إجراء عاجل من وزير الزراعية بشأن أسعار الأسمدة(فيديو)    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية    ترامب: سأكون فخورا بقصف مصانع الكوكايين داخل كولومبيا والمكسيك    حسام حسن: استفدنا من مواجهتي أوزبكستان وكاب فيردي.. وأتمنى دعم المدرب الوطني    مشاجرة دامية في كرداسة.. وتجديد حبس المتهمين بعد سقوط مصابين    كلب ضال يهاجم المارة في الجيزة.. إصابة 5 أشخاص والنيابة تحقق    محمد رمضان أمام الاستئناف 17 ديسمبر.. بعد حكم حبسه سنتين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    بعد تصريحات السيسي.. عمرو أديب: "ألغوا الانتخابات يرحمكم الله"    مهرجان أسوان يفتح باب التقديم لورش صناعة الفيلم    الصحة: لم نرصد فيروسات جديدة هذا العام.. والإنفلونزا الأكثر انتشارا    لا تستر على مخالفة أو مخالِف |«الهيئة الوطنية»: فحص دقيق لتظلمات «النواب» وإلغاء الانتخابات إذا لزم الأمر    جائزة الأسد الذهبي.. صلاح الثاني وحكيمي أفضل لاعب أفريقي في 2025    أهلي جدة يدرس رحيل توني وتجديد عقود الثلاثي الأجنبي    توقيع الكشف الطبي على 1563 مريضًا خلال 6 قوافل طبية بمديرية الصحة في الإسكندرية    تشكيل ألمانيا الرسمى لمواجهة سلوفاكيا فى الجولة الأخيرة بتصفيات المونديال    إنجاز تاريخي جديد.. الرماية المصرية تحقق 8 ميداليات في بطولة العالم لمسدس وبندقية القاهرة    وزير التعليم: نهدف لإعداد جيل قادر على الإبداع وصانع للتكنولوجيا وليس مستخدما لها فقط    تصفية 6 عناصر إجرامية خلال مواجهات مع الأمن بالبحيرة    نظر محاكمة عاطلين بتهمة الاعتداء على صديقهما وإحداث عاهة مستديمة بالأزبكية.. غدًا    تعليمات حاسمة لمديري المدارس بمتابعة التقييمات وسجلات رصد الدرجات بالفيوم    شروط استحقاق حافز التدريس للمعلمين    غدا.. "الوطنية للانتخابات" تعقد مؤتمرا صحفيا لإعلان نتائج الجولة الأولى من انتخابات النواب    لأول مرة رضوى الشربينى تشارك فى الإعلانات مع أحمد سعد    ارتفاع تدريجي في الحرارة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الثلاثاء 18 نوفمبر 2025    جهود مكثفة لكشف ملابسات العثور على جثة شخص فى حلوان    3 دقائق للتنقل بين سيناء والوادى    بالصور.. جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تنظم ندوة "عودة الوعي الإسلامي الرشيد لشباب الجامعات" بحضور مفتي الجمهورية    الحكومة تدرس مقترح بتشكيل لجنة لتعزيز الهوية الوطنية بالمناهج الدراسية    غيرت عملة لشخص ما بالسوق السوداء ثم حاسبته بسعر البنك؟ أمين الفتوى يوضح    كيف تغير الموسيقى مزاجك؟.. دليلك لاختيار الأغاني المناسبة    نائب محافظ الدقهلية يتفقد مدينة جمصة والمنطقة الصناعية    وزيرة التضامن ومحافظ الفيوم يتفقدان مشروع خدمة المرأة العاملة بالحادقة    تفاصيل محافظات المرحلة الثانية والدوائر والمرشحين في انتخابات مجلس النواب 2025    "من أجل قلوب أطفالنا"، الكشف الطبي على 288 حالة في مبادرة جامعة بنها    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية للشئون السياسية    صادرات مصر من السلع نصف المصنعة بلغت 868.7 مليون دولار خلال يوليو 2025    رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة تعقب على حكم الإعدام.. ماذا قالت؟    شيخ الأزهر يستقبل وزير التعليم العالي التشادي ويناقشان تعزيز التعاون الدعوي والعلمي    شاهد مناورة ودية.. "بث مباشر" مباراة مصر والجزائر اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025    تشكيل منتخب مصر المشارك في كأس العرب لودية الجزائر    وكيل تعليم بني سويف تتابع انتظام الدراسة بمدارس المحافظة    الأسهم الأوروبية تستقر مع إعادة تقييم توقعات خفض الفائدة الأمريكية    توم كروز يتوّج ب أوسكار فخري بعد عقود من الإبهار في هوليوود    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوداني رفض مصر الكامل لأي محاولات تستهدف تقسيم البلاد أو الإضرار باستقرارها    استجابة لأمر ترامب.. العدل الأمريكية تحقق فى صلة جيفرى إبستين بكلينتون وآخرين    موعد قرعة الملحقين الأوروبي والعالمي المؤهلين ل كأس العالم 2026    مصلحة الجمارك: منظومة ACI تخفض زمن الإفراج الجمركي جوا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    إعادة الحركة المرورية بعد تصادم بين سيارتين على طريق "مصر–إسكندرية الزراعي"    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    كوريا الجنوبية تقترح محادثات مع نظيرتها الشمالية لترسيم الحدود    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    مسؤول بحرس الحدود يشيد باعتقال مهاجرين في كارولينا الشمالية رغم اعتراضات محلية    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    رئيس شعبة الذهب: البنك المركزي اشترى 1.8مليون طن في 2025    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا صفقة سوبر وشيكو بانزا «غير سوي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرتنا للواقع التركي

بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء الدستوري الذي سيجرى اليوم في الجمهورية التركية، وعلى أساسه ستتحول الدولة إلى النظام الرئاسي (أو تبقى على حالها)، فإن هناك ملاحظات عدة عنّ لي أن أكتبها للقارئ الكريم، عسى أن يكون فيها بعض الفائدة.
لن أتحدث عن الشأن التركي بالعمق الذي قد يتوقعه البعض، بل أتحدث عن مجمل الكتابات التي امتلأت بها الصحف والمواقع الإلكترونية العربية في تحليل ما يجري في تركيا.
اتسمت الغالبية العظمى من تلك الكتابات بالصفات التالية:
أولا: الجهل المعلوماتي الشديد بالواقع التركي
كثير من الكتابات كان من الواضح أنها لا تملك المعلومات الكافية عن الدولة التركية ومؤسساتها، وسهّل ذلك تمرير كثير من المعلومات المغلوطة للقارئ الكريم، واشترك في ذلك من يؤيد النظام ومن يعارضه.
وكان من الواضح أيضا على غالبية المتحدثين أنهم لم يقرأوا التعديلات الدستورية محل النقاش، أو اعتمدوا على ترجمات رديئة لا تعبر عن حقيقة ما يحدث، أو عبّرت عن رغبتهم في إظهار حسن أو قبح تلك التعديلات.
ثانيا: لهجة اليقين المطلق

غالبية المتحدثين في الشأن التركي (خصوصا في موضوع التعديلات الدستورية) تحدثوا بلهجة يقينة تدفعنا للتساؤل.. من أين جاء هؤلاء بكل هذا اليقين في مشهد شديد التعقيد، في بلد لا يعرفون عنه شيئا؟
من يؤيد التعديلات يتحدث بلهجة يقينية لا يساورها شك في أن تلك التعديلات ستفتح أبواب الخيرات على تركيا، ومن يعارضها يتحدث باليقين نفسه عن أن أبواب الجحيم على وشك أن تفتح أيضا!
ثالثا : التحيز الأيدولوجي
وهو تحيز له شكلان، الشكل الأول تحيز ضد النظام الحاكم في تركيا، وهؤلاء اجتهدوا في إظهار كل قبح ممكن في التعديلات الدستورية محل الاستفتاء.
والشكل الثاني هو التحيز للنظام الحاكم، وهؤلاء كانت ردودهم أيضا تتسم بالتحيز المطلق المفتقر للمعلومات.
للأسف الشديد.. لم يتورع الفريقان عن الكذب الصريح أحيانا للوصول للهدف المنشود، أو استخدام الدين في أحيان أخرى، بهدف شيطنة أو تقديس ما يقوم به النظام التركي حاليا.
رابعا: المقارنات المغلوطة
من أسوأ طرق تسويق الأفكار في المعركة الدائرة حاليا كانت إجراء المقارنات المغلوطة التي تستهدف خلط الأوراق، مثل مقارنة تلك التعديلات الدستورية ببعض بما قامت به الأنظمة الاستبدادية من تعديلات شكلية بعد قتل عشرات الآلاف من المواطنين، أو طرح سؤال من قبيل (ماذا لو أجرى الحاكم الفلاني (السفاح) مثل تلك التعديلات ... هل كنتم ستوافقون عليها؟؟؟).
وكأن الوطن العربي يعيش في تخلف بسبب تعديلات دستورية أجرتها الأنظمة!
أو كأن هؤلاء الحكام يحكمون بالدساتير لكي نأخذ تعديلاتهم الدستورية على محمل الجد.. ونناقشها!
على الجانب الآخر كان هناك من يقارن بين التجربة التركية وبين تجارب بعض الأحزاب والجماعات الإسلامية في الوطن العربي.
وهي مقارنة مستحيلة من أساسها، تقارن بين تجربة وطنية تقدمية (لها جذور تحترم الإسلام بمعناه الحضاري)، وبين جماعات تصف نفسها بالإسلامية وهي لا تفهم مقاصد الإسلام، وللأسف الشديد يقودها قيادة لا تعيش في هذا العصر، ولا تكاد تفهم الواقع المتغير الذي يحيط بها.
خامسا: نزع المعلومات من سياقها
هناك من كان حريصا على إظهار وجه قبيح للديمقراطية التركية، من خلال إظهار قوائم المعتقلين، وقوائم الصحف والمواقع الإلكترونية التي أغلقتها الدولة التركية، وغالبية هذه القوائم (من الناحية الإحصائية) سليمة، ولكن الحقيقة أن هذه المعلومات منزوعة من سياقها تماما.
فغالبية هذه القوائم تواجه تهما حقيقية بالإرهاب، وأحكاما قضائية كذلك، وهي تابعة لمنظمات حملت السلاح علنا ضد الدولة التركية (لاحظ كلمة علنا)!
سادسا: المبالغة في المساوئ
التعديلات الدستورية فيها كثير من الفوائد لاستقرار الدولة التركية التي عانت كثيرا بسبب الحكومات الائتلافية التي يسهل تعويق عملها من أي قوة داخلية أو خارجية (وهذا أمر عانت منه تركيا لعشرات السنين).
ومسألة إظهار التعديلات وكأنها شر مطلق لا خير فيه بتاتا -كما يحاول البعض- لا تعدو أن تكون تزييفا مخلا للواقع، وهو واقع مركّب ليس من السهل الإلمام به بهذه الخفة التي تحدث بها غالبية المعلقين على الشأن التركي (مؤخرا).
كما أن محاولة إظهار الخطاب الذي يُسَوَّقُ به التصويت ب"نعم" وكأنه اتجاه شعبوي متطرف، والمقارنة بينه وبين خطاب هتلر أو ترامب.. لا يعدو أن يكون مبالغات ممجوجة، لا يمكن أن يحترمها باحث محايد.
سابعا: الاستهانة بالمخاطر
هناك من يستهين بمخاطر بقاء بعض الأشخاص في السلطة لفترة طويلة، ويبرر ذلك بشتى الحجج.
صحيح أن كل من في السلطة في تركيا منتخب، ولكن التجربة البشرية تقول إن طول بقاء أشخاص بأعينهم في السلطة أمر مضر للأفراد، وللدول، والدولة الفتية التي تتقدم هي الدولة التي تستطيع أن تنجب القادة باستمرار.
وهي الدولة التي يحدث فيها التداول الطبيعي للسلطة في أزمنة معقولة، بحيث تجمع بين مميزات الاستقرار ومزايا التجديد.
خلاصة القول، ما زالت غالبية الكتّاب في وطننا تتحدث في كثير من المواضيع بشكل سطحي، ودون إلمام، ويبدو أن خلافاتنا واستقطابنا الداخلي في الدول العربية أصبح عنوانا نقرأ به عناوين الأحداث في العالم كله.
وهذا إن دل على شيء فيدل على أننا أمام نخب شديدة السطحية، غير قادرة على بذل المجهود البحثي اللازم للكتابة في موضع ما، أو في تقييم مسألة ما، مهما بلغت بساطتها.
نحن عاطفيون، تحركنا تحيزاتنا التي لم يأت لنا من ورائها إلا كل الخراب، وأصبحنا نرى العالم كله من خلال تلك التحيزات المقيتة المميتة.
في النهاية، لا أستطيع سوى أن أحيي المتخصصين الحقيقيين في الشأن التركي، هؤلاء ستجد كتاباتهم ممتلئة بالمعلومات الصحيحة، وبالتحليل المبني على المنطق لا التحيز الأيديولوجي السطحي.
كما أنهم يتحدثون بلهجة شديدة التواضع لا بتلك اللغة اليقينية الركيكة، كما أنهم يضعون كل حدث في حجمه، وكل معلومة في سياقها، دون مقارنات مغلوطة، ودون محاولة إظهار مساوئ أو مميزات وفق الهوى.. لهؤلاء -وهم يعدون على أصابع اليد الواحدة- شكر جزيل.
وما زلت أنصح القارئ الكريم بالعودة إلى المختصين الحقيقيين في الشأن التركي.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.