مابين سنة وعلويين وأكراد ومسحيين وإخوان واشتراكيين مستلهمة فى ذلك النموذج الجنوب إفريقى بعكس تجارب العراق وبوروندى بشرق إفريقيا وإدماج قوات الجيش السورى الحر والقوات النظامية معاً تحت إدارة سلطة مدنية.
ويتوقع المحللون نشوب صراع طائفى وعرقى مرير فى سوريا بعد الأسد وذلك للتنوع العرقى فى سوريا علاوة على التنوع الطائفى.
ويشير تقرير لصحيفة» كريسنبان سيانس مونيتورز» الأمريكية إلى أن سوريا ما بعد الأسد ستكون فى حاجة ماسة لتدخل عسكرى غربى للتعامل مع مخزونها من الأسلحة الكيماوية، مطالباً بضرورة تشكيل هيئة دولية لشئون سوريا تضم اللاعبين التقليديين فى المنطقة مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وروسيا وفرنسا مع تركيا وإيران لضمان استقرار سوريا سياسياً واقتصادياً.
ويتوقع المراقبون أن تسمح واشنطن ببروز دور إقليمى لإيران أكثر أهمية لضمان تعاونها وتحييدها بعد سقوط الأسد.
وبالنسبة لموقف إسرائيل من سوريا، تنصح الصحيفة باتباع تل أبيب لسياسة العصا والجزرة مع النظام الجديد بتقديم بوادر النوايا الحسنة للتفاوض حول مرتفاعات الجولان، وفى المقابل تضمن تل أبيب حالة سلام نسبى فى جنوب لبنان.
من جانبه، ذكر رئيس مكتب الحراك الثورى فى المجلس الوطنى السورى جمال الوادى أن المعارضة قادرة على قيادة البلاد بعد تنحى الأسد، مضيفاً أن المعارضة ليست مفككة وتجمع على عدم الحوار مع النظام وتحويل أركانه إلى محكمة العدل الدولية.
وفى تطور لافت، كشفت صحيفة ازفستيا الروسية أمس أن جميع العاملين فى قاعدة الإمداد والصيانة الفنية التابعة للقوات البحرية الروسية فى ميناء طرطوس السورى والبالغ عددهم 78 شخصا تم نقلهم إلى متن السفينة الورشة «بى إم -138» لسلامة أرواحهم.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه السفينة ستبقى راسية فى ميناء طرطوس ولن تغادره إلا عندما تصدر هيئة أركان الحرب للقوات المسلحة الروسية تعليماتها.
كان نائب رئيس الحكومة السورية قدرى جميل قد أعلن فى موسكو فى ختام لقاء مع وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف ان سوريا مستعدة لمناقشة استقالة محتملة الأسد فى اطار مفاوضات غير مشروطة مع المعارضة.
لكنه تدارك ان وضع التنحى كشرط قبل بدء الحوار يعنى ضمنا إنهاء الحوار فى مهده. وقالت مصادر سياسية فى دمشق إن جميل زار موسكو لمناقشة مشروع ستقدمه روسيا بموافقة سوريا يقضى بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بإشراف دولى يشارك فيها من يرغب من المرشحين بمن فيهم بشار الأسد.
وكأول رد فعل، أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن شكوك كبيرة فى احتمال إجراء مشاورات حول استقالة بشار الاسد، الأمر الذى أشار إليه نائب رئيس الوزراء السورى فى موسكو.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فكتوريا نولاند «اطلعنا على المعلومات حول هذا المؤتمر الصحفى لنائب رئيس الوزراء السوري. بصراحة، لم نر فيه اى جديد استثنائى».
من ناحية أخرى، قال مصدر أردنى إن مدير كلية الدفاع الوطنى بالأكاديمية العسكرية اللواء الركن محمد الحاج على المنشق عن النظام السورى دخل إلى الأردن منذ أيام وأنه يقيم فى منطقة آمنة.
ميدانيا، قُتل نحو 250 سوريا معظمهم فى بلدة معضمية الشام بريف دمشق ودرعا وحلب ودير الزور، أمس الأول فى واحدة من أسوأ موجات العنف منذ بدء الثورة، بينما أعلن الجيش الحر أنه حقق مكاسب ميدانية كبيرة فى محافظتى حلب ودير الزور.
وأحصت لجان التنسيق المحلية 246 قتيلا بينهم 70 أعدموا رميا بالرصاص فى بلدة معضمية الشام بريف دمشق فيما عمت الاشتباكات بين الجيشين النظامى والحر بأنحاء كثيرة فى سوريا. وأكد الجيش الحر أنه استولى على مقار المخابرات الجوية والأمن السياسى وحزب البعث فى البوكمال على بعد 120 كيلومترا جنوب شرقى دير الزور بعد قتال استمر أياما.
وذكر مصدر فى الجيش السورى الحر المعارضة إن قوات الأمن انسحبت من مجمعى مخابرات سلاح الطيران والأمن السياسى فى البلدة الواقعة على مسافة 120 كيلومترا إلى الجنوب الشرقى من مدينة دير الزور.
إنسانياً، شهدت الأيام الثلاثة الماضية موجة نزوح غير مسبوقة للاجئين السوريين خاصة من ريف دمشق إلى الأردن حيث اجتاز قرابة 3000 منهم الشريط الحدودى بمنطقة «تل شهاب» السورية المحاذية لبلدة «الذنيبة» الأردنية هربا من الأحداث التى تشهدها بلادهم.