أى قانون هذا الذى يتحدثون عنه؟ هل القانون هو قضية الرياضة المصرية الأهم؟ ما كل هذه الضجة التى يصنعونها حول بضعة نصوص مكتوبة على ورق؟! من هذا الذى يعتقد أن قانون الرياضة هو العصا السحرية التى ستحيل واقعنا.. من الفشل إلى النجاح الكبير؟! لماذا يمنحون القانون كل هذه الأهمية مع أن الكل يعلم علم اليقين أن لا القانون ولا أى شىء آخر سيغير وجه الرياضة المصرية.. فقط الرؤية والتخطيط هما الحل الأوحد؟ هل يستحق الأمر كل هذه الحروب الضارية التى اشتعلت بين العديد من الأطراف.. ولا يزال التراشق قائما بالأسلحة الثقيلة من كل نوع؟! هل من المنطقى أن تختزل القضية كلها فى هذا القانون.. فلا يشغلنا سواه؟. ليس لكل الأسئلة السابقة، سوى إجابة واحدة.. "لا"، فنحن نمنح قانون الرياضة، الذى تعاقب على إعداده ثلاثة وزراء، أكثر كثيرا مما يستحق، والتركيز الزائد الذى نعايش تفاصيله، والصراعات العنيفة حوله، أى القانون، أوصلنا إلى وجود مشروعين للقانون.. أحدهما أعدته وزارة الرياضة، والثانى صنعته اللجنة الأوليمبية المصرية، التى آليات إعداد القوانين لا دخل لها فيه، ولا دور.. ما دخل اللجنة الأوليمبية بما لا يخصها.. لا أحد يعرف طبعا؟!. لست بالمرة ضد أن يكون لدينا قانون جديد للرياضة، ولكننى ضد أن يصبح القانون ركوبة يسعى هذا، أو ذاك إلى امتطاء ظهرها لكى يصل إلى مبتغاه، وهو ما يحدث بالفعل.. ولا يمكن أن تخطئه العيون!!. يقولون فى اللغة إن القانون، هو مجموعة قواعد عامة، مجردة، ملزمة، تنظم العلاقات بين الأشخاص فى المجتمع، ولو طبقنا التعريف على الرياضة، فسنجد أن القانون ليس له أدنى علاقة.. لا من قريب ولا بعيد بتقدم هذه اللعبة.. أو تلك! وليس هو الذى سيجعلنا نتسيد الرياضة فى العالم، ولن يغمرنا بميداليات تنهمر على رءوسنا مثل المطر.. "ماكنش حد غلب"!. واهمون وحالمون من يعتقدون أن مجرد نصوص أو بعض مواد، تصنع تقدمًا، وتجلب إصلاحًا، وتنهض بواقع.. القانون فى الأغلب الأعم هو مجرد إطار عام لتنظيم حركة البشر والأشياء فى مجال ما، وتحدد بنوده كل التفاصيل العامة التى تتعلق بهذه الحركة.. وتعالوا نتخيل مجرد التخيل أن نصًا فى القانون ينص على تحديد سرعة السيارات, على الطرق المفتوحة, بمائة كيلومتر فى الساعة، بجانب النص على معاقبة من يخالف هذه السرعة بالعقوبة المالية.. وتأمل معى هذا المثل، الذى استعنت به للتوضيح فقط، وبناء عليه أسأل: هل مثل هذا النص سيقضى على أزمة المرور؟ هل يمكن أن يعيد الانضباط إلى شوارعنا؟ هل يمكن أن يدفع سائق "الميكروباص" للوقوف بجانب الرصيف بدلا من احتلال عرض الطريق؟ هل سيرفع هذا النص القانونى من مستوى من لا يجيدون القيادة ويجعلهم أكثر مهارة وحرفية؟ هل يمكن أن يسهم النص نفسه فى منح الجالس على مقود السيارة نوعا من الذوق والسلوك الراقى حين يتعلق الأمر بقائدى السيارات الآخرين؟! ومرة أخرى أقول لا، فلا ينفع مثل هذا النص فى أى من هذه الجزئيات، لا لشىء سوى أن القانون ينظم الحركة، ويحدد خطوات، ويرسم خطوطًا لا غير، ومن هذا المثل التوضيحى الذى قد نختلف مع بعض تفاصيله، ولكننى استعنت به لتقريب المعنى أنطلق إلى التطبيق على الرياضة والقانون، من هنا طبيعى أن أسأل: هل لبند الثمانى سنوات، الذى حارب المهندس حسن صقر رئيس المجلس القومى للرياضة سابقا، من أجل أن تتضمنه اللوائح، دور فى النهوض بالرياضة؟ هل سيختلف الأمر كثيرا لو بقى هذا المسئول فى منصبه لثمانى سنوات.. أو أكثر؟ ما هو حجم الاستفادة التى ستعود على الرياضة المصرية من مثل هذا النص التافه؟ هل يمكن أن يلعب دورا فى تأهل منتخب مصر لكرة القدم لنهائيات كأس الأمم الأفريقية؟ هل يتحقق حلم الناس فى عودة منتخب مصر إلى الساحة الأفريقية دون المعاناة التى يعيشها الناس منذ انطلاق التصفيات قبل أزيد من شهر؟ هل تظن أننا سنصبح أكثر قدرة على الفوز بالميداليات الأوليمبية بفضل الثمانى سنوات؟! كيف يسهم نص يحدد تشكيل مجالس إدارة الأندية فى نهضة الألعاب الفردية مثل: التنس والسباحة، التى نمارسها منذ عقود ولم يحقق أحد أى إنجاز يذكر فيها على المستوى العالمى؟ ما قيمة بند يتعلق باجتماعات الجمعيات العمومية وانعقادها العادى والطارئ فى توسيع قاعدة الناشئين الهزيلة التى أوصلتنا إلى حد أن يقف عدد اللاعبين المسجلين رسميا فى سجلات اتحاد كرة القدم المصرى عند 56 ألفًا؟ الرقم صحيح وموثق وأذهب إلى أبعد نقطة مع من يريد أن يفاصل أو يناقشنى فيه!!. منتهى السخرية.. ومنتهى السطحية والاستخفاف، فقد ترك البعض القضية الأصلية، وراح يمسك فى هوامش لا تخدم إلا مصالحهم الشخصية، فلا تشكيل مجالس الإدارة وبند الثمانى سنوات سيعود على الرياضة بأى فائدة، ولو عدنا بالذاكرة لعقدين من الزمان لوجدنا أن كل الجدل والنقاش حول الرياضة، تركز فى الجوانب الإدارية التى تتعلق بالبقاء على الكراسي.. ولأطول وقت ممكن، وليذهب كل ما عدا ذلك إلى الجحيم، وربما أن هذا هو الذى يفسر لنا بقاء كل هذه الوجوه، كل هذا الوقت.. مع أن ما حققناه هو الوهم ولا شئ سواه!. يا عشاق الكراسى من أنصار الثمانى سنوات: قاعدين ليه.. الرياضة بتموت؟!