في شتاء العام الماضي ارتعد العالم من فيروس أنفلونزا الخنازير.. وصار الرعب هاجساً مشتركاً بين جميع الدول.. وأصبح عقار التاميفلو المعالج لهذا الفيروس ثروة تتمناها كل دولة.. لدرجة أن هناك بعض الدول كانت تتباهي بما لديها من مخزون لهذا العقار الذي يرهق ميزانيات الدول الفقيرة والمتوسطة علي حد سواء، نظراً لثمنه الباهظ، حيث كانت شركات الأدوية العالمية تتسابق فيما بينها لإنتاج ما يسد احتياجات الدول من هذا العقار السحري..وحصد الفيروس ما حصد.. وربحت شركات الأدوية ماربحت! وفي مصر عشنا حالة من الرعب والقلق.. وذبحنا كل ما لدينا من خنازير بعد أن ترددت أنباء أن وجودها علي قيد الحياة يساعد علي انتشار هذا الفيروس.. وأغلقت المدارس والجامعات أبوابها معظم نصف العام الدراسي الأول بقرارات رسمية أو بقرارات أولياء الأمور خوفا من الإصابة بهذا الفيروس القاتل.. وقامت وزارة الصحة من جانبها بجهد ملموس من خلال حملات التوعية للوقاية والعلاج من هذا المرض، ساهمت إلي حد كبير في الحد من انتشاره.. ثم جاءت البشري السارة حين أعلنت منظمة الصحة العالمية انتهاء هذا الوباء وأن فيروس أنفلونزا الخنازير أصبح مجرد سلالة جديدة من سلالات الأنفلونزا الموسمية أطلقت عليها «الأنفلونزا المستجدة»! والآن.. لو سألت أي واحد في مصر: أخبار الأنفلونزا إيه معاك؟ سيرد علي الفور: «أسكت دي مموتاني».. أو سيقول لك: «أنا لسه طالع من دور أنفلونزا لا يعلم به سوي ربنا».. إنها أنفلونزا الخنازير.. أو ما يطلق عليها الآن «الأنفلونزا المستجدة».. تحصد كل يوم المزيد من الضحايا.. ووزارة الصحة راح الخوف والرعب فجأة من قلبها.. وصارت تقوم بدور «الحانوتي» الذي يقدم إحصاءً بعدد الضحايا كل يوم، مكتفية بالإعلان عن توافر عقار التاميفلو.. بجميع المستشفيات.. بل صار العقار يباع في الصيدليات أيضاً بعد أن كان ممنوعاً.. وأصبح في متناول اليد بعد أن انخفض سعره خمسة أضعاف ما كان عليه العام الماضي! والسؤال: لماذا انحسر مرض أنفلونزا الخنازير في العالم باستثناء بعض الدول من بينها مصر؟! هل السبب غياب حملات التوعية والإرشادات الصحية اللازمة للوقاية.. أم أن وزارة الصحة اقتنعت برواية منظمة الصحة العالمية التي طمأنت العالم بانتهاء وباء أنفلونزا الخنازير.. وصار الغرض من كل هذا الذعر والبلبلة الترويج لعقار التامفيلو المدهش لتربح شركات الأدوية علي حساب أرواح الضحايا؟! سؤال أخير: هل ستنتظر وزارة الصحة أن يستوطن مرض أنفلونزا الخنازير مثلما استوطنت أنفلونزا الطيور في مصر؟! وهل شعورها بانحسار المرض كفيل بأن يبعث في قلبها كل هذه الطمأنينة رغم الإعلان كل يوم عن وقوع المزيد من الضحايا؟! أم أن وزارة الصحة أدركت مؤخراً أن حكاية أنفلونزا الخنازير ما هي سوي «سبوبة» ساهمت في حبكها منظمة الصحة العالمية لتتربح شركات أدوية بعينها من وراء هذا الفيروس؟! وبالمناسبة.. معظم المصابين الآن بمرض أنفلونزا الخنازير أو فلنقل الأنفلونزا المستجدة تم شفاؤهم دون تناول عقار التاميفلو الذي صار يباع في الصيدليات بعد أن كان مقصور تداوله علي المستشفيات فقط، ليس لأهميته بل لقلة وفرته وقت اندلاع الهلع من أنفلونزا الخنازير!