** قناة رياضية تداوم الإعلان عن استضافتها لحارس مرمى نادى ريال مدريد والمنتخب الإسبانى.. وعندما يحين موعد السبق الكبير، يكتشف الناس أن القناة كانت "بتهزر" معاهم، وقامت ببث تقرير مع الحارس، مدته دقيقتان تقريبا، والمثير أنه كان يتحدث عن مباراة لفريق أمام منافس آخر فى الدورى الإسبانى!! .. فماذا نسمى ما جرى؟ هزار إعلامى.. أم تهريج فضائى.. أم توافق مع شعار المرحلة، التى يفعل فيها أى حد أى "حاجة".. ولا يجد من يحاسبه؟ الحكاية وقعت من جانب قناة النهار رياضة، التى كنا نستبشر أن تكون إضافة إعلامية حقيقية، بعيدا عن العبث، الذى نراه فى بقية النوافذ المفتوحة منذ سنوات، ولم تجلب لنا إلا الضرر.. والتراجع الثقافى، والفكرى، بعد أن سيطر عليها نفر من أنصاف المتعلمين، وأرباع الموهوبين، وأدارها من الكواليس.. أو بمعنى آخر.. سمح بأن يحدث كل هذا، شلة من المنتفعين، ممن يقال إنهم خبراء فى الإعلام، مع أن الكبير فيهم لا يخرج من ذمة طالب فى سنة أولى إعلام جامعة القاهرة.. بربع جنيه!! ..السنوات الأخيرة.. كانت مأساة حقيقية على شعب مصر، الذى كان عليه أن يتعرض لمثل هذا المضمون الرياضى المتخلف، وقد كنا نأمل أن نكون على مشارف مرحلة جديدة، تتغير فيها كل الأفكار الخاطئة، وتتبدل الوجوه المستهلكة، وتصبح الأمور أكثر شفافية، وأكثر صدقا.. ولكن يبدو أنه لا يزال أمامنا بعض الوقت، حتى نبلغ هذا الهدف النبيل.. وأتمنى ألا تقع قناة النهار، فى مثل هذا الخطأ مرة أخرى، وأظن أنهم مطالبون بالاعتذار للجمهور.. حتى تكون بداية جديدة تماما. ملحوظة أخيرة: قد لا يجد المتابع لوسائل الإعلام.. أى ذكر لما حدث، وقد لا يتناوله أحد بالمرة، ولو بلفت النظر، والعتاب.. فهل تعرفون لماذا؟ لأن هناك من يطمع فى استضافة، أو ربما فرصة عمل هنا أو هناك، أو لعلاقة صداقة وود تجمع "فلانا بعلان".. كارثة إعلامية تانية.. "يارب الفرج من عندك فى العالم دى كلها"!! ** يعيش الناس فى مصر.. أسرى الرغبة فى تحقيق الفوز، وأظن أن مثل هذه الرغبة، باتت أقوى من الرغبة الجنسية، التى قال عنها العلم إنها أعنف رغبات البشر على الإطلاق!! الربط بين هذه وتلك يبدو غريبا بعض الشىء، ولكننى لم أربط بينهما ربطا مباشرا.. إنما رصدت.. ما يحدث فى مصر، حين يجلس مشجع الكرة.. أيًا كان.. مشجع ناد، أو منتخب.. فيصبح هدفه، وهمه الوحيد أن يفوز الفريق، الذى يشجعه مهما كانت قيمة المباراة، ومهما كانت الفوارق مع المنافس، الذى سيلعبها.. ومهما كان مستوى فريقه عموما، أو فى هذا اليوم على وجه الخصوص.. نريد الفوز دائما، وأبدا.. نسعى إليه، ونطلبه، حتى لو لم نكن نستحقه.. فهو المعيار لكل شىء عندنا، وقد نلعب مباراة رائعة، ويخسر الفريق الذى يلعبها، فلا يصبح للأداء أى قيمة، لأن النتيجة هى الفيصل عند المشجعين!! أكتب هذه الكلمات.. ليس بسبب مباراة الأهلى وبايرن ميونخ الودية فى الدوحة، ولكنها بالقطع تركت بعض الأثر، لأنها مضت فى ذات الاتجاه.. وهى الرغبة فى الفوز بأى ثمن، والندم على ضياع التعادل فى آخر لحظة، وتوجيه اللوم لبعض اللاعبين، ومن بينهم شريف إكرامى حارس المرمى، الذى اتهمه البعض بأنه أخطأ فى كرة الهدف الثانى للفريق الألمانى، وسمح لهم بالفوز بالمباراة، التى كانت تتجه للتعادل، باعتبار أنه لم يكن قد تبقى.. إلا ثوان معدودات، على إطلاق فيصل عبدالله الحكم القطرى صافرته، وتنتهى المباراة، وليس كل هذا صحيحا.. دون الانتقاص من حق الأهلى فى أنه أدى مباراة رائعة فى الشوط الثانى، فقد كان الشوط الأول فرصة للفريق الألمانى ليحرز ما لا يقل عن خمسة أهداف، ووقتها كانت ستنتهى المباراة فعليا وعمليا، ولكن الفوز ليس هو المطلوب منها، ولا الخسارة هى التى يتعين أن تكون محور الحديث، والشاغل الأول والأخير فى مثل هذا اللقاء المهم والتاريخى، مع واحد من الفرق الكبرى على مستوى العالم. تركنا كل ما فى اللقاء.. ولم نهتم إلا بالنتيجة.. وهى عادة مصرية أصيلة، تختزل الرياضة، والتنافس الشريف فى النتيجة فقط، دون النظر لأية تفاصيل، ودون وضع أى اعتبارات فى الحسبان.. لا أحد يبحث عن المتعة، لا يوجد من يرى فى الرياضة أى جوانب إيجابية بخلاف الفوز، وربما لهذا السبب.. أصبح تشجيع الفرق، والانتماء لها نوعا من المعاناة.. لأن الفوز وحده هو، الذى يرضى المشجع، ولا يقبل له بديلا.. وعندما يخسر فريقه، يحزن، ويثور، ويغضب، وتسود الدنيا فى عينه.. مع أن الرياضة، والتشجيع لم يكن لكل هذا بل للمتعة.. والترويح.. والاستمتاع، فهل نستطيع أن نتغير؟ وهل يمكن أن نتبنى الأفكار التى يمارسها الناس فى الغرب.. وبالتحديد فى الدول المتقدمة؟ ويأتى علينا اليوم الذى يخرج فيه المشجع مبتسما.. راضيا بأداء فريقه، رغم أنه خسر المباراة؟ مسألة تحتاج إلى جهد خيالى، وعمل شاق لتغيير طريقة تفكير الناس.. ويبقى للإعلام الدور الرئيسى فيها، فهو القوة القادرة على فعل المستحيل.. وإنجاز الصعب، ولكن هناك مشكلة واحدة.. حقيقية، وهى أن الإعلام نفسه محتاج.. يتعالج الأول!! ** لا أحد يرضى عن أداء التحكيم فى مصر.. ويعلن الكل عن رأيه هذا بكل الوسائل، ومن جانب الجميع.. إعلاميين، وجمهورا، ومسئولين، ولاعبين، وأجهزة فنية.. وفى المقابل نجد هناك من ينتقد كل هذا الذى يعانيه الحكم، وقد يكون هناك بعض الحق مع بعض هذه الانتقادات، ولكن الحكم فى النهاية بشر.. يخطئ فى الملاعب المصرية، ويخطئ فى أى ملعب على امتداد الكرة الأرضية، وقد يكون معدل الأخطاء أعلى بعض الشىء عندنا.. ولكن الفارق بيننا وبين غيرنا من العالم المتحضر، هو الرضا الكامل بأى قرار يتخذه الحكم، مهما كان.. وقد شهدنا أخطاء تطيح بفرق كبرى خارج بطولات كبرى، وحقيقية، غير تلك الهزيلة والوهمية التى تقام على ملاعبنا، ومع ذلك لا تقوم الدنيا ولا تقعد.. كما يحدث فى مصر!! هل تعرفون ما الفارق بين هنا.. وهناك؟ إنها الثقافة العامة للمجتمع، واحترام شخصية الحكم، فقد تعبوا كثيرا فى تعليم الناس هناك أن يتقبلوا جميع قراراته حتى لو كانت خاطئة.. بينما الناس هنا لا يحترمون الحكم، ويرفضون قراراته.. حتى لو كانت صحيحة، وهذا هو لا فرق بين دولة متقدمة، ودولة غارقة فى التخلف!! الحل الوحيد فى رأيى.. هو أن يتم منع التعليق نهائيا على قرار الحكم من جانب كل الأطراف.. داخل الملعب وخارجه، يعنى بالمعنى الدارج "قطع ألسنة من يتناول الحكم أو يعلق على قراراته"، وتوقع عقوبات قاسية على كل المخالفين.. دونما استثناء، وعندها سنحل المشكلة من جذورها، باعتبار أننا بنخاف من العقاب، ولكن المشكلة الحقيقية بجد.. "أن مافيش اتحاد قوى، وقادر عشان ياخد الخطوة دى"!!