تتصاعد الشجارات في مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا؛ حيث تمتزج حرارة الجو مع صيام شهر رمضان والظروف المعيشية القاسية وما يقول اللاجئون إنها معاملة سيئة من جانب السلطات التركية. وقالت أم عمر غاضبة وهي تجلس مع أطفالها الأربعة بعد أن اختنقوا بالغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات شرطة مكافحة الشغب التركية لتفريق شجارات على توزيع الطعام في مخيم كيليس يوم الأحد الماضي "انفطرت قلوبنا. لماذا يفعلون هذا معنا؟"، وقالت وهي تشكو من عدم كفاية وجبة الإفطار: "نحن صائمون". واندلعت الشجارات في مخيمات أخرى هذا الأسبوع بين اللاجئين وكذلك بينهم وبين قوات الأمن التركية وهو ما يسلط الضوء على واحد من التحديات العديدة التي تواجهها تركيا نتيجة للصراع المستمر في سوريا. وقد تتفاقم هذه التحديات وربما تجبر تركيا على تغيير سياستها التي تتضمن حاليا خليطا من السماح باستقبال اللاجئين وإيواء المنشقين على الجيش السوري وتعزيز الوحدة بين المعارضة السورية المنقسمة والسماح بهدوء بمرور التمويل الأجنبي والسلاح للمعارضة التي تسعى إلى إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد. اللاجئون وتقول تركيا إن 70 ألف سوري عبروا الحدود لكن 26 ألفا منهم عادوا مما يجعل عدد اللاجئين السوريين في تركيا 46 ألفا يعيشون في 8 مخيمات تصطف فيها الخيام وفي كيليس التي يقيم فيها 12 ألفا في صفوف من المنازل الجاهزة وراء جدار معدني مرتفع تعلوه الأسلاك الشائكة. وتستطيع تركيا حتى الآن التعامل مع هذه الأعداد من اللاجئين على الرغم من المشكلات التي تقع بين الحين والآخر لكن تصاعد موجة مفاجئة من القتال هذا الأسبوع في مدينة حلب الشمالية - على بعد 50 كيلومترا فقط من الحدود مع تركيا - يشير إلى مخاطر نزوح موجة ضخمة من اللاجئين. وانتقل سكان وجدوا أنفسهم وسط المعارك في حلب - العاصمة التجارية الضخمة لسوريا - إلى مناطق أكثر أمنا في المدينة التي يقطنها نحو أربعة ملايين نسمة بدلا من التوجه إلى تركيا. وقبل اقل من عشرين عاما فر مئات الآلاف من الأكراد العراقيين إلى الجبال التركية بعد حرب الخليج عام 1991 خوفا من هجوم محتمل لقوات صدام حسين بالغازات السامة. وفي ذلك الحين لجأت تركيا لحلفائها الغربيين الذين فرضوا حظرا للطيران فوق شمال العراق بما يسمح للاجئين بالعودة. التدخل وفي الأزمة السورية أشارت تركيا أكثر من مرة إلى أنها قد تعمل لمنع أي موجة ضخمة من اللاجئين لكنها لم تعلن عن الإجراءات التي قد تتخذها ماعدا السعي للحصول على موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو على الأقل تأييد حلفائها في حلف شمال الأطلسي لأي شكل من أشكال التدخل. وشددت تركيا من إجراءاتها العسكرية على الحدود بعد أن أسقطت سوريا طائرة حربية تركية في ظروف متنازع عليها الشهر الماضي لكنها لم ترد على هذا الحادث بشكل مباشر. وقال مسئول تركي طلب عدم الكشف عن هويته: "إن المنطقة العازلة والممرات الإنسانية والملاذ الآمن كلها أفكار غامضة ستتطلب قرارات دولية". وفي الوقت الحالي يبدو الزعماء الأتراك قلقين لكنهم يركزون بشكل اكبر على التعامل بشكل افضل مع اللاجئين الذين تستضيفهم تركيا بالفعل. احتياطات وقال بشير اتالاي -نائب رئيس الوزراء- يوم الثلاثاء الماضي بعد مناقشة مسئولين كبار في أنقرة مشكلة اللاجئين والاضطرابات التي وقعت في الآونة الأخيرة في المخيمات: "لا نتوقع أي موجة غير عادية، لكننا نتخذ الاحتياطات في حالة وقوع مفاجآت." وبعد عقود من العلاقات المتوترة نجح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في تحسين العلاقات مع سوريا حتى تجاهل الأسد نصيحته العام الماضي بتخفيف حدة الانتفاضة بإصلاحات جذرية وبدلا من ذلك أرسل دباباته لإخماد الاحتجاجات المناهضة له. وانضمت تركيا إلى عديد من الدول الغربية والعربية في مطالبة الأسد بالرحيل وتشعر بخيبة الأمل لغياب التوافق الدولي على هذا المطلب مع معارضة روسيا والصين وإيران والعراق لأي انتقال للسلطة في سوريا بالقوة. وقال مسئول تركي آخر طلب عدم الكشف عن هويته: "بصراحة لا أظن التحول الدبلوماسي محتملا في الوقت الحالي حتى على الرغم أن تركيا تأمل ذلك وتسعى إليه." وأضاف: "وجهة نظري الشخصية هي أننا سنرى نهاية عنيفة للصراع لكن حتى هذه اللحظة لا أرى أي رغبة في التدخل من تركيا أو من احد غيرها، وسيتوقف الأمر كثيرا على نوع الحكومة التي تنشأ في النهاية من الحرب في سوريا حيث من المتوقع أن تتصدى جماعات المعارضة المتسيدة على الأرض لأي محاولة لمعارضين سوريين يقبلهم الغرب في المنفى لتولي السلطة".