منتخب مصر الكروي يمضي بخطي عملاقة أفضل كثيرا مما كان يتصور البعض.. والدليل أنه عندما عاد إلي بطولة الأمم الافريقية بعد غياب طويل.. عاد بكبريائه ومكانته وقت أن كان يحصد البطولات والألقاب. لا فرق عندي.. بين أن يكمل المنتخب الوطني مشواره حتي النهاية في الجابون.. أو أن يخرج قبل أن يصعد إلي منصة التتويج.. طالما أنه قدم.. ويقدم أفضل ما لديه برجولة واصرار.. وثقة في أن القادم سيكون أحسن. والمدهش والعجيب.. أن يثبت هيكتور كوبر جدارته ونجاحه بهذه الدرجة الرفيعة.. في نفس الوقت الذي ينقده ويهاجمه شريحة كبيرة في الشارع الكروي.. والواقع إن هذا إذا كان مقبولا من المواطنين الذين تحركهم مشاعرهم وانتماؤهم، فإنه غير مقبول علي الاطلاق ممن يدعون أنهم »فاهمين كورة» من خلال تحليلات »جهنمية» يفتقدون من خلال طرحها أنهم الأجدر علي التقييم، وليس غيرهم. بصراحة.. ما قدمه كوبر من فكر وتكتيك يشير إلي أن معظم حضرات الأفضل من المدربين الوطنيين »ماعندهمش فكرة»! عندما كانت كل الظروف مهيأة أمام منتخب مصر من امكانيات ودعم واعداد جيد ومكافآت بالهبل.. وعندما كانت المسابقات المحلية منتظمة، والدوري ساخن بحضور جماهيري مكثف.. وعندما كانت موازنات الأندية والعرف علي كرة القدم بلا حدود.. عندما كان هذا.. فشل المنتخب الوطني في التأهل لنهائيات كأس العالم. تولي كوبر المهمة، ولم يكن هناك منتخب، بعد اعتزال معظم لاعبي الجيل الذي حقق بطولات افريقيا.. ومعظمه طبعا من صناعة الأهلي في وجود جوزيه.. وكانت آخر مصيبة قبل أن يتولي كوبر هي الهزيمة الثقيلة أمام غانا 6/1.. والتي قادت النجوم السوداء إلي كأس العالم بالبرازيل. المهم.. جاء الساحر الأرجنيتني - من وجهة نظري - وأقام بنيانا لمنتخب جديد.. ويحسب لمجلس جمال علام أنه هو الذي تعاقد مع هذا المدرب القدير. كان أحفاد الفراعنة بعيدون عن نهائيات أمم افريقيا.. وإذا به ينجح في تحقيق الأمنية، التي كانت في الماضي القريب مسألة عادية جدا أن يذهب المصريون إلي النهائيات.. ولكن بعد غياب 6 سنوات.. وفي ظل ظروف غير مواتية.. استطاع بفكره أن يزيح نيجيريا من طريقه، ويبعدها تماما عن حجز تذكرة إلي الجابون. ليس هذا فقط.. وانما كان كوبر يقود المنتخب لانجاز أكبر وأعظم في تصفيات كأس العالم، ليفوز علي الكونغو في برازافيل، ويهزم غانا في برج العرب ويقترب من أهم وأخطر حلم يداعب أهل المحروسة وهو العودة إلي المونديال بعد غياب أكثر من ربع قرن صنع خلاله مجدي عبدالغني أمجادا تاريخية لنفسه لأنه صاحب الهدف الوحيد في مونديال 1990.. من ضربة جزاء! وما يدعو إلي احترام هذا المدرب الذكي.. أنه ليس من أصحاب مدرسة »امساك العصا من النص» فلم يتحدث قبل السفر إلي الجابون عن أن التأهل لكأس العالم أهم .. أو انه لا يعد بمكاسب أو انتصارات، ولم يستخدم العبارات »إياها» التي يحمي بها نفسه إذا أخفق.. كما يفعل غيره عادة.. وإنما قال أنه سيذهب إلي بطولة الأمم ليفوز في أي مباراة يلعبها. هذه النوعية من المدربين.. تحتاجها الكرة المصرية، لأنه يفكر ويدرس ويبحث ويخطط.. ولا يأخذها »فهلوة» مثل بعض هؤلاء الذين ينتشرون في الدوري المحلي! من محاسن الصدف.. أن يقع منتخب مصر مع غاناوأوغندا في مجموعة واحدة بالجابون.. ومن الرائع جدا أن يفوز المنتخب الوطني علي الفريقين اللذين سيلاقيهما في تصفيات المونديال. أقولها.. وكلي ثقة.. أن غانا كانت البوابة التي دخل منها أحفاد الفراعنة لانعاش أمل المونديال.. وأن أوغندا ستكون البوابة التي سيسافر منها المصريون إلي موسكو. شاهدت قبل مباراة مصر والمغرب برنامج »فهيتة».. وكم أحزنني أن تتريق الست فهيتة علي لاعبي المنتخب وعلي كوبر، بهذه الصورة السيئة.. سخرية وصلت لدرجة الإهانة.. هذا حسب ما فهمت. ولا أدري.. لماذا »الطنطيط» علي منتخب البلاد وهو الذي أسعد الملايين، وكان بحاجة قبل مباراة مهمة أن يلقي الدعم بكلام مفيد، بدلا من هذا »الهلس». الكوميديا.. لها أصول